• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح46 سورة آل عمران .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح46 سورة آل عمران

بسم الله الرحمن الرحيم 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{130}
الملاحظ في كل خطاب مباشر انه ينهي عن شيء , ويأمر بشيء واحد على الاقل , و في هذه الاية الكريمة ورد النهي عن شيء واحد , وامر بشيء واحد , حيث احتوى هذا الخطاب على :
1- (  لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً ) : نهي عن الربا . 
2- (  وَاتَّقُواْ اللّهَ ) : امر بتقوى الله .  
الملاحظ في الاية الكريمة , انها بعد ان نهت عن الربا , وامرت بالتقوى , ختمت بـ (  لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) .  
 
وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ{131}
يستمر الخطاب المباشر , مع التأكيد على التقوى , واجتناب نار العذاب . 
الملاحظ في الاية الكريمة , انها اختتمت بـ (  النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ) , قد يتصور البعض ,  ان النار جزاء الكافرين فقط , حسب منطوق و مضمون نص الاية الكريمة ,  اما المؤمنون في امان منها , لكن المؤمن مهما كان ايمانه راسخا وقويا , لابد ان يكون قد اقترف بعضا من الذنوب , في غفلة او جهل او لاي سبب اخر , فتجب عليه العقوبة ذلك الحين بدخول النار , لكن لمدة محدودة ( غير مخلد فيها ) , و هو ما يعرف بعذاب الرحمة , كما اشار اليه السيد الخميني (رض) , اما عن النار كمكان ومستقر فهو خالص للكافرين فقط ! .       
 
وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{132}
يأمر الخطاب بنوعين من الطاعة : 
1- (  وَأَطِيعُواْ اللّهَ ) . 
2- (  وَالرَّسُولَ ) .       
واقع الحال , ان كلا النوعين لهما نفس المضمون , كون طاعة الرسول جزءا من طاعته عز وجل , وكون الرسول لا يأمر الا بما امر الله جل وعلا به . 
اختتام الاية الكريمة ملفت للنظر , بعد الامر بالطاعة جاء النص المبارك (  لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) ! .    
 
وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ{133}
يحفز الخطاب المؤمنين الى امرين غاية في الجمال : 
1- (  وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ) . 
2- (  وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) . 
ما يلفت النظر في الاية الكريمة , انها ذكرت امرين محببين الى النفوس ( المغفرة والجنة ) , ثم اختتمت بــ (  أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) , بعد ان اكدت الايات الكريمة السابقة على موضوع تقوى الله . 
   
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{134}
تذكر الاية الكريمة مجموعة من اعمال المتقين , او من ستشملهم فقرات الاية الكريمة السابقة : 
1- (  الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء ) .  
2- (  وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ) . 
3- (  وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) .         
امرين يلفتا النظر في الاية الكريمة : 
1- (  وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) : لا شيء يعدل ان يكون العبد في هذا المحل . 
2- ثناء الله تعالى على من يتصف بهذه الصفات , لهو من ازكى وانمى وافضل الامور .          
 
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{135}
يستمر الخطاب المباشر مبينا جانبا من جوانب المتقين , ذاكرا مجموعة اخرى من اعمالهم : 
1- أ ) (  وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً ) . 
ب) (  أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ) . 
في هذين الموقفين السلبيين , يقوم المتقين بأمرين ايجابيين : 
أ‌) (  ذَكَرُواْ اللّهَ ) .
ب‌) (  فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ ) .       
2- (  وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) : وهذا اهم شرط في قبول التوبة والاستغفار ( عدم الاصرار على المعصية ) .
       
أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{136}
بعد ان بينت الايات السابقة , اعمال المتقين , يستمر الخطاب المباشر لبيان منزلة وثواب اعمالهم , فكان على نحويين : 
1- (  أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ  ) . 
2- (  وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ ) .
الملاحظ واللافت للانتباه في الاية الكريمة , انها اختتمت بـ (  وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) , من ذلك نستنتج ان هناك نوعين من المتقين : 
1- متقي عامل : وهو المقصود في نص الاية الكريمة , حيث هؤلاء لا يكتفون بالعمل بالواجبات وترك المحرمات فقط , بل يزيدون عليها العمل بالمستحبات وترك اواجتناب المكروهات , واداء المندوب من الاعمال الخالصة لله تعالى . 
2- متقي غير عامل : يكتفي هذا النوع من المتقين بالعمل على اداء الواجبات وترك المحرمات فقط , لكنه لا يضيف الا القليل من المستحبات , وترك المكروهات , وربما لا يقوم بأعمال مندوبة لله تعالى . 
 
قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ{137}
الاية الكريمة في محل توجيه للناس عامة , وللمؤمنين خاصة , لمتابعة وقراءة ومطالعة التاريخ , ودراسته , لاخذ العبرة والاتعاض بأحوال الامم السابقة .   
 
هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ{138}
تشير الاية الكريمة , ان المؤمن الناصح يستنتج  من كل ما تقدم , ثلاثة امور رئيسية : 
1- (  هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ ) . 
2- أ) (  وَهُدًى ) . 
 ب) (  وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ) .       
يلتفت نظر المتأمل في الاية الكريمة الى انها وجهت البيان لكافة الناس , اما الهدى والموعظة فمن نصيب المتقين فقط ( او ان المتقي هو من يتعظ ) ! . 
 
وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{139}
تطمئن الاية الكريمة المؤمنين , بــ (  وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ ) , طالما وان المؤمنين هم الاعلون , فلا داعي لامرين : 
1- (  وَلاَ تَهِنُوا ) .
2- (  وَلاَ تَحْزَنُوا ) .     
 
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ{140} وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ{141}
تشير الايتين الكريمتين , الى ان المؤمنين يجب ان تمر عليهم ظروف قاسية , هي بمثابة التجارب على انواع المعادن , كي يستخرج منها المعدن الثمين , النفيس , الاصيل , وهم المؤمنون , اما حثالة المعدن , فتوضع في مكانها اللائق بها , وهم الظالمين ( الكافرين ) . 
وايضا بمثابة الاختبار ( الامتحان ) , الذي يتعرض له التلميذ , قبل ان ينال شهادة ( وثيقة ) النجاح , كي ينتقل الى مرحلة اخرى , أعلى من المرحلة التي هو فيها , وهم المؤمنون , اما التلميذ الراسب , فلا ينال سوى الخزي والعار , وهم الكافرون ! .  
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
حيدر الحدراوي
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=21137
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 08 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15