اتابع في بعض الاحيان لقاءات ثقافية لا تخلو من فائدة مع شخصيات قد لا اتفق ورؤيتهم وحتى اطروحاتهم وعدم الاتفاق ليس مزاجي بل علمي موثق بالمصادر ، وقد لفت انتباهي قاسم مشترك لاغلبهم في نقاشاتهم وتحديدا ما يخص الدين ، فاغلبهم يناقشون بسطحية مطلقة ، أي يناقشون رجال ولا يناقشون افكار ، وان تطرقوا لفكر ما فان رؤيتهم تكون ناقصة او مبتورة حيث يتم بتر ما يحتاجونه لاثبات رايهم .
ودائما الفقيه او رجل الدين يكون مستهدف من قبلهم ، واقول لهم ثبت الحجر ثم انقش ، وتثبيت الحجر دراسة الفكر ودراسة الفكر ناقش الفقه او الدين .
بداية كلمة "فقه" تعني لغة الفهم والإدراك، وغالباً ما يُطلق معناها اصطلاحاً على العلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية. يشمل هذا العلم معرفة الأحكام التي تنظم حياة الفرد والمجتمع من عبادات ومعاملات وعقوبات ، وبهذا ارتبطت كلمة فقه بالدين والفيقه برجل الدين .
تابعت لقاءً للدكتور خزعل الماجدي وهو يذكر الدين باعتباره شخصي يعني يخص شخص وليس مجتمع وهو يسكن في الروح والعقل ولا علاقة له بالعلم وحتى قيادة المجتمع، حقيقة راي عجيب ، فالدين الاسلامي من المؤكد مصدره القران ، وعندما تقرا ايات تتحدث عن الفلك وعلم الاجنة والزراعة وحتى صناعة الحديد (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ) والميزان بالقسط والتعامل التجاري وتحريم الربا ، هذا ناهيك عن قانون الاحوال الشخصية والارث لضبط نسل المجتمع ، فهل هذه علوم روحانية ام تشريعات لقيادة مجتمع وتطويره العلمي ؟!!
واما رشيد الخيون وهو يتحدث عن الطائفية فانه يذكر مواقف طائفية من كل الطوائف لكنه يقسو على الشيعة عندما يظهر منهم طائفي ، و رايه هذا بحد ذاته طائفي بين الشيعة والعلمانية من جهة والشيعة والسنة من جهة اخرى، والطائفية مرفوضة اذا كانت فعل او رد فعل ومن أي طائفة كانت .
والعجب انه يثني على العهد الملكي بانه لم يكن طائفي وكل الوزارات ( اكثر من خمسين وزارة ) كانت تمنح للشيعة وزارة او وزارتين لا اهمية لها وتكون خاضعة للمندوب البريطاني مع العلم ان الشيعة هم الاكثرية فهل حقهم وزارتين ، وثمانين سنة لا يحق للشيعة ان يحكموا بل حتى المناهج الدراسة طبقا لتاريخ القوم ، اقول هذا ليس للتنكيل بل للتاكيد على الحقيقة التي يتجاهلها الخيون .
والفقيه وبالتحديد ولاية الفقيه التي اشغلت واشعلت العالم وعادت من ينادي بها بل حتى من ابناء الملة ، لماذا هذا التعصب ؟ انا لست من دعاة ولاية الفيه بل من دعاة الحكم الاسلامي ، فان الفقيه يعمل بما امكنه من اجل تطبيق الشريعة الاسلامية ، ولانه يريد ذلك فمن الطبيعي ان تظهر دول وطوائف معادية للفقيه ، ولكن هل يستطيعون ان يناقشوا الفقه او يردوا على الفقه بالفقه بما يفقهون ؟ .
يستشهد الماجدي والخزعلي وابراهيم عيسة وسروش وقبلهم شريعتي والوردي ومليكيان وغيرهم بمواقف فردية لاشخاص لهم مكانتهم وفق اجتهادهم فيجعلونها عنوانا ودليلا على ما يذهبون اليه ، بينما هنالك مئات المواقف بخلافها لا يذكرونها ، واتذكر ان للدكتور الخيون كتاب عن المشروطة والمستبدة ذهب فيه بعيدا عن اصل الموضوع وطرح افكارا واراءً احادية لغرض التعميم ويوجد بخلافها في الاصل والتعميم .
الدين الاسلامي يهيء ارضية سليمة للنهوض العلمي ، والعلم هو من فروع الدين وتاكيد الدين عليه وليس هو ضد الدين ، ولان الارضية التي انتعش بها العلم في الغرب ليس فيها تراث اسلامي اطلاقا فكانت نتائج استخدامهم للعلوم ابادات واعتداءات في المنطقة العربية الاسلامية والعداء الاقوى ضد بلد ولاية الفقيه واعلنوها مرارا وتكرارا العمل على اسقاط حكم الفقيه ، لكن هل يستطيعون مواجهة الكلمة بالكلمة ؟ الم يتواجهون بخصوص الملف النووي وانتهوا الى اتفاق يرضي كل الاطراف ؟ فلماذا نكث العهد والوعد ترامب ( الارهابي التجاري ) ، لانه لا يؤمن بالكلمة ولا بالفكرة ، فاين دعاة العلم من هكذا اعمال ارهابية وجرائمية في المنطقة ؟
