أبا الفراتينِ ما أدري أحيّيكا
أم بالمدامعِ لَمْ ترقأْ أُواسيكا ؟
تنهلّٰ وبلاً على خدّيَّ جاحمةً
والقلبُ يبكي دماً أشجاهُ ما فيكا
أضحى الصعاليكُ في بغدادَ سادتَها
وخيرةُ الناسِ في المنفى صعاليكا !!!
يا نهرَ دجلةَ ماذا قَدْ دهى بَلَدِي
شرُّ الكوابيسِ أمْ في الصحوِ ابكيكا ؟!!!
يأبى لساني وقلبي لا يطاوعني
ومجدُكَ الضخمُ والتاريخُ أرثيكا
يا نهرَ دجلةَ أنّى تشتكي ظمأً
إنَّ الحضاراتِ كانتْ من أياديكا
يا نهرَ دجلةَ كنتَ الدهرَ أُغنيةً
تندى الشفاهُ بها لمّا تغنّيكا
يا نهرَ دجلةَ يا تربَ الزمانِ مدىً
سفرُ الحضاراتِ مكتوبٌ حواليكا
ِرِيَّ العراقِ أ تشكو اليومَ من ظمإٍ
ومن دموع الأسى عينايَ ترويكا !!!
أينَ النوارسُ في شطّيكَ صاخبةٌ
أينَ القواربُ جذلى في لياليكا ؟
فيك النوارسُ كنتُ الأمس أغبطُها
إذ تشربُ الماءَ عذباً من شواطيكا
يا نهرَ دجلةَ صدري ضاقَ مختنقاً
بعبرةٍ حَشْرَجَتْ شوقاً أناجيكا
يانهرَ دجلةَ لم يخطرْ على خلدي
أمسي غريباً بعيداً لا أوافيكا
يا نهرَ دجلةَ قلبي ضجَّ محترقاً
من موطن الثلجِ ظمآناً يناديكا
يا نهرَ دجلةَ والأنباءُ صاعقةٌ
هوتْ على الرأسِ إذْ جفّتْ مجاريكا
أبدى لك الشرُّ مغتاظاً مخالبَهُ
تبّتْ يدا حاقدٍ قد رامَ يؤذيكا
مهدَ الحضارةِ ذي الأيامُ قائلةٌ
نزرٌ محبّوكَ بلْ كثرٌ أعاديكا !!!
لكم تمنيّتُ لي عُشّاً على فننٍ
فيهِ أُطارحُ أطياراً بواديكا
وليتني جالسٌ والشعرُ ثالثنا
على ضفافكَََ تسقيني وأسقيكا
أخشى عليكَ رعاعاً فيكَ قد همسوا
عزَّ الدواءُ ولا آسٍ يداويكا
قدِ استكانوا على ذلٍّ ومسكنةٍ
واستهونوا الخطبَ تأويلاً وتشكيكا
يا موطنَ المجد كاد الغُلُّ يقتلني
لا يرتوي القلبُ إلا من سواقيكا
في العمرِ لمّا أجدْ وقتاً أُضيّعهُ
والصبرُ قد ملّني حتّامَ أشكوكا ؟!!!
هواكَ في أضلعي ما زالَ مسكنهُ
ما كنتُ منشغلاً عنهُ وناسيكا
والقلبُ لا يرتضي (قد ضجَّ مُغترباً)
روضَ الجنانِ بديلاً عَنْ روابيكا
وليس في غربتي شيءٌ أجودُ بهِ
سوى القصائدِ من منفايَ تأتيكا
من روضةِ القلب أشواقٌ يضجُّ بها
بضاعتي الشعرُ من منفايَ أهديكا !!!
فتارةً يشتكي مما أكابدهُ
وتارةً عاتباً يشكو تجافيكا
فلا فؤادي سلا يوماً هواكَ ولا
تحنو عليهِ ألا رفقاً حنانيكا
يا بهجةَ القلبِ يا أغلى البقاعِ معا
بمهجةِ الروحِ والعينينِ أفديكا
جبتُ المنافيَ أحلاها وأجملَها
فلم ترَ العينُ أحلى من مغانيكا
