سيرة حياة السيد عبد الرسول الطالقاني 

    إن التأمل في سير العلماء يفتح أمامنا أبواب نطل منها على حياتهم ونتعلم منهم الكفاح في سبيل  الوصول للدرجات السامية.

إن تسليط الضوء على حياة السيد عبد الرسول الطالقاني يمنحنا صورة ناصعة لأنموذج إنساني متكامل، داعية إلى الله بكل إخلاص يفيض حكمة ويهدي بالموعظة الحسنة
          في وادي السلام  حيث تتعانق منابر العلم مع سمو الروح ، ولد السيد عبد الرسول بن مشكور الحسيني الطالقاني في شهر شعبان من عام ١٣١٧ه‍ منحدرًا من أسرة علوية تعرف آل الطالقاني، تلك السلالة التي جمعت شرف النسب  ورفعة المكانة، وعراقة الحسب، أزهرت في النجف الاشرف زهاء خمسة قرون.
ولهذه الأسرة قرية خاصة بهم قرب مدينة الرميثة في محافظة المثنى تعرف بقرية السادة الطالقانية، ولهم تجمعات اخرى فهم منتشرون في عدد من المحافظات. ومن تجمعاتهم في الطهمازية في محافظة بابل، والاسكندرية وكذلك التاجية في الكوفة وسوق الشيوخ والنعمانية وكربلاء وبغداد.
كان والده  العالم الجليل السيد مشكور أول من غرس في قلبه حب العلم ، فقرأ عليه المقدمات الأدبية والعلمية، وتلقى تعليمه الأوّلي على يد جمع من الأفاضل ، ثمّ حضر الأبحاث العالية ليروي عطشه من ينابيع الفكر: والده ، والشيخ محمّد حسن المظفر، والسيد أبي الحسن الأصفهاني والشيخ حسين النائيني، والشيخ محمد جواد البلاغي وغيرهم.
ليكتسب من كلّ واحد منهم بصمة تضيف إلى شخصيته سمة جديدة.
بلغ السيد عبد الرسول درجة سامية من العلم والفضل وأصاب حظاً وافراً من الحكمة والكمال، فحاز مكانة مرموقة في الحوزة العلمية واحتفى به العلماء ، فزكوه، باجازات  وشهادات صدرت عن مشايخ الاجتهاد وكبار الاعلام ، تنطق بالثناء عليه وتنبئ عما كان يتمتع به من احترام وثقة بعلمه وورعه. رشحته المرجعية الدينية للإرشاد والتبليغ في  افريقيا والهند والدول المجاورة لها وإيران ، فقام بجولات عديدة وقضى سنين طويلة في خدمة الإسلام، ينشر قيمه بروح منفتحة وعزيمة لا تلين.
أثمرت جهوده عن نهضة علمية وفكرية شهد لها رجالات الدين والفكر.
لم يقتصر عطاؤه على الفقه والدعوة، بل ترك أثرًا أدبيًا راقيًا .له مؤلفات عالمية منها  :-
١-أصول الدين وفروعه (تحقيق) محمد حسن الطالقاني - بيروت ۱۹۹۹ ، ٢-ومذكراته المخطوطة.
٣- ومحاضرات في الأخلاق.
وفي الأدب له قصائد نشرت في كتاب مستدرك شعراء الغري، وله مجموع شعري صغير - مخطوط.
تعكس قصائده ثقافته الدينية، نظم في موضوعات متعددة من أهمها: مدائحه في آل البيت، ومدائحه ومراثيه لشيوخه، وكتب عن الفخر بآبائه، وفي مدح أصدقائه وفي التشوق إلى الوطن، و يكشف عن تأثره بشعراء الصنعة في العصر المملوكي والعثماني عبر قصائده التاريخية. وله أرجوزة طريفة نظم فيها شجرة نسبه.
وآخر ما نظمه من الشعر ابيات كتبها على آخر صورة التقطت له عام 1392هـ / 1972 م وهي:
ولي في حياتي صورتان فصورة لروحي ستبقى فترة بين إخواني
وأخرى على قرطاس ترسم هيكلي وتعرض للرائين شكلي وجثماني
وما نافعي هذي ولا تلك في غد 
إذا خف في يوم المجازة ميزاني
جزى الله خيراً من تأمل صورتي 
وأهدى لروحي بضع آیات قرآن.

رحل السيد عبد الرسول الحسيني الطالقاني عن هذه الدنيا في النجف الأشرف يوم 11 شوال 1394هـ، ودُفن في الصحن الشريف، في الحجرة رقم (24). تاركًا وراءه سيرة عطرة تشهد أنه كان علمًا من أعلام العلم والجهاد والفكر.

 

عبد الرسول.jpg