قبل فترةٍ وجيزة، كتبت مقالةً في عددٍ من وسائل الإعلام بعنوان ( قامات بارزة في تاريخ الدبلوماسية العراقية)، وقد حظيت بالتقدير والثناء من عددٍ كبير من المتابعين، ومن بعض الزملاء الذين عملوا في سلك الخدمة الخارجية. تناولتُ فيها مسيرةَ عشرةٍ من السفراء الذين خدموا العراق في مراحل تاريخية مختلفة، غير أن بعض الزملاء ، وجّه إليَّ عتبًا لطيفًا لعدم ذكر أسماء عددٍ آخر من الدبلوماسيين البارزين في تاريخ العراق.
وأودّ أن أوضّح أنّني لا أتحفّظ على أيّ اسمٍ من أصحاب التاريخ الدبلوماسيّ المشرف، فالمقالة كانت قصيرةً بطبيعتها، واقتصرت على نماذجَ تمثّل حقبًا مختلفةً منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة. واستجابةً لما طُلب من أصدقائي ومتابعيَّ الأعزّاء، سأتناول بعض المقامات الدبلوماسية الأخرى، ممّن قدّموا عطاءً يشهد له التاريخ الدبلوماسيّ العراقي، وكانوا من أصحاب المواقف المشرّفة في الدفاع عن حقوق العراق، من أصحاب المواقف والكتب والتاريخ والانجازات الحقيقية في الدبلوماسية العراقية، التي وثقت نشاطاتهم في أرشيف وزارة الخارجية، لا ممّن ينتظرون الراتب الشهريّ، ومخصّصات الخدمة الخارجية والدعاية، والدعوات البروتوكولية. المتمثلة بنشاطات: (حضرتُ مأدبة عشاءٍ، أو عيدًا وطنيًّا لدولةٍ ما، وتناولت الطعام مع رجلِ أعمالٍ عراقي مقيمٍ في ساحة عملي...)، ، وفق مقولة ( صوّرني) ، التي – للأسف – انتشرت في مجتمعنا، حتى في مواقف المواساة والأحزان. سأقلب أوراق مكتبتي بما تضمّه من كتبٍ قانونيةٍ وتاريخيةٍ ودبلوماسية، إضافةً إلى كتاباتٍ ومقالاتٍ لبعض الأساتذة، وبعض وثائق التاريخ الدبلوماسي العراقي، والمواقع الإعلامية المتخصصة. سنوجز ما نعرضه بما يحقّق الهدف في إيصال رسالتنا إلى القارئ الكريم، لتمكينه من فهم هذه الشخصيات ، ومقارنتها بما يجري اليوم بعد عقودٍ من الزمن. وسنبدأ بالدبلوماسيّ الأوّل في تاريخ العراق والجزيرة العربية، ثم للبعض الآخر لحقب تأريخية مختلفة.
1-الدكتور عبد الله الدملوجي: ( 1899-1979) ، ولِد في مدينة الموصل ، قبل أن ينتقل إلى بغداد ليدرس في المدرسة الرشدية العسكرية. ثم شدّ رحاله إلى إسطنبول، حيث نال شهادة الطب من كلية حيدر باشا عام 1912. لم يكن مجرّد طبيبٍ شابٍّ طموح، بل كان يحمل في قلبه روحًا قوميةً متّقدة، دفعته إلى الانتماء لجمعية العهد السرّية الداعية لاستقلال العرب. بدأت فصول مسيرته الدبلوماسية مصادفةً حين كان طبيبًا في البصرة عام 1914، فغادرها إلى الرياض حاملًا رسالة توصية من عبد اللطيف باشا المنديل إلى الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود. استقبله الأمير وعيّنه طبيبًا خاصًّا له، لتبدأ بذلك مرحلةٌ جديدة في حياة الطبيب القادم من العراق إلى قلب نجد. وسرعان ما لمس الملك عبد العزيز إخلاصه وثقافته الرفيعة، فقرّبه إليه وعيّنه مستشارًا للشؤون الخارجية إلى جانب مهامه الطبية، ثم أوفده ممثّلًا له في حفل تتويج الملك فيصل بن الحسين على عرش العراق عام 1921، فكانت تلك البدايةَ الفعليةَ لمسيرته السياسية. في عام 1922 شاركَ الدكتور الدملوجي في مفاوضات ترسيمِ الحدود بين العراق ونجد، واقترحَ إنشاءَ منطقةٍ محايدةٍ بين البلدين، وهي الفكرةُ التي أصبحت أساسًا لمعاهدةِ العقير التاريخيّة. وبعد ثلاثِ سنواتٍ، كلّفه الملكُ عبد العزيز بتأسيسِ المديريّةِ العامّةِ للشؤون الخارجيّة – النواةِ الأولى لوزارةِ الخارجيّة السعوديّة – وأسندَ إدارتَها إليه بدرجةِ وزيرٍ، تقديرًا لجهوده وثقةً بقدراته. وفي عام 1926 رافقَ الأميرَ فيصلَ بنَ عبد العزيز في زيارتِه إلى أوروبا لتوطيدِ علاقاتِ المملكةِ الناشئةِ مع دولِ العالم، ثم طلبَ إعفاءَه من منصبه عام 1928 ليعودَ إلى العراق بعد أربعةَ عشرَ عامًا من العطاءِ في خدمةِ الدولةِ السعوديّة الفتيّة. وفي عام 1930 أُعلِن تأسيسُ وزارةِ الخارجيّةِ السعوديّة، وتولّى الأميرُ فيصلُ بنُ عبد العزيز إدارتَها، فيما أصدرَ الملكُ فيصلُ الأوّل في العراق إرادةً ملكيّةً بتعيينِ الدكتور الدملوجي قنصلًا عامًّا في مصر، إيذانًا ببدءِ العلاقاتِ الدبلوماسيّةِ الرسميّة بين البلدين. وفي نهايةِ العامِ نفسِه، شَكّل نوري باشا السعيد وزارتَه الأولى، وعيّنَ الدملوجي وزيرًا للخارجيّة أصالةً بعد أن كان يشغلُ المنصبَ بالوكالة، ليُصبحَ بذلك أوّلَ عربيٍّ يتولّى منصبَ وزيرِ خارجيّةٍ في بلدين عربيَّين هما العراق والسعوديّة. باشرَ الدملوجي مهامَّه رسميًّا في الثاني عشر من تشرين الأوّل عام 1930، غير أنّ الوزارةَ استقالت بعد عامٍ واحدٍ. ، ثم عُيّن أوّلَ سفيرٍ فوقَ العادةِ في طهران، حيث قلّده شاهُ إيران محمد رضا بهلوي وسامَ «همايون» من الدرجةِ الأولى تقديرًا لجهوده في تعزيزِ العلاقاتِ الثنائيّة. تُوفّي الدكتور عبد الله الدملوجي في الثاني من كانون الأوّل عام 1971 إثرَ نوبةٍ قلبيّةٍ مفاجئةٍ أثناءَ نومه، ودُفن في مسقطِ رأسه مدينة الموصل، ليختتمَ حياةً حافلةً بالعطاءِ خدمَ فيها العراقَ والسعوديّةَ بإخلاصٍ وتفانٍ، تاركًا إرثًا طيّبًا وإنجازاتٍ خالدةً في تاريخِ الدبلوماسيّةِ العربيّة.
2- السفير عبد القادر عبدالله بن علي الكيلاني : ( 1904- 1970)، وُلِدَ السيد عبد القادر الكيلاني في بغداد، وينتمي إلى أسرة عريقة تعود أصولها إلى الإمام الحسن بن الإمام علي، ومن نسل الشيخ عبد القادر الكيلاني وحفيد السيد عبد الرحمن الكيلاني، أول رئيس حكومة في تاريخ العراق الحديث ونقيب أشراف بغداد. وهو الأخ الأكبر للسيد يوسف الكيلاني وابن عم رشيد عالي الكيلاني، قائد حركة مايس عام 1941. ووالده عبد الله الكيلاني الذي ترأس مجلس الأعيان العراقي درس في بغداد ثم انتقل إلى المملكة المتحدة لدراسة الاقتصاد، وبدأ العمل الوظيفي عام 1926، وعمل في المفوضية العراقية في لندن والقاهرة،. انخرط في السلك الدبلوماسي عام 1931، وشغل مناصب سكرتير ونائب قنصل في القاهرة، ثم رئيسًا للتشريفات الملكية في بغداد عام 1938. عند قيام حركة مايس 1941، عينه ابن عمه رئيسًا للديوان الملكي، لكنه بعد فشل الحركة هرب إلى إيران، وأُلقي القبض عليه من القوات البريطانية وأُرسل إلى جنوب روديسيا، ثم أعيد إلى العراق وحُكِم عليه بالسجن ثلاثة أشهر عام 1944، قبل أن يُعاد إلى الخدمة الخارجية. شغل مناصب دبلوماسية مهمة في كراجي والقاهرة، وعُيّن عام 1953 وزيرًا مفوضًا في باكستان، ثم أصبح سفيرًا في كراجي وإسلام أباد، وحظي بمكانة دينية مرموقة لدى الحكومة والشعب الباكستاني، حتى أن الرئيس أيوب خان كان يحترمه احترامًا خاصًا. استمر في عمله حتى نهاية خدمته بعد نحو أربعة عقود، منها سبعة عشر عامًا في باكستان. تقاعد السيد عبد القادر الكيلاني وبقي مستشارًا فخريًا لوزارة الشؤون الدينية في باكستان حتى وفاته عام 1970، ودُفِن في كراتشي .
3- إبراهيم برهان الدين باش أعيان: (1910- 1975)، ولد في مدينة البصرة لعائلة عراقية كريمة ذات أصول عريقة. تلقى تعليمه الابتدائي في البصرة، ثم أكمل دراسته الثانوية والمتوسطة في الجامعة الأمريكية ببيروت، حيث تأثر بالأجواء السياسية والثقافية، ما دفعه إلى التركيز على العلوم الإنسانية والحقوق. عاد إلى العراق وأكمل دراسة الحقوق في جامعة بغداد، وتخرج عام 1937، ثم بدأ ممارسة المحاماة لفترة قصيرة قبل الانضمام إلى الخدمة العسكرية.
في عام 1938 التحق بالسلك الدبلوماسي العراقي، ومثل بلاده في مصر وفلسطين وتركيا وإيران وبريطانيا، مكتسبًا خبرة واسعة في العمل الدولي والسياسة الخارجية. بين 1948 و1954 عمل في الحياة النيابية والحزبية، قبل أن ينضم إلى حكومة نوري السعيد عام 1954، حيث شغل منصب وزير دولة للشؤون العربية ثم وزير الخارجية بالوكالة، وتلاه حقيبة وزارة الخارجية بالأصالة، وصولًا إلى كونه أول وزير للإعلام في تاريخ العراق عام 1958.
بعد سقوط الملكية العراقية في 14 يوليو 1958، تعرض برهان الدين للملاحقة والاعتقال والمصاعب، وأُفرج عنه عام 1961، ليغادر العراق لاحقًا ويستقر في لبنان ثم السعودية، حيث شغل مناصب استشارية في وزارتي الخارجية والدفاع. في عام 1975 حصل على الجنسية السعودية. توفي برهان الدين في الأردن عام 1975.
4 - قيس توفيق محمود المختار: (1936- 2021)، ولد في بغداد ، كان والده موظفًا حكوميًا ونائبًا في البرلمان العراقي حتى عام 1958. أنهى تعليمه الثانوي في ثانوية الكرخ، ثم تخرج من كلية الحقوق عام 1958. بدأ حياته العملية محققًا عدليًا ثم كاتب عدل، ثم أكمل دراسة الماجستير في القانون في جامعة القاهرة عام 1969. ويتقن العربية والإنكليزية والبرتغالية. انضم إلى وزارة الخارجية في العام 1971، وعمل في لندن وأنقرة، ثم شغل مناصب متعددة في السفارات العراقية في هافانا، مدريد، وبوينس آيرس، وصولًا إلى رئاسة دائرة المراسم في وزارة الخارجية ورئاسة دائرة المراسم في رئاسة الجمهورية بدرجة سفير عام 1979. عين في 1983 رئيسًا للبُعثة العراقية في لشبونة، ثم سفيرًا للعراق في البرازيل عام 1985، حيث ساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين، كما شغل منصب سفير غير مقيم في سورينام وبوليفيا والإكوادور، وامتدت خدمته الدبلوماسية في البرازيل حتى 1998، وتوجت بتقليده أرفع الأوسمة من إسبانيا والبرازيل. بعد التقاعد، عاد للعمل في دائرة المراسم برئاسة الجمهورية حتى الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، ثم استقر في البرازيل لفترة، وانتقل لاحقًا إلى عمّان بالأردن، ليعيش فيها سنواته الأخيرة مع عائلته وزملائه الدبلوماسيين. توفي السفير قيس المختار في 23 كانون الثاني 2021، تاركًا إرثًا طويلًا من الخدمة الدبلوماسية المتميزة والعلاقات الاجتماعية الطيبة. تميزت حياته الدبلوماسية بالتمثيل الرفيع للعراق في عدة دول، وساهم في رسم سياسات خارجية مهمة، بالإضافة إلى شغله مناصب وزارية حساسة أثرت في السياسة العراقية الداخلية والخارجية، محافظًا على التزامه بخدمة وطنه رغم تقلبات الأوضاع السياسية والعائلية.
5- السفير نزار حمدون) : 1944- 2003)، وُلد في مدينة الموصل ، وتخرّج من كلية الهندسة بجامعة بغداد متخصصًا في العمارة والتخطيط الحضري، قبل أن يشقّ طريقه نحو عالم السياسة والدبلوماسية، الذي ترك فيه بصمته الأوضح. ، فقد عُرف منذ بداياته بذكائه الهادئ وقدرته على التواصل وبناء الجسور بين المختلفين، وهو ما أهّله لاحقًا ليكون من أبرز وجوه الدبلوماسية العراقية في النصف الثاني من القرن العشرين. وعُرف بإخلاصه وتفانيه في الدفاع عن مصالح بلده، رغم إدراك الجميع أنه كان في بعض الأحيان مضطرًا لتنفيذ سياسات لا يمكن رفضها بحكم موقعه الرسمي. ومع ذلك، ظل العراق حاضرًا في وجدانه وفي مقدمة اهتماماته. ليصبح سفير العراق في الولايات المتحدة عام 1984، حيث لعب دورًا مهمًا في تحسين العلاقات العراقية-الأمريكية خلال سنوات الحرب العراقية-الإيرانية. وبعدها مثّل بلاده في الأمم المتحدة بين عامي 1992 و1998، حيث سعى لتخفيف عزلة العراق الدولية بعد حرب الخليج الثانية، مظهراً مزيجًا نادرًا من المهنية والمرونة السياسية. لم يكن حمدون مجرّد موظف دولة، بل كان مثقفًا صاحب رؤية نقدية، عبّر عنها في أحاديثه ومذكراته التي كتبها لاحقًا، كاشفًا عن معاناته بين الولاء لوطنه ومحاولاته الإصلاح من داخل النظام. ظلّ يعمل في وزارة الخارجية حتى أواخر التسعينات، قبل أن يُصاب بمرض عضال أنهى حياته في نيويورك عام 2003. رحل نزار حمدون بهدوء كما عاش، لكنه بقي في ذاكرة الدبلوماسية العربية مثالًا لرجل حاول أن يوازن بين السياسة والضمير، في زمنٍ صعبٍ كانت فيه الحقيقة نفسها تحتاج إلى دبلوماسية.
6- الدكتور محمد الحاج حمود ( 1936-2024) : ولد في قضاء الشامية بمحافظة الديوانية لعائلة سياسية بارزة، وحصل على بكلوريوس الحقوق من جامعة بغداد عام 1959، ثم أتم دراسته العليا في فرنسا، نال فيها الماجستير والدكتوراه في القانون من جامعة مونبلييه. بدأ مسيرته الأكاديمية كمدرس في قسم القانون بجامعة بغداد عام 1967، ثم انتقل للعمل في وزارة الخارجية العراقية عام 1976، حيث شغل عدة مناصب مهمة، منها رئيس الدائرة القانونية (1983)، ورقي لرتبة سفير (1984 و1987)، كما ترأس لجنة ضحايا الحرب وملف الأمم المتحدة، ومثل العراق في مفاوضات وقف الحرب العراقية الإيرانية. بعد فترة من التدريس في جامعة بغداد بين 1987 و2003، عاد للعمل في وزارة الخارجية كوكيل أقدم بين( 2004 و2010)، وتولى في 2008 رئاسة الوفد العراقي الذي تفاوض مع الولايات المتحدة حول سحب القوات الأمريكية ، ثم مستشارًا لوزير الخارجية ورئيس لجنة المستشارين منذ 2023. ساهم خلال مسيرته الدبلوماسية في إبرام معاهدات واتفاقيات مهمة مع عدة دول أبرزها الكويت وايران وتركيا والولايات المتحدة. لديه العديد من المؤلفات في القانون والسياسة. توفي في يوم 2 مايس 2024 عن عمر ناهز 88 عامًا.
7- نزار الخير الله : ولد في مدينة الناصرية جنوب العراق في30 مايس 1958، حيث نشأ في بيئة تقدّر التعليم والعمل العام -- تعد عائلة الخير الله من العوائل العراقية العريقة ولها تاريخ في النجاح، وتحديداً في الناصرية، ويعتبر الشيخ موحان الخيرالله الشويلي من أبرز شخصياتها وشيوخها– يتقن السفير نزار الخير الله اللغتين العربية والإنجليزية. بدأ مسيرته الأكاديمية بالحصول على دبلوم تقني في الخدمة الاجتماعية من معهد الفنون التطبيقية التابع لمؤسسة المعاهد الفنية في بغداد بين عامي 1977 )و1979)، ثم تابع دراساته العليا في المملكة المتحدة، حيث نال دبلوماً عالياً في العلاقات الدولية المعاصرة من جامعة ليدز (1994- 1992)، إضافةً إلى شهادة الماجستير في السياسة العالمية للموارد والتنمية من الجامعة ذاتها (1992–1993) شغل مناصب رفيعة داخل وزارة الخارجية العراقية، من أبرزها منصب السفير في مركز الوزارة بين عامي(2009 – 2010)، ثم سفير العراق في القاهرة لغاية العام 2013، حيث عمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين بغداد والقاهرة. وبعد إنهاء مهامه في مصر في نيسان 2013، عُيّن وكيلاً لوزارة الخارجية العراقية. ثم سفيراً لجمهورية العراق لدى مملكة هولندا في عام 2022، وتولى كذلك مهمة المندوب الدائم للعراق لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية،. وفي خطوة جديدة في مسيرته، عُيّن سفيراً مفوضاً فوق العادة لجمهورية العراق لدى الولايات المتحدة الأمريكية، مستمراً في نهجه الرامي إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة، مثّل العراق في مفاوضات تفعيل “الإطار الاستراتيجي” مع الولايات المتحدة، وأسهم في تشكيل لجان عسكرية وتقنية مشتركة بين البلدين. يُعَدّ السفير نزار الخير من أبرز الدبلوماسيين الذين تولّوا منصب السفير بعد التغيير السياسي في البلاد، وتميّز بشخصيته الرفيعة خُلُقًا وأخلاقًا، وكفاءةً وحنكةً وحكمةً وثقافةً وعلمًا. عمل السفير نزار الخيرالله على تعزيز مكانة العراق في المحافل الدولية، وفتح آفاق جديدة للتعاون مع الدول الصديقة، مساهماً بفاعلية في بناء جسور التواصل السياسي والثقافي والاقتصادي، بما يخدم مصالح الشعب العراقي ويعزز مسيرة التنمية الوطنية المستدامة.
بعد الاطلاع على هذه السير الذاتية لبعض القامات العراقية الدبلوماسية، ممن كرّسوا جهودهم لصالح مصالح العراق، بعيدًا عن المصالح الشخصية، التي وثقت وزارة الخارجية نشاطاتهم وأعمالهم في أرشيفها السياسي. أما البعض الآخر، فقد انشغلوا بمشاكلهم الخاصة، وبالمسائل الإدارية مع موظفي البعثة، ومركز الوزارة.
أن ما حصل في السلك الدبلوماسي، يعد حالة طبيعية، بشرط أن لا تستمر وتصصح الأمور، وتعاد الى سياقتها الطبيعية والقانونية، التي تحدث في بعض الدول عند الانتقال المفاجئ من نظام ديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي، حيث يسعى النظام الجديد للحفاظ على سلطته. ففي بعض الأحيان، تُمنح الرتب العسكرية لمدنيين غير مختصين بالقانون العسكري لإدارة الشؤون العسكرية، أو اشغال بعض المناصب الوظيفية المدنية من قبل أشخاص غير مؤهلين قانونيًا. وعدم التخصص في مهامهم المكلفين فيها، حيث يتم تعيين أشخاصا من خريجي الهندسة أو الطب أو الفنون الجميلة أو العلوم الصرفة، أو حتى حاملي الشهادات الافتراضية ("أون لاين") أو حتى حملة شهادات إعدادية الصناعة، في مناصب تصل إلى مستوى وكيل وزارة، وقد صرحت إحدى السيدات الوزيرات مؤخرًا ، بأنها عملت بمعية وزير يحمل شهادة متوسطة في وزارة فنية متخصصة في التكنولوجيا الحديثة.
خطت وزارة الخارجية في السنوات الأخيرة ، خطوة موفقة في القبول في السلك الدبلوماسي، كما في الدورات الدبلوماسية الأخيرة (27 و28)، من خلال اختيار الكوادر التي تنطبق عليها الشروط المطلوبة للعمل في السلك الدبلوماسي. إلا أن التراجع الذي حصل مؤخراً، في قائمة السفراء الأخيرة التي تم تداولها في وسائل الإعلام، وتناولها بشكل تفصيلي أصحاب الشأن القانوني والسياسي ؛ إذ؛ لاحظنا تراجعًا لسنوات عدة في اختيار بعض الأشخاص لذلك المنصب المهم ، ومع ذلك، فلا يمكننا أن ننكر اختيار بعض الأسماء المرموقة ذات الكفاءة العالية، والخبرة الأكاديمية المشهود لها في مجال تخصصها وعملها قبل ترشيحها للعمل في السلك الدبلوماسي.
