السجاد... قضية رأي عام

في كل مقتل يُروى عن الإمام الحسين عليه السلام، يُذكر علي بن الحسين، المعروف بـ"السجاد"، ويُصوَّر دائماً على أنه العليل، الضعيف، الهزيل، المتعب، الذي لا يستطيع الوقوف إلا بعكاز... شخصية أنهكها المرض حتى صارت كأنها ظلّ رجل.
ينظر إلى ما يجري حوله من مآسٍ، ويتحسّر.

لكن، ما هو مرضه؟
ما هي علّته التي جعلت المقاتلين يتجاوزونه، والعدو لا يهاجمه، وكأن مرضه كان يحميه أكثر مما يضعفه؟
سؤال مشروع، ومُغيَّب.

في هذا التقرير، سأحدّثكم عن علّة الإمام السجاد عليه السلام، كما وردت في أقدم الروايات، وبنصوص دقيقة.

عن الفضيل بن الزبير الأسدي – وهو من أقدم من نقل عن أهل البيت عليهم السلام – ورد في كتابه:
«تسمية من قتل مع الحسين من أهل بيته وإخوته وشيعته»:

> "وكان علي بن الحسين عليلاً، وارتُثَّ يومئذ، وقد حضر بعض القتال، فدفع الله عنه، وأُخذ مع النساء."

 وفقًا للمحقّق السيد محمد رضا الجلالي، فإن كلمة "ارتُثَّ" لغويًا تعني:
من قاتل وأُثخِن بالجراح، أي أُخرج من أرض المعركة وهو مجروح، وتُطلق أيضًا على من حُمل من المعركة مصابًا.

إذن، الإمام السجاد عليه السلام، لم يكن عليلًا بالمعنى المرضي المتداول، بل كان جريحًا، أُثخن بالجراح في المعركة.

وهذه الرواية تبرهن على شجاعته وصلابته، وتؤكد أنه لم يكن بعيدًا عن ساحة القتال، بل حضرها وشارك فيها.

 كيف يُعقل أن يكون علي بن الحسين، ابن قتال العرب، سليل الشجعان، عليلًا من شدة المرض؟
المنطق يقول: لم تكن علّته طارئة، بل كانت جراح المعركة، التي منعته من مواصلة القتال، فحُمل منها وهو مثخن بالجراح.

 هذا التحقيق منشور في مجلة تراثنا (العدد 2)، ويُعد من أكثر الروايات اتّساقًا من حيث السند والدلالة، ومعتمَد في دراسات التراث الزيدي والشيعي.

 الرواية محققة، والنصّ واضح، والدلالة جلية:
الإمام السجاد قاتل في كربلاء، وجُرح، ثم أُخذ مع النساء.
وصف "العليل" لم يكن تقليلاً من شأنه، بل كان نتيجة إصابته.

السجاد.jpg