يتمايلون كأنمــا غــنَّى لــهـــم وقع الظبى وسقاهم أكوابا
برقت سيوفهم فأمطرت الطلى بدمائهـا والنقع ثـار سحـابا
وكأنهــم مستقبلــون كــواعبــاً مستقبلين أســنَّة وكعابــا
عجيب أمر هؤلاء الأصحاب، كانوا يرون الموت جميلاً، وأجمل منه ما يأتي بعده، ذابت أرواحهم في جلال الملكوت، فاختاروا الطريق الأجمل.
……
(احتمال )....
إن الحسين "عليه السلام" أراد أن يشير إلى بني هاشم بأن الفتح ليس بالحسب والنسب، ولا بكثرة صلاة وعبادة، أو زهو بعلم، إنه بنصرة أولياء الله الذين فرض طاعتهم، ونصرة الحق كما يريد الله تعالى.
فإبليس عبدَ الله أكثر من ستة آلاف سنة، والخوارج كانوا عباد الليل، وأصحاب الوجوه السود، وكم من صحابي كان مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في فتح مكة ولم يحصل على الفتح الحقيقي الذي هو عن طريق أولياء الله الذين جعلهم الله حجة على العالمين، فمن تخلف عنهم ولو جاء بأعمال الثقلين لا يبلغ الفتح، لأن المدار على خلوص النية ومتابعة الأولياء.
احتمال ....
الإمام "عليه السلام" يشير إلى فتح أحب أن يكون بني هاشم من أهل ذلك الفتح، لا بما هم توهموه، بأنه بحسب، أو نسب، أو علم، أو بكثرة عبادة، وذلك الفتح ما حصل لأحد من العالمين إلا لنوادر من البشر، فيريد أن يقول "عليه السلام" أن الذين معي من الأنصار على الرغم من كونهم قد علموا علم اليقين أن مصيرهم الموت فلم يثنهم ذلك عن لقاء ربهم لأنهم على الحق المبين وإن خالف مسيرهم أبناء الدنيا جميعاً.
لذا قال "ما رأيت أصحاباً كأصحابي" لقد بلغوا هذا الفتح العظيم، ولذا قد كشف لهم عن بصائرهم ليلة العشر من المحرم فشاهدوا منازلهم عند ربهم، لأنهم قطعوا كل حبل غير حبل ربهم.
احتمال ..:
هو إن الإمام "عليه السلام" لعله يشير إلى بشرى حصل عليها هؤلاء القوم، وهي أن الله تعالى قد اختارهم ليوم الفتح العظيم، وذلك لأنهم سيصبحون من أقطاب دولة العدل العالمية، لأن ذلك الفتح لا يقوم فقط بالمتقين من الأخيار على وجه الأرض، بل بالملائكة المقربين وبنبي من أولي العزم كعيسى "عليه السلام" وبعض الأولياء والمصلحين الباطنيين كالخضر "عليه السلام" وغيره من المصلحين لبواطن الأمور في الدنيا وبإحياء بعض الأولياء،
ومن المحتملات لعله يشير في المقام إلى فتح عرفاني يجمع الصور المتقدمة جميعاً بما له من أثر في عالم الدنيا إلى قيام الساعة، وبما له من أثر في عالم البرزخ والقيامة ومن عروج لا حدَّ له، تفتح له أبواب السماوات في جميع عوالم عالم الإمكان إلى ما لا نهاية له، عالم البرزخ والصراط وعظيم المورد الذي يشير إليه الإمام علي "عليه السلام" (آه آه من قلة الزاد وبعد الطريق وعظيم المورد).
لأن الله تعالى غير متناه، ولا يعرج هذا العروج اللامتناهي قاصداً إياه إلا المقربون، الذين منهم هؤلاء الأصحاب.
بقايا كرام ساد في الدهر ذكرهم مسير بدور في الدياجير طَلّعِ
وآســـاد آجـــام تـهـــاب لقاهُـــمُ المنايا إذا ما قابلوهـا بمـــوقعِ
أ أنسى لهم في كربـلاء مواقفــاً تذوب السماء من هولها المتوقعِ
مواقـف تُنسي كـل خــل خـليلـه وتذهل عما أرضعت كل مرضعِ
إذا مــا تنــادوا لـلقــاء وأقـدمـــوا كإقدام آساد على البُهم جُوّعِ
فــلـــم تـرَ شلــواً ثمّ غير مضرّج ولم ترَ رأساً ثمّ غير مقنّعِ
وخـروا لوجــه الله طــوع رضائــه فمن خُشع فوق التراب وخُضّع
……………..
المراجع:
١- الشاعر حمد بن سلطان الخطي القطيفي.
٢- كمال السيد / أَلَمٌ ذلك الحسين.
٣- موقع الشيخ محمد كاظم الخاقاني نجل المرجع الديني محمد طاهر الخاقاني.
٤- رسالة عاشوراء.
٥- الإمام الحسين ع في الشعر العراقي الحديث. د/ علي حسين يوسف
