الثقة بالنفس تعني « عدم تقدير المرء للأشياء على نحو يجعله يعتمد على عقله دون ان يتوقع من مخاطر ,فيكون مطمئناً إلى إمكانياته الجسدية والعقلية. أي أن الثقة تعني الاطمئنان بكل شخص وإخلاصه والركون إليه على انه جدير بالثقة. ومن هنا نشأت فكرة الثقة في الحكومات في مجالس النواب ومجالس الشعب. هذه الحالة من اكثر الحالات التي يقع فيها الناس بأخطاء ومصائب.
سائق سيارة حمل شخصا يعرفه الى مكان وهو لا يعلم ما بنيته. حين نزل طلب منه الانتظار وسلمه مسدسا. بعد دقائق رجع اليه واخذ مسدسه منه وقام بقتل شخص هو قاصد قتله. لما ساله الحاكم من اين جئت بالمسدس. قص عليه قصة السائق المغفل الذي وضع فيه الثقة. فاستدعي السائق واعترف انه اخذ منه المسدس وهو لا يعلم انه يريد القتل. ولكن القانون لا يحمي المغفلين . اعتبرته الدولة والعشيرة مشتركا بقتل المجنى عليه, هذه قصة من الاف القصص للثقة المفرطة .
نعم الثقة بالنفس والثقة بالآخرين ضرورية مع الفرد والمجتمع واذا انعدمت الثقة بين الناس. فعلى المجتمع والدولة السلام. ولكن لا نتحدث عن ازالة الثقة مطلقا لان انعدامها ستجعل الاشياء الجميلة بين الناس معدومة. ولكن حديثنا عن الثقة الزائدة في التصرف والاسرار . المثل القائل "لا تبح بسرّك لصديق" هو تحذير من إفشاء الأسرار لأي شخص، حتى لو كان صديقًا، لأن النفوس قد تتقلب وتتغير الظروف، مما يؤدي إلى يتحول الشخص الموثوق فيه إلى عدو. فاحتفظ بأسرارك لنفسك، فكشف الأسرار قد يعرضك لمواقف محرجة أو حسد او انتقام .
موارد الكتمــان :هناك موارد لكتمان السر منها ما يتعلق بالجانب الشخصي و العائلي اويرتبط بالجانب السياسي والاقتصادي والامني والعسكري والجانب الديني . الكتمــان في الروايــات : لخطورة الكتمان فقد أعطاه الائمة المعصومين عليهم السلام اهتماما خاصا فعن امير المؤمنين (ع) : " سّرك أسيرك فإن أفشيته صرت أسيره " وعنه (ع) ايضا : " جمع خير الدنيا والاخرة بكتمان السر ومصادقة الاخيار وجميع الشر في الاذاعة ومؤاخاة الاشرار ".... هنا سؤال – عــمّـن تكتــم السـر .؟ كتمان السر يجب ان يكون عن : 1. الأعداء : ومنهم المنافقون فعن الامام علي (ع) : " كن من عدوك على أشد الحذر " وعنه (ع) : "لا تشاور عدوك واستره خبرك " 2. الأصدقاء : الذين لا مصلحة ضرورية في معرفتهم بالســر ، فعن الصادق (ع) : " لا تطلع صديقك من سرك إلا مالو اطلع عليه عدوك لم يضرك ، فإن الصديق قد يكون عدواً يوماً ما " وعن الامام علي (ع) : " ليس كل مكتوم يسوغ إظهاره لك ولا كل معلوم يجوز ان تعلمه غيرك " .
فوائد كتمان السر : نشير الى بعضها :إن انتشار السر فيه مخاطر عديدة عن الامام الصادق (ع) في تفسير قوله تعالى:{ و يقتلون الانبياء بغير الحق } انّه قال : " أما و الله ما قتلوهم بأسيافهم ولكن أذاعوا عليهم وأفشوا سرهم فقتلوا " .
ثانيا :الحفاظ على التوازن المعنوي للمجتمع لإن افشاء الاسرار قد يؤدي الى ايجاد حالات من البلبلة في المجتمع يقول تعالى:{ واذا جاءهم أمر من الامن او الخوف أذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر لعلمه الذين يستنبطونه منهم } .اما دوافع افشاء الســر : فهي بسبب .الجهل ، وعدم الوعي بعواقب الامور ، والثقة العمياء بالأخرين والضعف في تقوى الله وقد يترتب على افشاء السر ايذاء الاخرين وهتك الحرمات وهذه لو حصلت ستكون نتائجها الابتعاد عن ساحة القرب الالهي وملء صحيفة الاعمال بأشد الذنوب التي تسود القلب و تسخط الرب .فعلى الانسان الذي يهتم بتربية نفسه وبناء شخصيته أن يراعي مسالة حفظ اللسان عن الحرمات التي من ابوابها عدم مراعاة كتمان السر .اشار الامام الصادق (ع) في قوله:" لا ترموا المؤمنين ولا تتبعوا عثراتهم فإن من يتبع عثرة مؤمن يتبع الله عز وجل عثرته و من يتبع الله عز وجل عثرته يفضحه في بيته " .
