ذكريات على ضفاف نهر الوند في المجموعة القصصية ( على ارجوحة الوند ) للكاتبة آشتي كمال

تعتمد هذه المجموعة القصصية على جملة من الذكريات الشفافة في الاستحضار والاسترجاع ( فلاش باك ) في إيقاظ الذاكرة في مسار الحياة الذاتية والعامة , وضعت نفسها إزاء مرأة الزمن والحياة الواقعية , كأنها أمام مرآة الذات في تجلي معانيها , للاشخاص الذين ظلوا عالقين في القلب والذهن في سمات الحب والشوق والحنين , بكل خشوع وخاصة حكايات الجد والجدة أو العائلة والحي والمكان والنهر والمدينة , في حركتها الدائمة والمشوقة , في حكايات الموروثات الشعبية مثل ما تمثل شجرة السدر , وما تمثل المدينة والنهر , هذه الأشياء ليس جامدة , بل تمثل نبض الحياة الدائم , في شفافية الحضور المنعش الذي يستنطق الذاكرة بهذا الحضور , في المجتمع وفي الحياة العامة ونشاطاتها وتناقضاتها بين الخير والطمع , لذا فأن الكاتبة ( آشتي كمال ) تحاول في السرد القص ان تجمع شتات ذاكرتها وتظهرها في فن القصة بالصياغة الفنية المتمكنة , التي تدل على معرفة سر الحرف السردي وامكانياته في الخلق والابتكار , بلغة صافية دون زخرفة بلاغية ولغوية , وانما تحاول ان تسلط على لوحات الحياة والواقع , بلوحات مختلفة في المعنى والتعبير والمغزى , كما عاشتها وعايشتها ,وما حرك نبضات الشعور في الاحساس العميق , وهي تتجوال في مسار الواقع والحياة من حكايات الجدة وشعورها بشجرة السدر المقدسة التي تشفي الامراض والعلل , في تلقائية سردية شفافة في اسلوها الممتع , اي انها تقدم ذكريات الطفولة وما بعدها , في اسلوب واقعي رصين , في تجلي معاني الحكايات , السائدة في الوسط الشعبي , مما تجعل القارئ يتفاعل معها , بما تمثل القيمة الانسانية في اطار المجتمع المدينة , سواء في الموروثات أو في النشطات العامة , سواء تتجه الى الخيراو عكسه , التي تتجه الى الشيطنة والاحتيال , ضمن عقليات مختلفة في الرؤية والتعبير . أن تسلط الضوء على الواقع المعيشي قديماً وحديثا . إن الواقع هو مثل السفينة الحياة , الحبلى بالتناقضات الحلوة والمرة , لذا فأن المجموعة القصصية تقدم لوحات مختلفة , ويمكن رصد بعضها في هذه النصوص القصصية .

1 - شجرة السدر :

2 - الدكتورة ماري :

طبيبة في علم النفس منذ خمسة أعوام , تعالج الكثير من الحالات السايكولوجية التي يعاني منها بعض الناس , وترجع الى بيتها متعبة ومرهقة , من الحالات النفسية أو الاضطرابات النفسية التي يعاني منها المرضى , بعض الحالات غريبة وعجيبة من الأمراض النفسية التي يعانون منها , وهي تمارس طقوس علم النفس على مرضاها . مثلاً : امرأة تعاني من مشكلة نفسية , بأنها تسمع اصواتاً غريبة خلف لوحات بيتها , ومريض اخر , يعتقد بأن بداخله اشخاصاً مختلفين , وهم في الواقع شخص واحد لا غير . إحدى المريضات شابة في العشرين , تعاني من انفصام داخلي , ترى زوجها شخصاً غريباً عنها , وتنظر اليه بغرابة وحذر وخوف . . والآخر جاءها شاب ظريف وجميل ورشيق الهندام , ليخبرها عن والده السبعيني يعاني من انفصام في الشخصية , يشعر بأنه الإنسان الوحيد في العالم , لا وجود مثله في الدنيا , لذلك اعتزل في عزلة تامة عن الناس , وحتى يرفض الطعام , إلا بعد محاولات حثيثة ومضنية من ابنه .

3 - كيد النساء :

جاءت (مرام ) وهي أمرأة في كامل فتنتها و انوثتها المغرية , وكانت تحمل كيدية دفينة في الاختبار بحجة التوظيف في الشركة , وهي تشع الغواية والإغراء لكي تعرف معدن الأخلاقي لمدير الشركة , في جذبه الى غوايتها , ودلفت الى غرفة مكتبه لكي تسأل إذا كانت الشركة بحاجة الى محاسبة , تطلع فيها مدير الشركة , وهو يراها مخلوقة عجيبة من الجمال والفتنة والقوام الرشيق , وسارع الى توظيفها , سارت الامور بشكل جيد , ومدير الشركة يحاول ان يتقرب منها لكي يفوز بها . مثلاً كان يبقيها ساعات إضافية لكي يخلو بها بعد خروج الموظفين , وكانت تدرك الاعيبه وأغراضه , كأنها مخلوقة خلقت له وحده . ويحاول ان يبرز حبه وعشقه وهيامه بها , بأنه فاز بأجمل فاتنة قد تكون الوحيدة في العالم , لترد عليه بثبات وتصميم ( -أنتم الرجال اكذب مخلوقات الله !

- إلا أنا

- سنرى

كان يحاول ان يفوز بها بالشهوة الجنسية , فكان تمانع وتصده , رغم الإغراءات والمكافأت المالية دون حساب , حتى ملت منه وقالت له : ( ألم تمل من هذه اللعبة السخيفة ) لتختم حديثها القاطع ( الآن انتهت اللعبة , بالمناسبة مرام ليست إلا آلة نحن خلقناها ) يعني انتاج صيني , امرأة كاملة القوام . تطلع إليها بغرابة وتخبط وارتباك , ويصاب بالدوار , واختلط عليه الأمر : هل هو في حلم أم حقيقة فسقط على الأرض .

4 - الحكاية ..... تكرر نفسها :

أمرأة صحفية وتملك مكتبة صغيرة لبيع الكتب في مدينتها الصغيرة , تعرضت لعملية خطف , وسرقوا ما تحمل من أوراق نقدية وكل ما تحمل , إلا انهم تركوا لها هاتف النقال , وجاءتها الفرصة المناسبة لكي تتصل بأهلها ويردون عليها ( - اين أنتِ , الجميع فقد الأمل بعودتكِ ... بحثنا في الاماكن كلها , لكن ..... أين كنتِ كل هذه المدة ؟! ) وتخبرهم انها مخطوفة ( منهم ) وحققوا معها , ثم إحالتها من مكان الى آخر , ولا تعرف من الدنيا إلا هذا الشبح الملتحي ذو الشعر المجعد وعينين الغليظتين , يراقبها بعدوانية , وليس هناك تهمة سوى تهمة قول الحقيقة للناس , وتبيع الكتب من مكتبتها الصغيرة, وانهم يهددونها بالقتل بدم بارد , لأنهم لايحبون الصحافة وبيع الكتب , وضد القلم الحر . وبعد أيام نشرت صحافة المدينة , خبر اغتيالها بعشر رصاصات أمام مكتبتها الصغيرة .

5 - كو ... ما ... ري :

احدى ضحايا حريق مستشفى ( ابن الخطيب ) احدى المريضات من الحرق غائبة عن الوعي اسبوعاً كاملاً , رغم محاولات الاطباء الحثيثة لاعادة الحياة اليها مجددا , لكن سمعت احدى الممرضات , تنطق بهمسات وحروف ليس لها معنى ( - كو, كو ... م ... كوما .. ر ... كومار .... ي ... كو ... ما .. ري ) اسرعت الى الدكتور ليسمع حروفها غير المفهومة ( كوماري ) وبعد ذلك تحسنت حالتها , وحينما استيقظت , وجدت جمعاً من الاطباء حول سريرها يبتسمون وقال احدهم حمدا لله على سلامتك ..... أنتِ فعلاً بطلة , ولكنهم طلبوا منها معني كلمة ( كوماري ) . وحكت لهم قصتها , بان امها تحبها حباً كبيراً , وكانت تدللها وتلاعبها وتلاطفها , ولا تدعها تمسك قدميها الارض , فكانت تأخذها باحضانها بالحب والشوق وتناديها ( كوماري ) وأنها اطلعت على الثقافات الاجنبية وغرائب العادات والتقاليد , ومنها نيبال , عندهم عادات موروثة , بأن الفتيات الجميلات يرتدين الثياب الحمراء , ليصبحن في مقام الالهة في نيبال , ومن الشروط العادات , بأن فدميهن لا تلمس الأرض , كما تفعل امها وتناديها كوماري .

6 - على ارجوحة الوند :

هي محاولة إبراز مضمون المفهوم التعبيري للمجموعة القصصية ( مدارات الخزامى / للكاتب صفاء المهاجر ) يتغنى ويمجد مدينة خانقين ومعالمها البارزة ومنها نهر الوند , وافقها الواسع والعالي , يكمن حبها في القلوب الطيبة ( - أيتها القريبة الى الافق , ومن موطني ....... أنا لست الافق الذي تقصدينه أنتِ , ولا مداراتي تشكل ذلك الأفق الذي ترغبين به ) , ولكن احتلت قلوب الناس ( - حينما تفكر المحبوب الغائب , هل توطئ راسكِ ارضاً ؟ ام ترفعه نحو السماء ؟ هل تبحث عنه بين ضجيج المارة ؟ام بين الغيوم الناعسة ؟ هل تقدر الارض بمساحتها الكبرى وحقيقتها غير المعلنة , مكاناً ملائما للمحب ؟ ) وكان يسمى مدينته ( خانقين ) مدينة الخزامى , شهدت ذكريات الطفولة والشباب , شهدت وشائج الحب في معالمها المعروفة , كما شهدت اغاني الحب والشباب , باحلى الصور الانسانية الرائعة .