• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإدمان على الاستيراد .. نتائج وتوقعات .
                          • الكاتب : د . باسل عباس خضير .

الإدمان على الاستيراد .. نتائج وتوقعات

الإدمان Addiction ،  حالة ( مرضية  ) تنطوي على رغبة قهرية في الإصرار على استخدام مادة ما أو ممارسة سلوك معين  حتى مع إدراك  وجود عواقب سلبية وخيمة  من هذا  الاستعمال ، و يمكن أن يحدث الإدمان في صورة إدمان على المواد  أو إدمان سلوكي في التعود على شيء يعتقد بان لا حل له ولا بديل ، والإدمان ليس حصريا في المخدرات والمسكرات بل يتعدى  جوانب عديدة  فيها اعتقادات وممارسات  ، ويبدو إن التعود على استيراد  السلع من الخارج بمختلف أنواعها واستخداماتها قد تحول إلى  داء أصاب البعض ، ودليلنا في ذلك التظاهرات التي تظهر بين حين المعترضة على منع الاستيراد ،  ومنها تلك التي  تعترض على قرارات الحكومة  بإيقاف استيراد لحوم الدواجن بمختلف الأنواع ، وفي هذه الاحتجاجات تختلط الأمور فهل هم من مدمني استيراد هذه المواد آم المعترضين على دجاج العرب او دجاج حقول العراق ؟ .

 والبعض قد يحتج داخل النفس  اعتقادا  بعدم قدرة المنتج المحلي على توفير ما يحتاجه الناس ،  فاللحوم البيضاء  باتت مادة مهمة  ودخلت  في مختلف الاستعمالات ، والمتضررون  يدعون  إن أرزاقهم وعوائلهم ستنقطع لأنهم تعودوا على  تسويق المستورد وليس  المنتج المحلي ، كما إن هناك من يدعي بان هذه الاحتجاجات تحمي مصالح  الشعب من ارتفاع الأسعار ، ويعطون مقارنات بين الأسعار أثناء الاستيراد وما بعد إعلان الإيقاف  ، وفي ظل ذلك  لم تنقطع لحوم الدواجن عن موائد العراقيين  مما يعطي البرهان بان الإنتاج المحلي قادرا على مجاراة الطلب المحلي  في الأسواق بغياب الاستيراد ، وربما تكون الشحة في بعض المنافذ صناعها البائعون كمحاولة لإثبات  بان البلد لايزال يحتاج إلى استيراد ، وبغض النظر عن التفاصيل فان  الحكم في الأول والأخير للمواطن ومعياره  الحصول على منتج مرغوب  دون زيادة في الأسعار   .

و  من المفيد  جدا معالجة الضرر الذي يتعرض له  مدمني الاستيراد  باعتمادهم ضمن منافذ التوزيع للمنتج المحلي وبما لا يقطع عنهم الأرزاق ، ومن الضروري أيضا  اتخاذ إجراءات مناسبة للحؤول دون مقاومة سياسات الدولة في تقليل الاعتماد على الاستيراد فبدون هذا المنع ( المحسوب  ) لا يستطيع المنتج المحلي أن يثبت أقدامه في الأسواق  نظرا لفروق   الأسعار التي تعود لبيئة الإنتاج  ، والحماية ليست دائمة وغرضها منح الفرصة للمنتج الوطني لتقديم نفسه بجودته والسعر  ليكون بديلا للاستيراد ، دون أن نخفي فوائد هذا الدعم في توفير العملات الصعبة واستثمار المواد المحلية وتشغيل الأفراد  ، و كل ذلك يتطلب إبقاء منتجنا تحت الأضواء  لمنع إي استغلال او التحول لاحتكار الأسواق ، فالحماية مطلوبة و مقبولة ويمكن أن تلاقي التأييد الشعبي مادامت ضمن الحدود المعقولة ودون أن تمس مصالح وجيوب وبطون  الناس .

ومن المهم  أن لا ننظر لكل  الاحتجاجات على إنها بدرجة خطيرة  من السلبية فقد تكون من مظاهر مقاومة التغيير  ، فمن التقنيات المستخدمة في معالجة الإدمان هو الإبقاء على التعاطي الجزئي المسيطر عليه حتى اكتساب الشفاء ،  وأسواقنا أدمنت فعلا  على إشباع الحاجات بالاستيراد ، لدرجة إن أكثر من 90% من الحاجات تغطى بالاستيراد وان 95% من إيرادات النفط تذهب لمزاد العملة ليتحول الدولار لأغراض استيراد السلع والخدمات ولمختلف الأغراض ما ظهر منها او في الخفاء ، والاحتجاجات على استيراد الدواجن ربما ستلحقها احتجاجات أخرى على استبدال المستورد بالمنتج المحلي سواء كانت الموطا او البسكويت او المحارم وغيرها بالآلاف ، ولا تستغربوا بظهور مظاهرات لأصحاب المولدات عند تعافي الكهرباء او عند استخدام ماء الإسالة بدلا من RO ،  فلا يخفى إن عروش  وإمبراطوريات أسست  من الإدمان على  الاستيراد  !! .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=209362
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 10 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 10 / 24