صناعة الوعي الانتخابي

لا يخفى على الجميع ان ما مر به العراق بعد ٢٠٠٣ هو تجربة جديدة لمن يشهدها سابقا إذ حكم الملوك والوصاية، وحكم الانقلابات وسيطرة الرجل الواحد بمجالس او انتخابات شكلية. الى ان بدأت مرحلة جديدة بعد الاحتلال بدأت بمجلس الحكم الانتقالي الذي يعتبر اول تجربة حقيقية فتية لعملية انتقال السلطة، الى حين تأسيس الجمعية الوطنية عام ٢٠٠٤ - ٢٠٠٥، ثم عملية كتابة الدستور الذي صوت عليه الشعب العراقي بالاغلبية عام ٢٠٠٥.
وبدأت بعدها مرحلة انتخابات فعلية بتجارب متغيرة في كيفيتها وتفاصيلها التي يتفق كل ذي لب انها مع سلبياتها افضل بكثير جدا من الانتقال السلبي للسلطة سواء بالانقلابات اوالتدخل الدولي والاحتلال وغيره .
ولكن ورغم اجراء اكثر من تجربة انتخابية مرت سواء على مستوى انتخابات مجلس النواب او انتخابات مجالس المحافظات لكن العملية لم تصل الى النضج المطلوب وذلك يرجع الى الاسباب التالية:
١. عدم نضج الآليات المستخدمة في اجراء العملية الانتخابية، اضافة الى التغييرات المستمرة في القوانين الانتخابية وادارة العملية الانتخابية.
٢. عدم وجود برامج انتخابية حقيقية للكتل والاشخاص واختفائها اصلا كونها باتت بعيدة عن الواقع وان وجدت فانها تبقى حبر على ورق خصوصاً بعد اعلان النتائج وتشكيل الحكومات المتعاقبة.
٣. تفشي عملية الشراء الانتخابي وسيطرة الوضع العشائري والحزبي على المشهد، وعدم وصول الكثير من الشخصيات التي من الممكن ان تحدث تغييرا ملموسا الى مجلس النواب.
٤. انجراف الكثيرين ممن يملكون التأثير الاعلامي مع عملية التسقيط للعملية الانتخابية اما بسبب خلافات معينة او بسبب الفشل بالوصول او بسبب الدفع الخارجي .
٥. فشل الكتل والاحزاب السياسية في المجال التشريعي والتنفيذي مما ادى الى التأثير المعنوي السلبي على الجماهير واختياراتها في تفضيل الخيار الديمقراطي على العزوف .
٦. قلة وجود المرشحين ذوي الكفاءة، فضلا عن ميل الكثير من الجماهير لمصالح خاصة جداً .
٧. استغلال المؤسسات الحكومية من اجل غايات انتخابية .
لذلك اعتقد اننا بحاجة الى صناعة وعي انتخابي تتبناه النخب التي ما زال الكثير منها منفصلا عن الواقع فضلا عن غياب دور المؤسسات الحكومية الاعلامية والثقافية و منظمات المجتمع المدني في دعم هذا الخيار والتثقيف الايجابي له وتشجيع الجماهير في اداء هذا الحق الدستوري المهم في صناعة الاساسات المتينة لكيان الدولة .
وهذا يحتاج الى برامج عمل مدروسة يقوم به كل من لديهم امكانات ووعي من خلال :
١. القيام بعمل حقيقي من قبل التيارات والاحزاب المشاركة في العملية السياسية مما يؤدي الى اعادة الثقة للمواطن بالعملية السياسية والانتخابية ، فضلا عن استعمال برامج حقيقية واليات لجذب الجماهير والدفع بهم نحو صناديق الاقتراع .
٢. ابعاد الجهة المنظمة للعملية الانتخابية عن اي تأثير سياسي والحفاظ على استقلاليتها لاداء مسؤولياتها بصورة ترسم صورة للمواطن ان العملية تسير بكافة جوانبها بصورة بعيدة عن الشبهات .
٣. القيام بحملات تثقيف اعلامي ايجابي يضعف من حملات التثقيف السلبي من خلال برامج متكاملة للاعلام المتخصص باصنافه المرئي والمكتوب والمسموع .
٤. قيام المؤثرين سواء في الواقع او المواقع الافتراضي بتشجيع الجمهور على المشاركة واستعمال حقهم في التصحيح وتثبيت الاسس الديمقراطية وقيام الجمعيات والمنظمات بحملات تثقيفية لدفع المواطنين للتوجه نحو المشاركة في هذه العملية المهمة .
٥- قيام الاجهزة المختصة بمراقبة عمليات التمويل لحملات الدعاية وايقاف اي اعمال غير قانونية .
فضلا عن ضرورة وعي الجماهير ان ما يجري كل اربعة اعوام هو عملية اعادة هيكلة متكاملة لاركان الدولة التشريعية والتنفيذية وانه السبيل الامثل للحفاظ على كيان الدولة والنظام والامن ناهيك عن تصحيح تجاه بوصلة العملية التصحيحية والتغييرية من اجل مستقبل افضل لهم ولوطنهم .