🔸نعم؛ لأنَّهُم همُ الَّذينَ امتَثَلوا لأمرِ اللهِ تعالى، ومَن كانَ معَ اللهِ كانَ اللهُ معه، بل ويُدافِعُ عنه، قالَ تعالى:
إِنَّ ٱللَّهَ يُدَٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوا۟ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (الحجّ: ٣٨).
🔸ولا يَعني بالإيمانِ هو دخولُ النّاسِ في دينِ الإسلام، فإنَّ اللهَ تعالى قد فرَّقَ بينَ الإيمانِ والإسلام، بقولهِ عزَّ وجلَّ:
قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ آمَنَّاۖ قُلۡ لَمۡ تُؤۡمِنُوا۟ وَلَٰكِن قُولُوا۟ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ (الحُجرات: ١٤).
إذًا كلُّ مؤمنٍ مسلمٌ، لكن ليسَ كلُّ مسلمٍ مؤمنًا، وما الإيمانُ إلّا ولايةُ أميرِ المؤمنينَ عليهِ السَّلام، والشِّيعةُ همُ الذينَ دخلَ الإيمانُ في قلوبِهِم بولايةِ أميرِ المؤمنينَ عليهِ السَّلام، اتِّباعًا لكلامِ اللهِ تعالى ورسولِهِ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ،
🔸عندما قالَ تعالى لرسولِهِ الكريمِ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ:
يَا أَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ (المائدة: ٦٧).
🔸كانَ ذلكَ في حادثةِ غديرِ خُمٍّ، وأرادَ منَ التبليغِ هو التبليغُ بولايةِ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ عليهِ السَّلام للناس، ومَن يُؤمِنْ منهم ويطمئنَّ قلبُهُ به، فقدِ اكتملَ دينُهُ ودخلَ الإيمانُ قلبَهُ.
فلما امتثلَ الحبيبُ لأمرِ حبيبِهِ وبلَّغَ الرَّسولُ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ رسالةَ اللهِ تعالى، قالَ:
«أيُّها النّاسُ، أَلَستُ أَولى بكم من أنفسِكم؟» قالوا: بلى،
فقالَ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ: «فمن كنتُ مولاهُ فهذا عليٌّ مولاهُ، اللهمَّ والِ مَن والاهُ، وعادِ مَن عاداهُ.» (1)
فنزلَ قولهُ تعالى:
ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ (المائدة: ٣).
وحادثةُ الغديرِ ونزولُ هذهِ الآيةِ فيها، وأنَّها في شأنِ الولايةِ لأميرِ المؤمنينَ عليهِ السَّلام، لا يُنكِرُها أحدٌ، لأنَّ خبرَها وصلَ حدَّ التواترِ عندَ الطَّرفينِ.
ومن تلكَ الرّواياتِ على سبيلِ المثال:
كما ذكرَهُ الأمثلُ في كتابِهِ:
١ـ ما نقلهُ العالمُ السُّنِّيُّ المشهورُ ابنُ جريرٍ الطبري في كتابِ الولاية عن زيدِ بنِ أرقمٍ الصّحابيِّ المعروفِ، أنّ هذهِ الآيةَ نزلتْ في يومِ غديرِ خُمٍّ بشأنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ عليهِ السَّلام.
٢ـ ونقلَ الحافظُ أبو نعيمٍ الأصفهاني في كتابِ ما نزلَ من القرآنِ بحقِّ عليٍّ عليهِ السَّلام عن أبي سعيدٍ الخدريِّ – وهو صحابيٌّ معروفٌ – أنَّ النَّبيَّ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ أعطى في يومِ غديرِ خُمٍّ عليًّا منصبَ الولايةِ، وإنَّ النّاسَ في ذلكَ اليومِ لم يَكادوا ليتفرَّقوا حتّى نزلتْ آيةُ:
ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ...
🔸فقالَ النّبيُّ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ في تلكَ اللحظةِ:«اللهُ أكبرُ على إكمالِ الدينِ وإتمامِ النّعمةِ ورضا الرَّبِّ برسالتي وبالولايةِ لعليٍّ عليهِ السَّلام من بعدي».
ثمّ قالَ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ:
«من كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاهُ، اللهمَّ والِ مَن والاهُ، وعادِ مَن عاداهُ، وانصُرْ مَن نصرَهُ، واخذُلْ مَن خذلَهُ.» (2)
ومن أرادَ المزيدَ فليُراجِع من كتبِ أهلِ السُّنّةِ كتابَ سيرِ أعلامِ النبلاءِ للذّهبي (ج 8 ص 334-335)، وكتابَ البدايةِ والنّهايةِ لابنِ كثيرٍ (ج 5 ص 233)، وغيرها الكثير.
وأمّا عن طُرُقِ الشيعةِ فاقرأْ إلى ما شاءَ اللهُ تعالى.
🔸إذًا اللهُ تعالى يُدافِعُ عنِ الشِّيعةِ لأنَّ الإيمانَ – وهو ولايةُ أميرِ المؤمنينَ عليهِ السَّلام – قد دخلَ قلوبَهُم وتربَّعَ فيها.
إضافةً إلى ذلكَ، لا شكَّ بأنَّ اللهَ تعالى يُدافِعُ عنِ الحقِّ ويَنصُرُ أهلَهُ، والإمامُ عليٌّ عليهِ السَّلام هو ميزانُ الحقِّ، بلِ الحقُّ تابعٌ له! وذلكَ لقولِ سيّدِ الخلقِ الّذي لا ينطقُ عن الهوى، المصطفى محمّدٍ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ، قالَ:
«عليٌّ معَ الحقِّ، والحقُّ معَ عليٍّ، والحقُّ يدورُ حيثُما دارَ عليٌّ.» (3)
🔸فهنِيئًا لكلِّ شيعيٍّ دخلَ الإيمانُ قلبَهُ بولايةِ أميرِ المؤمنينَ عليهِ السَّلام، وكانَ من أتباعِ الحقِّ وناصرِهِ، فكانَ اللهُ تعالى مُدافِعًا ومُحاميًا عنه.
|