• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع :  نوبل؛التي فقدت نُبلها! .
                          • الكاتب : د . رعد هادي جبارة .

 نوبل؛التي فقدت نُبلها!

 ☆المقدمة:

كانت جائزة نوبل للسلام تُمنح في بداياتها لشخصيات من الطراز الأول، لعبت دورًا متميزًا في خدمة السلام والحرية والعمل الإنساني، مثل نيلسون مانديلا، والأم تيريزا, ومارتن لوثر كينغ, وألبرت شوَيتزر.
 إلا أن هذا البريق لم يدم طويلًا، إذ ما لبث أن تمخض الجبل فولد فأرًا، فصارت الجائزة تُهدى لمن لا يستحقها، من أمثال مناحيم بيغن، وشيرين عبادي، وتوكل كرمان، وآخرهم ماريا كورينا ماجادو التي ما إن مُنحت الجائزة حتى قدّمتها لعدو بلادها ترامب! لتكون مصداقًا للمثل المعروف: (وهبها من لا يملك، لمن لا يستحق).

  حتى أن الكاتب المرموق بروتون فيلدمان كتب عن جائزة نوبل للأدب قائلًا:
 "إن الجائزة تُرى على نطاق واسع جائزة سياسية، جائزة نوبل للسلام متنكرة في زي أدبي."

☆غاندي ونوبل:
  ويعترف عدد من المديرين السابقين لهذه الجائزة بأمر بالغ الأهمية، هو أن نوبل للسلام لم تمنح جائزتها للمهاتما غاندي، رجل السلام العالمي، ونبي اللاعنف الإنساني في مواجهة عنف الاستعمار البريطاني.
  لقد كان غاندي تجسيدًا للسلام، ورمزًا إنسانيًا خالصًا، ومع ذلك تجاهلته اللجنة تمامًا في حياته، حتى إذا ما توفّي عام 1948، عجزت عن منحه الجائزة بعد موته، لأن النظام الداخلي للجنة لا يجيز منحها بعد الوفاة.
وهكذا، بقي غاندي — الذي علّم العالم أن يقاوم الظلم بلا عنف — محرومًا من جائزة وُجدت أصلاً لتكريم دعاة السلام.

 لكن في عام 1989، مُنحت الجائزة إلى الراهب البوذي الدالاي لاما، زعيم حركة استقلال التبت، الذي أصبح بفضل الجائزة شخصية دولية معروفة، جال أكثر من ثمانين دولة للتعريف بحركته الانفصالية عن الصين.
فبات واضحًا أن هذا التقدير لم يكن إلا مطية لتنفيذ واحدة من الأجندات الغربية الرامية إلى العبث بوحدة الصين وتقييد صعودها السياسي والاقتصادي والصناعي.

☆نوبل وبيغن!!
وعندما مُنحت الجائزة لـمناحيم بيغن اندهش العالم،إذ كان الأخير معروفًا لدى سلطات الانتداب البريطاني في الأربعينيات كأحد مؤسسي التنظيمات الإرهابية الصهيونية التي ارتكبت عمليات تفجير وقتل بحق البريطانيين و الفلسطينيين على حد سواء، ومنها تفجير فندق الملك داوود، حتى رُصدت مكافأة مالية لمن يساعد في القبض عليه.
 
  لم يتوقف ذلك الجزار ذو الأصول البولندية عن القتل، فأسس منظمة "أرغون" التي شاركت مع فصيل "شتيرن" في مجزرة دير ياسين عام 1948،حيث أُبيد أكثر من 250 فلسطينيًا ذبحًا وحرقًا.
وحين صار رئيسًا للوزراء؛ ارتكب جرائم أخرى مثل قصف المفاعل النووي العراقي عام1981 واجتياح لبنان عام 1982.
  بل حتى الرئيس المصري أنور السادات الذي شاركه اتفاق "كامب ديفيد" لم يخفِ امتعاضه من تقاسم الجائزة معه، فقال - كما نقل الكاتب أنيس منصور- :
 "لم أكن راغبًا في أن ينالها [بيغن] معي، كنت أفضّل أن أفوز بها وحدي، أو تُمنح لنا بطريقة لا تجمع بيننا في مجلس واحد."

☆نوبل؛ماذا أراد؟
   لم يكن ألفريد نوبل، مخترع الديناميت، يدرك أن ابتكاره سيكون مدعاة لنشر الموت والدمار.
   فحين قرأ نعيه خطأ في صحيفة فرنسية بعنوان "وفاة بائع الموت", اهتزّ ضميره وقرر أن يُكفّر عن ذنبه، فأنشأ جائزة من ثروته لتكريم المبدعين في الطب والكيمياء والفيزياء والأدب والسلام — خدمةً لعبقرية الخير _ بدلًا من عبقرية الشر التي صنعت له الثروة والعار معًا.
   لكن نوبل لم يكن يدري أن الجائزة التي أنشأها ستتحول لاحقًا إلى أداة مثيرة للجدل، تتقاذفها الأهواء السياسية والمعايير المزدوجة، تُمنح تارةً لمعارضي الدكتاتوريات وتارةً لمؤيديها، كما لو كان ثمة فرق بين دكتاتور ودكتاتور!

حتى جائزة نوبل للأدب لم تسلم من التسييس منذ بداياتها.
ففي أول نسخة لها عام 1901 فاز بها الفرنسي برودوم، الذي لا يعرفه كثيرون اليوم، بينما حُرم منها الكاتب الروسي العظيم ليو تولستوي رغم ترشيحه المتكرر بين عامي 1902 و1906، فقط لأسباب دينية وسياسية بسبب التوتر بين روسيا والسويد.

☆☆ النتيجة ☆☆

وأكاد أقول إن حمير غزة وبغالها أولى وأحق بنيل الجائزة من الطاغية ترامب الذي بقي طامعًا ومطالباً بنيلها، وهو بنفس الوقت يشحن (ليل نهار) مئات الآلاف من الأطنان من الصواريخ والقذائف والمقاتلات الحربية والقنابل الفتاكة التي صُنعت بأمريكا وأُعطيت لطغمة تل أبيب لكي تنشر الموت والدمار وتمزق بها أجساد أطفال غزة ونسائها، بيد النتن ياهو الذي عاث فسادًا في مدينة منكوبة بحيث لم يكد يترك فيها جدارًا سليمًا أو سقفًا واحدًا يؤوي الأبرياء المجوّعين والمشردين، ومعظمهم من الأيتام والأرامل والهائمين على وجوههم بلا مأوى.

  فالخيل والحمير والبغال — على الأقل — ساعدت أهل غزة وحملتهم في رحلة التشريد المتكرر ، وخففت من آلامهم، والقرآن يمدح دورها الكبير في حياة الإنسان فيقول عنها:
 ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)
وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)
وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنفُسِ ۚ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (7)
وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)﴾
[النحل: 5–8]
ما رأيك أنت؟!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=209007
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 10 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 10 / 14