• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ما نفعنا بإمام غائب؟ .
                          • الكاتب : محمد رسول الزاير .

ما نفعنا بإمام غائب؟

 مصيبة هذا السؤال أنه يقترن دائما بنبرة سخرية جارحة، تحمل الكثير من المشاعر السلبية والسلوك الذي يخلو من احترام مبادئ الآخرين ومعتقداتهم.

ما نفعنا بإمام غائب؟
السؤال ليس جديدا علينا بل، طرح في زمن الرسالة بصيغ متعددة، سألوا النبي محمد "صلى الله عليه وآله وسلم" هذا السؤال، كان الجواب يعبر عن مغزى الغيبة، والفكرة النيرة لوجود إمام غائب، والمنفعة من الغياب (أي والذي بعثني بالنبوة، انهم ينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس، وإن جللها السحاب)
كان السؤال أيامها استفهاميا، لغرابة الفكرة، ومن الواضح وجود شعور مفرح لمن يسال، والسؤال ابن صيغته وابن نبرته الصوتية، الفكرة فيها قوة روحية وعقلية، نفس السؤال وجه إلى الإمام الصادق "عليه السلام" فأجاب (كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب) وأجاب الإمام المهدي "عجل الله تعالى فرجه" في توقيع وجهه إلى إسحاق بن يعقوب والأقوال كلها صادرة من نبع واحد هو الحديث النبوي الشريف، الحقيقة المعبرة عن مثل هذا السؤال لأبناء اليوم يعبر عن مفهوم الأنا السلبية (ما يعتقد به صاحب الأنا هو الصواب وغيره على خطأ، ويريد العالم كله أن يرى بعينه).
يريد بسؤاله أن يسخر مني، يريد أن يؤذيني بمعتقدي، وإلا بماذا تضايقه الفكرة؟ ولا أحد فرض عليه انتظار المهدي "عجل الله تعالى فرجه الشريف"، أنا سعيد بانتظاري للفرج.
شبهوا الإمام بالشمس المستورة، لماذا لم يشبهوه بالقمر المستور بالسحاب؟ والقمر له تأثيرات مهمة في الأرض، كالمد والجزر في البحار وما شابه.
هذا التشبيه فيه دلالات مهمة، نور الشمس نابع من ذاتها، بينما القمر يكتسب نوره من الشمس، وفوائد أشعتها أكثر، ودورها في المجموعة الشمسية قيادي، خلاف القمر.
بعض العلماء درسوا فكرة التشابه بين الشمس والإمام المهدي "عجل الله تعالى فرجه الشريف" الله سبحانه جعل القوة الجاذبة في الشمس، تشبيه النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" وتشبيه الإمامين بالشمس وراء السحاب، لوجوده ينتظم البشر وتنتظم الحياة، تتفجر منه الخيرات والبركات والفيوضات المعنوية.
والذي يسأل اليوم هذا السؤال لا يمتلك الصورة الواضحة عن وجوده الحقيقي في غيبته، فهو يراه الغائب العاجز الضعيف الذي لا يملك حولا ولا قوه، ومنعزل عن الحياة لا يعرف شيئا عن الناس والبلاد.
إلا أنه رغم غيابه منحه الله قدرة تمكنه من كل ما يريد، توفر له جميع الوسائل اللازمة.
وجواب من يسخر من معتقدي، إن الإمام المهدي يتصرف وينجز ما يطابق الحكمة والمصلحة، ومنجزاته لا تتبع الهوى والميول النفسانية، فيعطي ويمنع وينصر ويخذل ويفعل ويترك، يرشد الضال، يزور مريضنا، ويواسي أوجاعنا، لو حرمت أنت نفسك من هذه النعمة فلماذا تريد أن تحرمني منها.
إمامي اختاره الله سبحانه وتعالى وليس الناس، هو خليفة رسول الله حقا، الإمام الذي تتوفر فيه جميع ما يحتاج إليه الكون، هو امأن أهل الأرض، بوجوده تثبت الأرض والسماء، من يسخر من معتقدي يفقد الحكمة والاتزان والسعادة والفكر والهدف الوجداني، بينما في حكمه وجوده النور والعلم والعقل والموعظة.
ربما سترى في وصفي المبالغة والغلو والإسراف، عشرات الاحاديث الصحيحة مروية في كتب الأحاديث متفق عليها بين الطوائف والمذاهب الإسلامية، وأنا أعتقد عدم الإيمان بالمهدي المنتظر "سلام الله عليه" سببه البعد عن الله سبحانه وعن نبيه وأهل بيته، أهل بيت الهداية والشفاعة والتقى، وسببه الإرث السلبي الذي يعيقه عن رؤية الحق، والفراغ الفكري، والروتين الذي يعيشه في حياته، هو مبتلٍ بأمراضه النفسية التي تبعده عن رؤية الحقيقة التي أودعها النبي في أمته (النجوم أمان أهل السماء، وأهل بيتي أمان لامتي) قال الإمام علي بن الحسين "عليه السلام" (بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بأذنه، ومنها يمسك الأرض أن تميد باهلها، وبنا ينزل الغيث وتنتشر الرحمة وتخرج بركات الأرض ولو لا ما في الأرض إماما منا لساخت باهلها)
وقال الإمام الباقر "عليه السلام" (بنا ينزل الله الرحمة، وبنا يصرف الله عنكم العذاب، فمن عرف حقنا وأخذ بأمرنا فهو منا وإلينا) وقال "عليه السلام" ولو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت الأرض بأهلها كما يروج البحر باهله.
قال الله تعالى  ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ والأحاديث كثيره عسى أن يدرك من يسأل يكفينا أننا ننتظر الفرج والحمد لله.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=208991
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 10 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 10 / 14