• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : (تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي) 77 .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

(تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي) 77

 سؤال يراودني قبل القراءة دائما، هل مهمة كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي تنحصر في قضية التفسير؟ أم تذهب إلى أبعاد أخرى مثلا تعزيز هذا الخطاب وارتباطاته المعرفية وتعميق المعارف الربانية عند المتلقي، حيث تمتاز نصوص الصحيفة السجادية بهوية إبداع خاصة، وعوامل مرتبطة بالأثر الزماني بوصفه مرتكزا مؤثرا، عملية دراسة هذه النصوص لها مرونة زمنية تبحث في خطاب له عوالمه ليستخرج منها خطاب جوهري ينطلق من معالجات الواقع الإنساني المعاصر،

التفسير وحده لا يكفي لقراءة تلك النصوص، بمعنى أن كتاب المصابيح يسعى للبحث في روح تلك النصوص، ليؤهل خطابه المعاصر بعطر الإمامة، ويبحث التحليل في مضامينه داخل النص الدعائي وخارجه الواسع، مضمون الدعاء أو مضامين مرجعياته وعوالمه وبحوثه تتشكل من خصوصية الدعاء، خطاب شمولي عام.
اشتغل التحليل النصي عند سماحة السيد أحمد الصافي على ثلاثة عناوين، الأول: 
- العنوان الرئيسي يفصل بين دعاء ودعاء
 (علاج الفتن والشبهات) 
وأورد فيه دعاء الإمام السجاد "عليه السلام" (وداوني بصنعك، وأظلني في ذراك، وجللني رضاك، ووفقني إذا أتشكلت عليّ الأمور لأهداها، وإذا تشابهت الأعمال لأزكاها، وإذا تناقضت الملل لأرضاها).
العناوين الأخرى عناوين داخلية مثل:
(حديث المعصوم وفتح الآفاق)
 يقول فيه، إن معرفة أهل البيت "وعليهم السلام" والاستئناس بهم وبحديثهم المبارك يفتح آفاقا واسعة للمؤمن ويجعله دائما يشعر بهذه الروح الإيمانية الخاصة عنده، ويعينه إعانة تامة على عبادة الله تبارك وتعالى.
والعناوين الأخرى الداخلية مثل حديث المعصوم، فتح الآفاق/ الدواء الشافي/ لا ظل إلا ظله/ وعدد هذه العناوين في هذا الدعاء 14 عنوانا، يركز كل عنوان بمادته، عناوين متفرقة يجمعها كلام الإمام زين العابدين "عليه السلام ".
وفي الاشتغال الثالث قراءة جمل الدعاء ومدى قوة تأثيرها الروحي وهويتها ورؤى الإمام "عليه السلام"، لدعم العلاقة بين الإنسان وربه، لذلك اعتمدت تلك الجمل على أفعال الدعاء، فيها الأمر صادرا من الأدنى الإنسان إلى الأعلى "الله سبحانه وتعالى"، ويسمى طلب أو دعاء، وهو باب من أبواب التضرع والخشوع والتذلل إلى الله عز وجل، ومن الجمل (وادرأ عني بلطفك/ عزني بنعمتك/ واصلحني بكرمك) مهمة التحليل استخراج الأفكار الرئيسية التي يتناولها النص، وعرض كل جملة مع وصفها عناوين داخلية، وقراءة بواطن المعنى القصدي لغرض اكتساب المعرفة، ولتعميق فهمنا للنص الدعائي. 
*** 
(داوني بصنعك)
 الدواء ما يؤخذ إزاء حال المرض، اعتراف بأنه مريض ويحتاج الدواء، شعور بالتقصير والاعتراف بالتقصير جادة الصواب، وداوني بصنعك، الصنيعة كل شيء يصطنع من خير أو إحسان، وأن الله تبارك وتعالى له صنائع وإحسان "أي تلطفني وداوني بالخير والعافية"
*** 
 (وأظلني في ذراك)
 يولد النص في نفوسنا الرغبة في التعرف على المفاهيم التي نحرص على معرفتها بمستوى مقارب لفهم المعصوم "عليه السلام" ، الإنسان متى يحتاج الظل؟ عند الخطر، الهروب من حرارة الشمس إلى ما يستظل به، الظل فيه جهة منع وفيه جهة رحمة (ذراك) نستظل فيه من أي شيء، لذلك يهرب الإنسان من الله تعالى، لكن إلى الله تعالى، يهرب من سخط الله سبحانه إلى رحمة الله، يهرب منه إليه
*** 
 (وجللني رضاك)
 جللني أي البسني الرضا، المودة والرحمة عند رضا الله تبارك وتعالى، لا يحتاج الإنسان إلى أحد، خطاب مباشر مع الله سبحانه وتعالى يشعرنا أننا بحاجة إليه دائما.
*** 
 (مواطن الفتنة)
كل تحليل لا بد من قراءة واعية للنص ومتعلقاته، موارد الافتتان متنوعة (المال/ الأولاد/ التجارة) وأصعبها حين يفتن الإنسان بدينه.
التاريخ حافل بظاهرة الطاعة لا شخاص كثر، لكن تلاشت عبادتهم لمجرد الابتلاء.
شخصية النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" شخصية عظيمة، وعظيمة جدا، ومع ذلك هناك أناس انحرفوا عنه، هذه أفكار لا بد أن تدرس، لندرك معناها وأسبابها، ونبرزها للعالم كظاهرة لها تأثيرها الإيجابي، أو السلبي، لنقرأ المضمون، هناك أناس انحرفوا عن خط النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" وكانوا بين يديه يتنفسون عبق النبوة وينظرون بنورها، سقطوا... الإنسان إذا اتبع هواه واتبع غريزته لن يوفق إلى صالح الآخرة، بمعنى أن القيمة الفكرية التي يحملها النص هي أن وجود النبي "صلى الله عليه وآله" فتنة لكنها فتنة خير لأننا به اهتدينا وأبصرنا نور الله سبحانه وتعالى.
لكن هذا الوجود المقدس لم يفد الآخرين من وجوده، سقطوا في الوحل، بعض الأفكار تتحول إلى أسئلة مؤثرة مثلا: ما حقيقة الإنسان؟ وأي فكر يحمله هذا الإنسان الغريب عندما يقدم اهتماما بإلهة يصنعها بيده على النبي "صلى الله عليه وآله وسلم"، إن مثل هذا السؤال المؤثر قادر على خلق أجوبة فاعلة في ذهنية المتلقي، وبهذه الفسحة الفكرية التي تركها لتحليل المتلقي ليتفاعل مع النص ويشارك فيه وينمي لمخزونه الثقافي، ولهذا يكون قد نقل النص التاريخي إلى الواقع المعاصر بعدما فعلّه في وجدان المتلقي.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=208960
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 10 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 10 / 14