
تعتبر الأنسنة من ابرز الاساليب الشعرية التي تستخدم في الشعر لتجسيد المشاعر الإنسانية واضفاء الطابع البشري على العناصر غير البشرية من اجل خلق حالة الانزياح،
والانزياح قضية اساسية في تشكيل جماليات النص الادبي ويعني انحراف الكلام عن نسقه المألوف ويعتبر معادل موضوعي يقرب الافكار في صياغة الصورة المعبرة،
وللشاعر عودة ضاحي التميمي خصوصية فنية في رسم الصور الشعرية والمشاعر بلغة خصبة تكشف عن تجربة مليئة بالمثيرات الجمالية ، ومنها الانسنة انزال غير العاقل منزلة العاقل في التعبير والتصوير والخطاب واضفاء صفة الانسانية على الكائنات غير العاقلة والجمادات وغيرها من المعنويات الاخرى مثل خطاب يزيد الى الفيلق الانكشاري
(طفوا لهيب الشمس واسكوا الحدايق دم
ما اريد حظ وبخت وعيون تتألم
ولا اريد اشوفن جفن بالمستحه يحلم
الناس خل تستمع بس اني اتكلم
سموا الزرع والضرع خلوا النهار اظلم
ما اريد اشوفن عرس واشفاف تتبسم
ولا اريد يجري نهر سدوا مجاري اليم
بكل درب طشوا الظمه الكل عيسى بن مريم
ما اريد يولد طفل يكبر أو يتشيم
بالطف اريد النهر والشجر يتيتم)ص5
واليتم حالة انسانية عكسها الشاعر على النهر والشجر فمنحهما صفة الإنسانية، والأنسنة اسلوب فني يخلق عالما من الألفة بين اجزاء الكون المختلفة ويعبر عن تضمين الشعر لأهداف تتجاوز العالم الداخلي من اجل زيادة مساحة التأثير والتفاعل،
والمفردة المشخصة اعارة من الانسان للجمادات لتعطيها روح وفاعلية كالإنسان مما يخلق لغة شعرية
(وطفح نهر الفرات000ابجف ابو فاضل
حنين وكربله ضجت
واشجار الضمه امن الكاع...
شالت روحها 00 وفوق النهر حطت
طخ راس النهر خاشع وفوك الجود اطراف السعف جلت)ص15
استطاع من خلال الأنسنة تجسيد المشاعر والافكار وتحقيق المتعة الشعورية واثارة العواطف ومن اهم فوائد الانسنة انها تبتدع معاني عبر تراكيب جميلة غير مطروحة تحول المفاهيم المجردة الى كيانات حية
صور فنية يقرأ بواسطة التاريخ قراءة جديدة بهوية لها عمق معنوي تدفع اعماق النفس الى التعالق مع العوالم المبتكرة، فالطف الحسيني غير الطف الذي نقرأه في المقاتل او نسمعه من على المنابر له صور تسمو فيها ذات الحسين عليه السلام، وتعلم المتلقي كيف يبصر انتصار الجراح
( توضه ابكربله التاريخ 00
واتعنه يصلي بحضرتك 000يا حسين
وبماي الفرات الطهره دمك
نزل يغسل هدومه... الوسخه من اسنين،
ويتطهر امن ذنوبه الحنن ظهره000
ومشن يبرن وياه جرفين،
وعلى التربه الزكيه الحظنتك (امه)
(سجد)
يستمد قوه وعافيه 00
من الطين)ص16
جعل التاريخ كأي انسان حين يصل كربلاء يتوضأ ويصلي ويسجد على التربة، ويطلب العافية ومثل هذه الانسنة تمنح المتلقي تصورا لعظمة واقعة الطف وهيبة كربلاء والتاريخ لم يحدد بفترة او مدة زمنية وانما هو زمن مفتوح الى نهاية الكون ويعبر عن عمق المخيلة الشعرية وليشكل التاريخ انسانيا ينزل يزور الحسين عليه السلام بعد ما يتوضأ ويصلي وبمعنى اخر يقدم لنا قدسية زيارة الحسين لابد ان تكون على طهارة جسد وروح ،يرتكز الشاعر عودة ضاحي التميمي على تجسيد العمق الذي تشكلت منه كربلاء الحسين ويؤنسن لنا معسكر النار والغروب ومعسكر الذئاب وانسنة الشمس والزمان والجرح وأنسنة الظلم والمواضع والشوارع ولكل صورة مؤنسنة فكرة
(تهوف الشمس 00 عطشانه الشواطي النور
تفتر والوكت 00 ناعور
تتعب والتعب ما يعذر الناطور
ومن يوصل ضواه الكربلاء يبهت
وحك من يعتذر 000 معذور
توكف 00 تلزم المحراب
تسجد 00 شاكره المبدع
العز الخدر والعفة) (ص17)
ولكل صورة رؤية وتفاعل يستمد مشاعر الفرح والالم ،يحدثنا عن الطف ومحاور الاشياء التي لها تواجد مضموني بالطف المبارك مثل كربلاء، الفرات ،الضوء الطريق ،ويمنحنا التصور الوجداني لكل حضور، وعمق هذا الوجدان يريد ان تشترك كل هذه القوى بدراما الواقعة،
(تركض كربلاء بلا ثوب 00
جسدها 00
الناطق 00 موشم
يمر بيها الفرات 00وابوجهه...
ثلث عيون..
رمده
00 والضوه مجتف..
تايه
والطريق 00 اظلم) ص24
خلق الشاعر عودة ضاحي التميمي مشاهد عاطفية عميقة ومعبرة عن الوطن، صورا تتفاعل شعوريا تضفي لشعره بعدا جماليا او عاطفيا وهوية وطنية
(شماغك يرفرف علم رمانته اعكالك
وغيرتك تجدح وفه من الزيج لذيالك
تنبت اهوارك زلم والزود بجيالك
ولا د نخلك يظل تتجايل اجيالك
والبور ما يوصلك كل الرجه ابتالك)ص51
ارتكز وجوده الشعري في هذه المجموعة على كائنات عابرة للمألوف لتظهر قدرته الشعرية وتعطي المنجز بعدا جماليا غير معهود
|