• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من هو الامير السيد فرج بن عذار بن محمد الامير الحسيني الموصلي مؤسس مدينة العمارة .
                          • الكاتب : د . صلاح ال خلف الحسيني .

من هو الامير السيد فرج بن عذار بن محمد الامير الحسيني الموصلي مؤسس مدينة العمارة

مقدمة

(( مؤسس مدينة العمارة جنوب العراق من هو " نسبه - معتقده - هجرته " الامير السيد فرج بن عذار بن محمد الامير الحسيني الموصلي ))

شهدت الأشراف العلويون منذ العصر العباسي مراحل متعددة من الصراع والهجرة، وكان من أبرز هذه الأسر آل فرج بن عذار الأمير الحسيني الذين تنقلوا بين الموصل والحجاز ثم إلى مناطق حماية الحمدانيين، وأخيرًا إلى جنوب العراق لتأسيس مدينة العمارة الحديثة. ينتمي السيد فرج بن عذار بن محمد الأمير بن السيد خلف الحسيني إلى ذرية الإمام الحسن والحسين عليهما السلام، والنسب الكامل له كما ورد في مشجرات الأشراف الحسينية هو فرج بن عذار بن محمد الأمير بن السيد خلف بن الأمير محمد بن السيد عذار متصلا بلا فاصلة الى السيد يحبى ابن السيد زيد ابن علي الشهيد زيد بن الامام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام وهو موثق في المصادر التاريخية مثل البلاذري أنساب الأشراف ج3 ص142 والطبري تاريخ الأمم والملوك ج7 ص553.

بدأت أولى مراحل الصراع العلوي في العهد الاموي ولعل ابرزها ثورة الامام السبط الحسين بن علي بن ابي طالب ةاستمرت الى العصر العباسي وتعززت بالثورات العلوية الحسنية والحسينية، فقد خرج محمد النفس الزكية سنة 145هـ/762م في المدينة ضد الخليفة المنصور العباسي ولقي تأييدًا واسعًا من أهل المدينة لكنه قُتل في رمضان 145هـ ورافقه أخوه إبراهيم بن عبد الله الذي أعلن الثورة في البصرة في نفس السنة وحقق انتصارات أولية قبل أن يهزمه جيش المنصور بقيادة عيسى بن موسى ويقتل في ذي القعدة 145هـ. كما خرج الحسين بن علي الخير سنة 169هـ/786م في مكة في عهد الخليفة الهادي العباسي ووقعت معركة فخ الشهيرة في ذي الحجة 169هـ وانتهت بمقتله ومقتل المئات من أصحابه، وقد وصفها المؤرخون بأنها "كربلاء ثانية".واقعة فخ

أما في الجانب الحسيني فقد قاد زيد بن علي سنة 122هـ/740م ثورة بالكوفة انتهت بقتله وصلبه على أبواب المدينة، وتابع خطه يحيى بن زيد سنة 125هـ/743م في خراسان لكنه قتل بعد فترة قصيرة ودُفن بسرخس، كما ثار يحيى بن عمر الطالبي سنة 250هـ/864م بالكوفة في عهد المستعين بالله وقُتل سريعًا وقُمعت ثورته بوحشية. وقد ساهمت هذه الثورات في تشريد الأشراف العلويين وانتقال الناجين إلى المغرب واليمن وطبرستان، حيث أسس إدريس بن عبد الله بن الحسن الدولة الإدريسية سنة 172هـ/788م وانتشر الفكر الزيدي في اليمن وظهرت إمارات علوية في طبرستان والديلم، وقد ورد ذلك في الطبري تاريخ الأمم والملوك ج7 ص193-557 والمسعودي مروج الذهب ج3 ص208-228 وابن الأثير الكامل ج7 ص39 وابن خلدون العبر ج4 ص145.

مع الضغوط العباسية لجأ الكثير من الاشراف ومنهم السيد امير سنجار فرج بن عذار من البصرة إلى الموصل واستفادوا من التحالفات المحلية وشبكات الحماية، للدولة الحمدانية واستمروا في الحفاظ على النسب والهوية الدينية. وقد وفرت الدولة الحمدانية بيئة مستقرة لهم ومنحتهم اراضي واسعة لزراعتها في القرن الرابع الهجري، حيث لجأوا إلى الموصل وحلب، وكان الحمدانيون متعاطفين مع العلويين والشيعة، وكان بعضهم يعرف بالتغالبة أنصار أمير المؤمنين علي عليه السلام في حروبه ضد معاوبة المارق ، وقد ساعدتهم هذه الحماية على الحفاظ على النشاط الاجتماعي والديني والتوثيق النسبوي، وقد ورد ذلك في ابن الأثير الكامل ج8 ص190.

لاحقًا، ومع توسع نفوذ الدولة العثمانية على العراق والمناطق المحيطة في القرن الخامس عشر الميلادي، بدأت الضغوط السياسية والاجتماعية على العلويين تتفاقم، إذ كانت الدولة العثمانية السنية تسعى لتجنيدهم ودفعهم للوقوف إلى جانبها في الحروب ضد الدولة الصفوية، التي كانت تسود في إيران انذاك وخاصة في مناطق تبريز وأردبيل ويسكنها الأتراك الشيعة الشبعة المعروفون بولائهم لآل محمد عليهم السلام. واجه العلويون في العراق معضلة دينية وسياسية، حيث كانوا من آل البيت ومن أنصار الحسن والحسين عليهم السلام، ورأوا أن الوقوف إلى جانب الصفويين الشيعة لا يناسب انتمائهم العقدي في حين كانت الدولة العثمانية تضغط عليهم للالتحاق بصفها في الحروب ضد الصفويين. باعتبارهم من العلويين الاشراف لما لموقفهم من غطاء وشرعية للدولة العثمانية لكنهم رفضوا ذلك وهاجروا الى اقصى الجنوب شمال مدينة البصرة للتحصن بالاهوار واسسوا مدينة العمارة الحالية التي تنسب الى احد ابناء فرج وهو السيد عمارة ابن خلف بن فرج الحسيني

هذه الضغوط دفعت الأشراف العلويين، ومن بينهم آل فرج بن عذار، إلى الهجرة جنوبًا إلى مناطق الأهوار وناصرية والشطرة وصولًا إلى ميسان التاريخية، حيث وجدوا ملاذًا آمنًا بعيدًا عن النزاعات الإقليمية، مع الحفاظ على النسب الحسيني والهوية الدينية والاجتماعية. وتوثق هذه المرحلة النسبية بدقة، إذ يمتد عدد الأجداد من 12 إلى 15 جدًا، مما يجعل نسب الأمير فرج متصلاً ومتوافقًا مع المشجرات العائلية التاريخية للاشراف الحسينيين ويؤكد استمرارية الأسرة في الحفاظ على هويتها عبر الهجرات المختلفة.

ما يعزز صحة النسب أيضًا هو تصرف الأمير فرج بن عذار تجاه محمد العزاوي الذي جاءه لاجئًا، فقد أكرمه وزوجه، وكان يعرفه عند الناس قائلاً إنه من أولاد عمومته، بل كان يسميه ابنه واطلق عليه اسم بو محمد، وهو ما أدى إلى تسمية عشيرة البو محمد، علمًا بأن محمد كان والده متوفيًا حينها، ويشير ذلك إلى أن أبو محمد المشهور هو الأمير فرج الحفيد وليس الجد الذي هاجر لان هجرة محمد العزاوي الى ميسان كانت بما يقرب 250 عام اي ان فرج الذي صاهره ليس هو فرج ابن عذار بل فرج ابن عماره ابن حسن وهذا الاختلاف ام يفسره النسابه بشكله الواضح ، وقد سلّمه مقاليد التحالف الكبير أولًا للحفاظ على نسبه من الضياع وثانيًا لضمان خصوصية الأسرة الحسينية المباركة حينها كانت اسرة فرج الامير قد انتشرت في جنوب ووسط العراق الفرات ومنع اختلاطها أو ضياعها بين التحالفات الكبيرة الأخرى، وهو دليل عملي على اهتمام الأسرة بالحفاظ على الهوية النسبية والدينية والاجتماعية وسط شبكة التحالفات القبلية والسياسية المعقدة في جنوب العراق.

بعد سقوط الدولة العباسية على يد المغول في 656هـ/1258م، واجه الأشراف العلويون اضطرابات واسعة ونزوحًا داخليًا، وضمن حكم الدولة العثمانية في القرن السادس عشر الميلادي استمر الضغط على العلويين بما في ذلك التجنيد الإجباري وحصار النشاطات الدينية، الأمر الذي دفعهم للجوء الكامل إلى جنوب العراق والأهوار للحفاظ على حياتهم الاجتماعية والدينية. وقد ساعد هذا على استمرار الأسرة في العمارة والحفاظ على النسب الحسيني وإدارة الشؤون الدينية والاجتماعية، وكانت الأهوار وميسان التاريخية مأوى للناجين من المذابح مثل الصابئة المندائيين والفريجيين، وكان لدورهم في المجتمع المحلي أثر في دعم استقرار الأشراف العلويين وتوفير حماية اجتماعية ودينية، وأدى ذلك إلى خلق شبكة اجتماعية متماسكة ساعدت على نقل العلوم الدينية والحفاظ على الهوية الحسينية للأشراف العلويين، وقد ورد ذلك في الدراسات الأنثروبولوجية للمندائيين والصابئة والمشجرات المحلية.

وبهذا يظهر مسار آل فرج بن عذار الأمير الحسيني رحلة الثورات العلوية الحسنية والحسينية ضد العباسيين، الهجرات، التحالفات، وتأسيس مدينة العمارة الحديثة، وقد كانت الهجرات نتيجة الضغوط السياسية والحروب والتجنيد الإجباري لكنها أسست لنواة اجتماعية ودينية قوية حافظت على النسب الحسيني والهُوية الدينية، وجعلت العمارة مركزًا دائمًا للأسرة الحسينية، كما أظهرت كيف ساعد التحالف مع الدول المحلية والمجتمعات النائية على استمرار الأشراف العلويين في العراق رغم تقلبات التاريخ السياسي من العباسيين إلى الحمدانيين ثم المغول والعثمانيين، مع إبراز خصوصية الأسرة الحسينية والتحالفات التي حافظت على الهوية النسبية والدينية.

 

قائمة المراجع

الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة: دار المعارف، 1960م

البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، تحقيق محمد حميد الله، دمشق: دار اليقظة، 1967م

المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق يوسف أسعد داغر، بيروت: دار الأندلس، 1965م

ابن الأثير، علي بن محمد، الكامل في التاريخ، بيروت: دار صادر، 1966م

ابن خلدون، عبد الرحمن، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر، بيروت: دار الفكر، 1981م

مشجرات الأسرة الحسينية، ميسان والموصل، القرون 10–16هـ




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=208697
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 10 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 10 / 14