العنوان الذي ذكرناه لسان حال مواطنين عراقيين وقعوا ( ضحايا ) مصرف الوركاء ، وهو من المصارف العراقية التي تخضع لأحكام قانون المصارف رقم 94 لسنة 2004 الذي كفل بموجبه حقوق الأفراد والشركات في التعامل مع المصارف بمختلف الفعاليات ، وما حصل باختصار إن مجموعة من العراقيين ( أفرادا وشركات ) أودعوا أموالهم في مصرف الوركاء الأهلي باعتباره مؤسس بموجب القانون وهو من المصارف الأهلية المهمة التي كان لها اعتبار كبير في القطاع المصرفي في البلاد ، وبعد أن وثق الناس ( أفرادا وشركات ) بهذا المصرف ووضعوا فيه أموالهم ( التي بلغت 334 مليار دينار في الحسابات الجارية والتوفير والحوالات بالدينار والدولار ) على أمل الحفاظ عليها وسحبها عند الاحتياج باعتبارها إيداعات ، تفاجأ الجميع بقيام المصرف بغلق أبوابه عام 2009 ، وأعلن انه يعاني من عسرة مالية ستزول بعد أيام وتوارت إدارته عن الأنظار وتولى إدارة شؤونه البعض من موظفيه لا حول ولا قوة لهم سوى الطمأنة وإعطاء الوعود ، واستمر هذا الحال لأيام طوال وبعدها استبشر الناس خيرا بقيام البنك المركزي بوضع الوصايا على المصرف أملا في إيجاد مخرج سريع و عادل للجميع .
وأمل المودعون بان ينجلي الموقف بعد أيام فهم فالمتعهد بالحل هو البنك المركزي وهو أعلى سلطة مالية في البلاد ، ومرت الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات والبنك المركزي لم يتخذ إجراءا يعيد الحقوق منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ، وخلال السنوات أل 16 ( 2009 – 2025 ) التي مضت سمعنا الكثير من الوعود وبشائر الأمل والانفراج فمنهم من قال التعويض ومنهم من قال الاندماج كما قيل إن المصرف دخل مرحلة التأهيل ووافق مسجل الشركات لزيادة رأسماله إلى 270 مليار دينار ، إلا إن الأحداث أثبتت إنها مجرد أمنيات ، فالوركاء أغلق جميع فروعه وبقي له مقرا وحيدا ( في منطقة المنصور ) ، ولان الوضع باق على حاله دون إجراء من البنك المركزي صاحب الاختصاص ودون مبادرات من الوركاء باعتباره صاحب البلاء والابتلاء ، فقد اضطر بعض المودعين باتخاذ ما يرونه مناسبا لكي تعاد لهم الأموال ، فالبعض قدم الدعاوى لدى القضاء والبعض تظلم لكل الجهات والسلطات في الدولة ولم تفضي جميعا لاتخاذ ما يناسب أصحاب الأموال من معالجات ، وتحت الاضطرار ولإسماع الأصوات فقد نظمت عشرات الوقفات والتظاهرات ( السلمية ) بعضها أمام الوركاء والأخرى أمام البنك المركزي وحتى بناية مجلس الوزراء ولا جواب .
والمودعون المطالبون بحقوقهم لا يستطيعون الحضور باستمرار وإسماع الأصوات ، فخلال السنوات ال16 رحل بعضهم إلى رحمة الله وأصيب البعض بالكبر والعجز والأمراض ونسبة كبيرة منهم ليسوا من سكان بغداد وإنما من المحافظات وخارج العراق لان الوركاء الذي ظفر ( بالغنيمة ) كانت له عشرات الفروع داخل وخارج العراق ويمارس نشاطاته علنا وليس بالخفاء ، ومن العجب كيف يصمت ضمير من يعنيهم الأمر على هكذا مأساة ؟ ، ولماذا لم تتخذ إجراءات حازمة على المصرف ومن تسبب بإضاعة هذه المليارات ؟ ، وما ذنب المواطن الذي قصد الأمان فتحول رصيد أمواله في المجهول ؟ ، نعم مجهول لان الأموال لم تعاد وخلال هذه السنوات انخفضت قيمتها الاقتصادية كثيرا بسبب التضخم وضياع الفرص ، وليس خافيا القول إن منهم تعرضوا لمختلف الحالات فتوفوا لأنهم لا يمتلكون ثمن العلاج والبنك المركزي لم يستجيب لمثل تلك الحالات ، والاستجابة الوحيدة تمت قبل شهرين عندما علم المودعون بان البنك المركزي اقرض الوركاء مبلغ 50 مليار لكي يعيد نشاطه ، فبعد التظاهر أمام البنك المركزي ومقابلة بعض المسؤولين وعدوا بإعادة جزء من أموالهم ، والأمر الغريب إن مقدار ما صرف لهم من مدخراتهم هي نسبة ( 4% ) .
وبغض النظر عن الأسباب والخفايا التي أوصلت المصرف لهذا الحال ( وهو ليس المصرف الوحيد في البلاد الناكل بحقوق الناس ) ، فمن حق ( ضحايا ) الوركاء أن يتوجهوا بالسؤال للبنك المركزي ، هل من المعقول أن تحجز أموال الناس طيلة 16 عام لا بسبب ذنب ارتكبه المودع وإنما لأسباب تعود للمصرف ؟ ، وهل يجوز أن يكون الحل مجهول طيلة هذه السنوات ؟ ، فالسكوت يعذب الآلاف من المودعين الذين تغيرت أحوالهم سوءا بسبب ما فقدوه من أموال ، ولا يصدق القول إن المصرف سيعيد نشاطه لان هذا الكلام يتكرر من دون نشاط منذ سنوات و زيارة لمقر الوركاء تثبت ذك ، فمنذ استلامه قرض ال50 مليار لم تظهر أية إشارات او ملامح في العودة فمقره لم يتغير فيه شيء لا في الإعلام ولا في الأفعال ، ولمن يعنيهم ولا يعنيهم الأمر في أية سلطة من سلطات الدولة ، هل تقبل ضمائركم بان تودع الملايين من جهد وثروة الناس في مصرف ويتنصل عن إعادة أموالهم وقد مضى على ذلك 16 عام ؟ ، والمودعون لا يزالون في حالة من ضبط النفس وباتوا يقبلون بأية حلول عادلة لإعادة الأموال بالتسويات والتراضي وفي أية مخارج ممكنة بهذا الخصوص ، ويجدون من غير اللائق لسمعة ومكانة البنك المركزي تكرار وقوفهم للتظاهر أمام بنايته بين حين وحين ، فلا باس في تخصيص دفعات عادلة ومستمرة تمهد لكل الحل ، ونمتلك الثقة بان البنك المركزي قادرا على الحلول فله القدرات العالية لولوج هكذا حالات من خبراته وما يمتلكه من طاقات وإمكانيات ، ويتم التعويل عليه لأنه الراعي والقائد للقطاع المصرفي في البلاد وحقق الكثير من التميز والأداء عبر العقود والسنوات .
|