كل يوم يشرق الطف بنور اليقين، يسمو الفكر في كل ضمير وإرادة ومصير، لأن الحدث الذي يصنع التاريخ لا يقف عند حد.

 قال لي أحد العلماء، إياكم أن تغفلوا عن الطف لحظة، إياكم أن تتوقفوا عن البحث والتأمل والتفكر فيه كل يوم، لتكتشفوا أن الطف أقرب إليكم، وتتعرفوا على أسماء رفعت راية الولاء في الطف سبيلا، جاء في كتاب الشهيد المغيب للكاتب حيدر السيد موسى وتوت الحسيني إصدار مؤسسة النبراس النجف الأشرف.
أبو الهياج عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب الهاشمي، صحابي من أجلاء الصحابة، ومن طليعة شعراء أهل البيت عليهم السلام.
واقعة الطف لم تكن حربا بين فريقين لمدة زمنية محددة يعبر عنها التاريخ بظهيرة عاشوراء، وإنما هي حرب منازلة وحرب بين مبدئين، فكرية وإعلامية، وصراع هوية ومصير، وأبو الهياج من شهداء واقعة الطف الذين نالوا الشهادة بين يدي الحسين "عليه السلام" في كربلاء، رجل غفل عنه التاريخ وتعامى عن أخباره وتجاهل سيرته وأحواله، وأصابه إجحاف شديد، ولم يحفظ لنا من سيرته ما يحفظ جميل أثره، سوى القليل من الأخبار المتناثرة بين الصحائف بعض المصادر.

يقول المؤرخون إنه ابن أبو سفيان بن المغيرة بن الحرث ابن عم رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" وأخوه في الرضاعة، وكان يشبه رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم"
ومن أشعاره:
وكان ولي الأمر بعد محمد
                علي وفي كل المواطن صاحبه
وصي رسول الله حقا وجاره
                   وأول من صلى ومن لان جانبه
ذكر البغوي في معجم الصحابة أن أبا الهياج سكن الكوفة وورد المدائن مع أمير المؤمنين لقتال الخوارج في النهروان، وكان شاهدا على وصية أمير المؤمنين "عليه السلام" لابنه الحسن "سلام الله عليه" وفي إحدى محاوراته مع معاوية يوما يسأله:
ـ ما فعل حسنكم؟
أجابه:
ـ غياث المحل، وأمان الأجل، وينبوع الحكمة.
سأله معاوية ثانية فما فعل حسينكم؟
ـ فأجابه:
 شمس منيرة، وبحر غزير، إن يطلع أضاء، وأن سئل أعطى.
فقال معاوية ما أحسن ثنائك على ابني عمك
أجابه:
ـ ثناء الله عليهما أحسن
ذكرت شهادته في طف كربلاء الكثير من المصادر المهمة، مثل مقتل الإمام الحسين عليه السلام للواقدي، وعند أرباب المعاجم والتراجم، ابن حجر وابن سعد في الطبقات الكبرى، والحافظ بن عساكر، وذكر استشهاده السيد فخار بن معد في كتاب الحجة على الداني والقاصي، والشهيد السيد نور الله المرعشي في مجالس المؤمنين، وكثير من المصادر، ومن المعاصرين سماحة آيه الله السيد محمد مهدي الخرسان في كتابه موسوعة عبد الله بن عباس، وذكره في أرجوزة
وبعد قتل عبد الله ذو الحجاج
                         ذاك المكنى بابي الهياج
وهو حفيد شبيه المحامد
وابن أبي سفيان يروي الواقدي
واسى الحسين في عراص كربلاء
شان أباة الضيم صادق الولا
ملاحظة: ينهل الموضوع من تسعة وستين مصدر من المصادر الموثوقة والتي ذكرت شهيدنا أبي الهياج رضوان الله تعالى عليه، ومع هذا غيب اسمه من قائمة شهداء الطف "سلام الله عليهم