• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الأمنية الأخيرة لحبيب بن مظاهر الأسدي .
                          • الكاتب : خديجة عبدالواحد ناصر .

الأمنية الأخيرة لحبيب بن مظاهر الأسدي

 ترك في تاريخنا بصمة مضيئة، عرفته الأجيال صاحب مواقف.
وأكبت حركة الإمامة وكان لك الدور البارز في صرح التشيع وتثبيت أركان الكوفة في عهد أمير المؤمنين "عليه السلام" وما بعده، ومع هذا سألت عن الهوية التعريفية؟
-  أنا حبيب بن مظاهر الأسدي ولدت في بادية الشام (نجد) لكني نشأت في الكوفة، وصحبت النبي "صلى الله عليه وآله" وسلم وسمعت حديثه، ثم لا زمت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" وصحبت الإمامين الحسن والحسين سلام الله عليهما.


إن نتائج ملازمة أمير المؤمنين عليه السلام لا بد أن تكون مثمرة إلى درجة أنها تخلق تأثيرات على التاريخ الشخصي العام.

-  اشتركت في حروب الإمام علي "عليه السلام "جميعها، وكنت أحد شرطة الخميس، وشرطة الخميس هم مجموعة من أصحاب أمير المؤمنين "عليه السلام"، يبلغ عددنا ستة آلاف مقاتل، قال أمير المؤمنين «تشرطوا إنما أشارطكم على الجنة ولست أشارطكم على ذهب ولا فضة، إن نبينا "صلى الله عليه وآله" قال لأصحابه فيما مضى تشرّطوا فانّي لست أُشارطكم، إلّا على الجنّة»
لازمت الإمام علي "عليه السلام" وتعلمت منه العلم والأدب والحلم والشجاعة، وعلمني أشياء كثيرة زرعها في روحي، مثل السخاء والكرم والشجاعة والوفاء بالوعد والعهد والإثار والحلم والصبر والثبات عند الشدائد والإباء والصدق وحسن النية، ولا بد من الارتقاء إلى مستوى صحبة أمير المؤمنين عليه السلام، فليس من المعقول أن يصحب الإنسان سمو هذا الانتماء الإلهي دون أن يمتلك هذه السجايا لهذا فزت بصحبة الأبرار، وحزت أنواع العلوم القرآنية والفقهية ومن جملتها علم المنايا والبلايا.
*** 
-  قرأنا كثيرا عن ليلة عاشوراء وأحداثها وأهوالها، لكن من الجميل أن تروي لنا المواقف التي مرت بتلك الليلة العظيمة.
ليلة عاشوراء كانت التجلي، مواقف تظهر عمق الإيمان وثبات الدين، أخبرني نافع بن هلال البجلي إنه اتبع الإمام لحمايته فسمع محاورة السيدة زينب "عليها السلام" مع الإمام الحسين "سلام الله عليه" وما ساورها والهاشميات من القلق وعدم الاطمئنان لمصير الحرب الدامية، ولموقف الأصحاب، وهي المرأة التي عاشت تجارب قاسية من المجتمع فقد قُتلت أمها الزهراء من قبل رؤساء القوم، وقُتل أباها في محراب صلاته، وهو في عز حكومته، وقتل أخوها الحسن مسموما بعدما تخلى عنه الكثيرون، وأحداث الكوفة وما جرى لابن عمها مسلم بن عقيل، قد تتغير المواقف أمام الطعان.
فأجابه الحسين "عليه السلام الله" لقد بلوتهم فما وجدت فيهم إلا الأشوس الأقعس، والأشوس تعني الشديد الجريء في القتال، والأقعس راسخ الإيمان الذي يمتلك عزة النفس، فكان نافع يحدثني وهو يبكي، اضطرب الأصحاب من ما سمعوه من قلق الهاشميات، اخبرت حينها الأنصار فتعالت أصوات الاستجابة، وصحبتهم وهم بهذا الحماس لنطيب خاطر الهاشميات، وقفنا إمام أخبية العيال، ناديت بعلو الصوت: يا معشر حرائر الرسول الله "صلى الله عليه وآله" هذه صوارم فتيانكم أبوا ألا يغمدوها إلا في رقاب من يريد السوء فيكم، وهذه أسنة غلمانكم أقسموا أن لا يركزوها إلا في صدور من يفرق ناديكم.

في خضم هذه الأحداث الجسام كيف كانت الشهادة؟

-  القضية أكبر من أن تقال وأكبر من التدوين نفسه، وما يدور في صدري قلته هناك لحظة المواجهة، بئس القوم عند الله غدا قوم يقدمون عليه وقد قتلوا ذرية نبيه "صلى الله عليه وآله" وعترته وأهل بيته "عليهم السلام"، ولا ادري هل وصلتكم أخبار وصية مسلم بن عوسجة لحظة استشهاده، رفع رأسه إلي وقال:
ـ أوصيك بهذا، وأشار بيده نحو الإمام الحسين "عليه السلام" فقلت أفعل ورب الكعبة.
 هل وصلتكم أخبار مبارك، أرسلته مع الجواد والسلاح وجعلته يقف في مثابة آمنة ينتظرني، وحين آمنت السبيل قلت له ارجع وأنت حر لوجه الله، نظر إلي بعين دامعة، وقال وأنت إلى أين تمضي، قلت:
ـ إلى نصرة الإمام الحسين "عليه السلام" فأجابني ما أنصفتني يا عم، أنت تمضي وتنصر الحسين "عليه السلام" وأنا أنجو بنفسي، ما كان ذلك أبدا، والله لأخلط دم الأسود بدماء الشهداء، حتى لا يكون خصمي جده رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" يوم القيامة.
هل وصلتكم أخبار جيش الحصين بن تميم وهو يحاصر مداخل ومخارج الكوفة لهذا كنا نسير ليلا ونكمل بالنهار.
المهم نلت الشهادة بين يدي سيد الشهداء الحسين عليه السلام، وهذا هو فوز كبير، لكن رغم هذا ما زالت عندي أمنية

أمنية؟

-  نعم أمنية وربما هي الأخيرة 
 أن أعود إلى الحياة الدنيا لأحضر مجالس الحسين "عليه السلام" وأمشي مع زوار الأربعين...

الله ما أجملها




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=208286
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 09 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 24