• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الزهراء وتحديات المرأة المعاصرة: اتجاه التغييب .
                          • الكاتب : منتهى محسن .

الزهراء وتحديات المرأة المعاصرة: اتجاه التغييب

 ( وهو الاتجاه الذي لا يسمح لها أن تمارس عملا اجتماعيا أو ثقافيا أو تربويا أو سياسيا، فالمرأة يجب أن تُسجن في البيت، ويجب أن لا يكون لها حضور ثقافي ولا حضور اجتماعي ولا حضور تربوي، هذا يُسمّى تغييب للمرأة ، ولا أريد أن أبحث مبررات هذا الاتجاه وما هي مستندات أصحاب هذا الاتجاه، فهم يستندون لروايات وأحاديث، ولديهم مستندات يعتبرونها شرعية، وهي مناقشة ونحن نرفض هذا الاتجاه، ويجب أن نفهم هذه الروايات - المستند إليها - فهما آخر، ونعتبر أن دور المرأة في داخل البيت دور مقدس وكبير جدا، وأنه يجب أن لا تزاحمه أية أدوار أخرى، لكن لا يعني هذا أن لا يُسمح لها أن تمارس العمل الثقافي والتربوي والاجتماعي، بل حتى العمل السياسي إذا كان فيه مصلحة للإسلام)

لو اسقطنا هذا الاتجاه على حراك السيدة الزهراء عليها السلام فماذا سنجد ؟

بالتأكيد سنجد البعد الشاسع بين تلك المنطلقات الوخيمة وفكر ومتبنيات سيدة النساء، حيث يعرب حراكها عن توقد الأفكار وتجسيد حي المفاهيم الدين النبيلة، واحياء تام وكامل لدور المرأة المطلوب، واستنهاضا من حالات السبات والانسحابية واللامشاركة في ميادين الحياة التي تستلزم دورا حيويا للمرأة.

إن سيدة عظيمة خرجت من صلب سيد الانام المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) تؤطر بسلوكها ووقفاتها الجبارة وبأقوالها السديدة، مشروعا ينطلق بالمرأة الى حيث ارفع مستويات الرقي والتميز والتفرد، انها سلام الله عليها تقول من خلال كل ذلك : ان لا حجة للمرأة عن القعود والانزواء وعدم المشاركة في بناء منظومة الإسلام العريقة .

وان تلك الخزعبلات والادعاءات التي يتبناها البعض وفق تأسيساتهم الخاطئة والذين يرفعون شعارات النهي والنفي بوجه المرأة لاحقيقة لها في الكتاب والسنة، وان تصدي المرأة وخروجها لميادين المجتمع المختلفة منوط بضرورة ذلك الخروج واهميته ومسؤوليته.

ان السيدة الزهراء عليها السلام تعلن اليوم وفي كل زمان لمن اراد تغييب دور المرأة كلمة : لا كبيرة، مغزاها ؛ ألا تعطيل لدور النساء ولا مَوتَ لنشاطهن المرجو، ولا إطفاء لوَحْيِهِنَّ الخلاق، فالمجتمع الإسلامي يتوسم بالنساء المؤمنات خيرا ، ويطلب منهن المشاركة تزامنا مع الضرورة والحاجة الملحة لتواجدهن في ساحة النزال .

انها (سلام الله عليها) ترد عليهم بالرغم من تغير التاريخ وابتعاد زمن نزول النص، والفرق الشاسع عن أجواء الحياة في ذلك الزمان مقارنة بزماننا اليوم المليء بالانحلال والفساد، وتقول لهم :

قد آن الآوان لتخطي المرأة اعتباراتكم التي ما انزل الله بها سلطان.

وبما ان المرأة الواعية الناضجة تنفتح على قضايا أمتها بفكرها الوقاد وبهمتها العالية، وتطلب التحرك ضمن ما أقرته الشريعة من ضوابط وأحكام، غير مخالفة شرعا ولا منهجا ولا محدثة فسادا او ضلالاً، فعليكم تعبيد طريقها بالورد والازهار، واشرعوا لها الأبواب، فالدين يحتاج لكل افراده وكل طاقاته بعد العواصف الشديدة التي تعصف به من كل الجهات .

انها تقول عبر مد السنين والاعوام من خلال ما قدمته لنا في اطروحتها الغناء :

كفوا عن أفكار التشديد غير اللازم، والوأد للقدرات واجهاض الافكار، والذي جعل من مشروع النهوض بواقع الدين مشروعا مشروخا من الأعماق يرتكز على قدم واحدة والأخرى عرجاء .

ان النضج الذي تتنسم به رسائل السيدة الزهراء عليها السلام، القولية والعملية بوجه خاص تتيح لذي اللب الرشيد تفكرا في خطورة الامر، وضرورة التأسيس ثم التأصيل لمشاريع نسوية تعمل بهمة عالية ومتنوعة، في الارشاد والمواعظ تارة وبالعمل والتصدي تارة أخرى .

وفصل الخطاب يتجلى في مجد مولاتنا الزهراء حيث جسدت انسانيتها بكل اقتدار، فقد بذلت واعطت جاهدت وتحدت قاومت و رفضت نظرت وأسست، ثم أصلَتْ وقعدت، وهنا كان لابد لكل مؤمن ومؤمنة من اتباع قبس هداها لعل الله يهدي هذه الامة، ولعل الله يحدث بعد ذلك امرا.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=208284
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 09 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 24