يلاحظ هذه الايام ان البعض من الانشطة الاعلامية المؤجورة تعمل بغزارة شديدة من اجل تجميل الصور السوداء لبعض السياسيين العراقيين والذين شدوا الاحزمة للمشاركة في الانتخابات القادمة وهم غير مؤهلين دون حسابهم بأن ثقة الجماهير قد تزعزعت بهم من خلال القراءة الصحية لتاريخهم الملوث بالفساد المالي والاخلاقي حيث تراجعت إلى مستوى خطير بهم لأسباب أبرزها عدم رضاهم عن أدائهم المهني في الفترات الماضية وارتفاع نسبة الفساد بينهم والاعتماد على التسقيط للاخرين، وتعكزت على تسليط الأضواء في اي قضية خادمة لسياسة تلك الوسيلة الاعلامية وتضخيمها والتجميل والتبهرج باعتماد التهويل والتضخيم لها، وهذا ما يحدث فعلا، حين جعلت وسائل الإعلام من بعض الشخصيات الذين فرضتهم المرحلة قرقوزين لا هم لهم سوى الانتهاء من البرنامج واستلام اجورهم، مستغفلين انفسهم من أن الاعلام يجب ان يتصف بشكلٍ عام، بالمصداقيَّة وكشف الحقائق بصورةٍ دقيقةٍ ونقلها للجمهور بشكلٍ واقعيٍّ دون التضليل في المعلومات التي ليس لها علاقة بالحدث ،واصبحت تصريحاتهم اسلحة تطلق على الوحدة الوطنية و سخرت كل وقتها لبث الأحداث التي تغذي الطائفية! وهو الأمر الذي أدى إلى اتساع الهوة بين الجماهير ووسائل الإعلام وخاصة المرئية منها والتي شوهت صور العديد من الاشخاص من خلال الشجار العاري فيما بين المشاركين وإطلاق كلمات بعيدة عن الأخلاق ومن ثمة القواعد السياسية المشاركة في العملية السياسية في الساحة، ان أزمة الثقة هذه أثرت أيضا على تطلعات الشباب الذين اتعبهم التسكع وأدت إلى وجود حالة من الإحباط في أوساطهم مردها إلى كون الإعلام عوض أن يقف إلى جانب الجماهير ومطالبهم وقام وإبعادهم عن النقاش العمومي وأدخلهم في معارك سياسية فاقدة للكثير من المهنية والحيادية. أن هذه الصور المصطنعة من التبرج والتزيف لم تكن مستمدة من الحياة الواقعية- والواقعية الإعلامية والتي نقرأ في الصحف والمجلات ونستمع إليها في الإذاعة ونشاهدها في التليفزيون و هناك اختلافات جمة بين الاثنتين فتلك الوسائل الإعلامية المصنعة لا تميل أكثر من أن تكون أكثر كثافة فقط، وأكثر بريقا، وأكثر عنفا من الحياة المزيفة، والذي يجذب الجمهور إليها هو أنها أكبر من الحياة الواقعية وأعظم، فالحياة الواقعية لا يمكن أن ترقى إلى مستوى البهاء والرونق الذي يقدم به العالم من خلال الإعلامية التي يمكن أن نطلق عليها ،الصورة الإعلامية المشوهة.
أن الهدف الرئيس للإعلام هو التوعية والتثقيف لبناء مجتمع العدالة والديموقراطية، ولتحقيق هذا الهدف النبيل يجب أن يتصف الإعلام بإيراد الحقائق، وأن يكون الإعلام عادلا ومنصفا، وأن يتجنب أكبر الأخطاء المتمثلة في تسخير وسائل الإعلام لتحقيق غاياتٍ جانبية و توظيف الإعلام كبوق دعاية لتحقيق الربح السياسي الغير عادل، أو تسخير الإعلامُ لتشويه ثقافة المجتمع بجعله سلعة تجارية، أو أن يتحول الإعلام إلى صيغة الإعلام الديكتاتوري السلطوي المعادي للحرية والديموقراطية! ليس تجنيا على الإعلام حين نقول: تشوه البعض للبعض الاخر أسست قواعد إعلامية جديدة في كثير من وسائل الإعلام، هذه الركائز الجديدة هي انقلابات لا تتوافق مع الأهداف الرئيسة السابقة!
الملاحظ ان جنوح الاعلام نحو التهويل والتضخيم أدى إلى إضعاف مصداقيتها في الأوساط العامة الذي كان يرى فيها وسيلة من وسائل التغيير والتنمية خلال الفترات السابقة اي قبل التغيير و فقدان الثقة اتجاه الاعلام الداخلي فحين يرى الشباب أن الاحتجاجات التي كان يشارك فيها ولو افتراضيا من خلال الفضائيات، لم تؤت الأكل المرجو منها وهناك من ركب الموجة ووصل الى ما وصل ، فإن الإحباط انتابهم مما يؤثر حتما على علاقته بهذه الوسائل″، كما أن القنوات لا الداخلية ولا الخارجية لم تستطع أن تكون في مستوى تطلعاتها ولا أن تسايره في رغباتهم نحو حرية التعبير عن رأيه فحين يلمس المطلع استكانة وسائل الاعلام مقارنة مع ما يتطلع إليه من أدوار، فإنه يصاب بالإحباط، ويسحب ما بقي من ثقة في هذا النوع الوسائل الذي يعتبره في أفضل الحالات ترفيهيا، ولا يهدف إلى إذكاء الوعي في اتجاه إرساء الديمقراطية وأن الثورة الرقمية، وخاصة الإنترنت، وضمنها شبكات التواصل الاجتماعي، أججت النقد الموجه من الشباب الواعي للاعلام″.
|