جاء في کتاب معجم الفروق اللغوية بترتيب وزيادة للمؤلف أبو هلال العسكري: الفرق بين الخلف والكذب: قال في أدب الكاتب: الكذب فيما مضى، وهو أن تقول فعلت كذا، ولم تفعله! والخلف لما يستقبل: وهو أن تقول: سأفعل كذا ولا نفعله انتهى. قلت: ويرشد إليه قوله تعالى: "والله يشهد إن المنافقين لكاذبون" (المنافقون 1). أي فيما أخبروا به من إيمانهم فيما مضى. وقوله تعالى: "فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله" (ابراهيم 47). أي فيما وعدهم بالنصر وإهلاك أعدائهم في المستقبل.
وعن الفرق بين الخلق والتغيير والفعل يقول العسكري في كتابه: أن الخلق في اللغة التقدير يقال خلقت الاديم إذا قدرته خفا أو غيره وخلق الثوب وأخلق لم يبق منه إلا تقديره، والخلقاء الصخرة الملساء لاستواء أجزائها في التقدير واخلولق السحاب استوى وانه لخليق بكذا أي شبيه به كأن ذلك مقدر فيه، والخلق العادة التي يعتادها الانسان ويأخذ نفسه بها على مقدار بعينه، فإن زال عنه إلى غيره قيل تخلق بغير خلقه، وفي القرآن "إن هذا إلا خلق الاولين" (الشعراء 137) قال الفراء يريد عادتهم: والمخلق التام الحسن لانه قدر تقديرا حسنا، والمتخلق المعتدل في طباعه، وسمع بعض الفصحاء كلاما حسنا فقال هذا كلام مخلوق، وجميع ذلك يرجع إلى التقدير، والخلوق من الطيب أجزاء خلطت على تقدير، والناس يقولون لا خالق إلا الله والمراد أن هذا اللفظ لا يطلق إلا لله إذ ليس أحد إلا وفي فعله سهو أو غلط يجري منه على غير تقدير غير الله تعالى كما تقول لا قديم إلا الله وإن كنا نقول هذا قديم لانه ليس يصح قول لم يزل موجودا إلا الله.
وعن الفرق بين الخوف والوجل يقول أبو هلال العسكري: أن الخوف خلاف الطمائنينة وجل الرجل يوجل وجلا إذا قلق ولم يطمئن ويقال انا من هذا على وجل ومن ذلك على طمأنينة ولا يقال على خوف في هذا الموضع، وفي القرآن "الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم" (الأنفال 2) أي إذا ذكرت عظمة الله وقدرته لم تطمئن قلوبهم إلى ما قدموه من الطاعة وظنوا أنهم مقصرون فاضطربوا من ذلك وقلقوا فليس الوجل من الخوف في شئ، وخاف متعد ووجل غير متعد وصيغتاهما مختلفتان أيضا وذلك يدل على فرق بينهما في المعنى.
وعن الفرق بين الدفتر والصحيفة يقول العسكري في كتابه: أن الدفتر لا يكون إلا أوراقا مجموعة والصحيفة تكون ورقة واحدة تقول عندي صحيفة بيضاء فاذا قلت صحف أفدت أنها مكتوبة، وقال بعضهم يقال صحائف بيض ولا يقال صحف بيض وانما يقال من صحائف إلى صحف ليفيد أنها مكتوبة، وفي القرآن "وإذا الصحف نشرت" (التكوير 10) وقال أبو بكر: الصحيفة قطعة من أدم أبيض أو ورق يكتب فيه.
وعن الفرق بين دلالة الآية وتضمين الآية يقول أبو هلال العسكري: أن دلالة الآية على الشئ هو ما يمكن الاستدلال به على ذلك الشئ كقوله الحمد لله يدل على معرفة الله إذا قلنا إن معنى قوله الحمد لله أمرا لانه لا يجوز أن يحمد من لا يعرف، ولهذا قال أصحابنا: إن معرفة الله واجبة لان شكره واجب لانه لا يجوز أن يشكر من لا يعرف، وتضمين الآية هو إحتمالها للشئ بلا مانع ألا ترى أنه لو إحتملته لكن منع منه القياس أو سنة أو آية أخرى لم تتضمنه، ولهذا نقول إن قوله "السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما" (المائدة 38) لا يتضمن وجوب القطع على من سرق دانقا وإن كان محتملا لذلك لمنع السنة منه، وهذا واضح والحمد لله تعالى.
|