تحدَّثنا في الحلقات التسع السابقة عن المحاولات المتعددة للعدو في تجريد الشيعة من السلاح أو تحييده في بلدان الشيعة خاصة، والتي يتواجد فيها الشيعة عامة، وأنواع الأساليب العدائية العسكرية، أو السياسية الخبيثة في ذلك، ولعل الصورة التاريخية الإجمالية واضحة للمتابع للأحداث.
-١-
إنَّ من أهم ما يجب الإيمان به أنَّ حقيقة المواجهة مع الصهيو@نية العالمية التي تريد فرض هيمنتها على الشيعة خاصة هي الآيدلوجية التي تؤمن بها، وتعمل على تحقيقها ضمن مخططها العالمي في الدولة الصهيو@نية للكيااان الغاصب، وتحقيق وجوده الآمن في احتلال كامل فلسطين ابتداء، ضمن نظريتهم المزعومة عن أرض الميعاد المقدسة، وما كان من الشيعة بمراجعهم وعلمائهم ومفكريهم ومجتمعاتهم من التصدي لذلك الكيااان الغاصب على مدى التاريخ هذا من جهة، ومن جهة أخرى محاولتهم كسر كل إرادة للشيعة عسكرية أو سياسية أو اقتصادية أو غيرها مما يحقق لها قوة مواجهة المشروع الصهيوني الذي للأسف الشديد استسلم وخضع له كثير من الحكام العرب، واستسلمت الشعوب إثر ذلك، ولم يبق للقضية الإسلامية الفلسطينية سوى الشعارات والأناشيد والمؤتمرات الإعلانية.
-٢-
ولمَّا كانت عقيدة الشيعة هو التمهيد للدولة الكريمة للإمام المهدي المنتظر "عليه السلام"، الذي سيخلِّص البشرية من هذا الظلم والطغيان والاستكبار والاستبداد، وهي عقيدة إسلامية ثابتة بنصوص الشريعة المقدسة، وأنَّ الشيعة تعمل جاهدة من أجل التمهيد لذلك الظهور المبارك الذي من أهدافه زوال ذلك الكيااان، وتبديد أحلامه وآماله ووجوده، والذين يعملون على تقويته وتثبيت أركانه ضمن المشروع الإصلاحي العالمي، كما في الوعد القرآني (ليظهره على الدين كله)، كان لا بد من أمرين مهمين متقابلين، الأول يتعلق بالشيعة عقيدةً وأتباعًا ودولةً العمل على تهيئة مقوِّمات ذلك ومقدماته. والآخر يتعلق بقوى الاستكبار العالمي في مواجهة الشيعة وقطع كل ما يتعلق بقوتهم، ومنها السلاح الذي يهددون به وجودهم ومصالحهم.
-٣-
فالشيعة اليوم في قمَّة هذه المواجهة، حيث بعض الأعداء لعقيدتهم من جهلة المسلمين الذي يغرِّر بهم أئمتهم، أو يحرضهم الإعلام الصهيو@ني على مواجهة الشيعة كما تقدم في حلقة سابقة، ومواجهة الكيااان الصهيو@ني وأمريكا التي تحتضن مشروعه وتعمل جاهدة على تحقيق الرؤية الصهيو@نية العالمية، ومواجهة الغرب المساند للكيااان وأمريكا في رؤاهم الاستعمارية الاستبدادية في قيادة العالم غرورًا وعدوانًأ.
ومع كل هذه المواجهات الواضحة للجميع، وغيرها التي تعمل سرًّا وتستمد دعمها من أعداء الإسلام، والعمل على التمهيد المقدس يتطلَّب ذلك من الشيعة ومرجعيتها الدينية والفكرية والسياسية أنْ تضع رؤيتها الواضحة الدؤوبة تجاه كل هذه المواجهات، وعدم الاغترار بأي وعود من العدو بذريعة حفظ السلم الأهلي، أو حقوق الإنسان للأقليات، أو تهديد الدولة بالسلاح الخارج عن سلطتها، أو توحيد القوى العسكرية تحت جهة واحدة فقط، أو .. أو .. مما هو معروف وتعلنه تلك القوى، من غير أنْ تذكر حقيقة الأمر وغايته في تجريد الشيعة من القوة عامة، والسلاح خاصة.
-٤-
إنَّ هذه المعطيات الحقيقية المتقدمة، والتي نعيش واقعها منذ عقود، وخصوصًا هذه السنوات الأخيرة حيث تكالب الصهيو@نية العالمية ضد الشيعة، فضلًا عن عقيدة التمهيد التي توجب على الشيعة عامة بجميع طبقاتهم كأمة مؤمنة بعقيدتها المقدسة في دفاعها عن معالم الدين أنْ تضع نصب عينيها الدعوة القرآنية العظيمة لهذه المواجهة الحتمية ((وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّـهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّـهُ يَعْلَمُهُمْ))، فيجب العمل على الآتي بإيجاز إجمالًا:
١- الإعداد النظري الواقعي الكامل لمنهج مواجهة أعداء الله تعالى الذين يعملون بكل ما أوتوا من قوة في القضاء على الدين، من خلال المفكرين الواعين لحقيقة هذه المواجهة.
٢- العمل على بناء القاعدة المتقدمة للعمل على تطبيق ذلك المنهج، وتدريب وتثقيف الآخرين من الأمة عليه، وخصوصًا الشباب الذين هم عماد المشروع وحصنه.
٣- التأسيس لأنواع القوة والإعداد لها، والتي منها القوة العقائدية التي تتحصَّن بها الأمة، والقوة الإعلامية التي تنشر بها عقيدتها الأمة، والقوة السياسية التي تواجه بها شعوب العالم وقادته، والقوة العسكرية التي تحفظ لها وجودها، فضلًا عن القوة الفكرية الأساسية في كل ذلك.
٤- التدريب التام على القوى المتقدمة في إيجاد الشخصيات التي تقود الأمة في ذلك من الخط الأول والخطوط الأخرى؛ ليكون المشروع قائمًا برجاله لا برجله الواحد.
٥- العمل الدقيقة على المنهج المعد لتلك المواجهة، ومحاولة توحيد القوى أو التنسيق بينها، والإيمان بالهدف الأسمى وعدم التنازل عنه ما استطعنا على وفق المسامحة القرآنية في الأمر.
٦- عدم الغفلة عن العدو المستتر الذي لا يعلن مواجهته، أو يعلن تأييده للمشروع الإسلامي في مواجهة الكيااان إعلانيًّا، وليس عقائديًّا في التضحية لأجلها، على وفق الرؤية القرآنية في تصنيف الأعداء ((وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّـهُ يَعْلَمُهُمْ))، وهذا يحتاج إلى عمل كبير.
أخيرًا..
إنَّ هذه المحاولات في التخطيط والإعداد والعمل هو جزء من عقيدة الشيعة في التمهيد لدولة الإمام المهدي المنتظر التي يعمل العدو على مواجهة كل عمل يهيء لها، وخصوصًا العمل الذي يعمل في اتجاهين بآنٍ واحد، وهو السلاح الذي يقوِّي الشيعة في بلد معيَّن، أو يقوِّي الشيعة كدولة قائمة بذاتها لها القدرة على مواجهة التحديات، بل تهديد القوى الصهيو@نية وضربها، والعمل في الاتجاه الآخر للظهور؛ لذلك يجب الإعداد التام للقوة على وفق الرؤية القرآنية، وجزء كبير من هذا الإعداد هو حفظ السلاح، والتدريب عليه، بل وتطويره على وفق المرحلة اليوم في سباق التسلح العسكري العالمي تارة، والتسلح التكنلوجي تارة أخرى .. والسلام
|