من الأمور المُسلّم بها لدى أغلب المسلمين إذ لم يكن جميعهم، أنّ الإمام علياً (ع) قد ولدته السيدة فاطمة بنت أسد بين جدران الكعبة الشريفة، فمن أولى لحظات حياته كان ضيفاً لله (عز وجل)، ومنذ بداية حياته صاحب الرسول الأكرم (ص)، وتربى في حجره، وترعرع بين يديه الكريمتين، والله سبحانه وتعالى وصف نبيه الكريم بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، فماذا ستكون أخلاق ربيبه؟ إذن، أخلاق أمير المؤمنين علي (ع) هي أخلاق الرسول (ص)، وقد قال رسول الله (ص): (أنا وعلي من شجرة واحدة، والناس من أشجار شتى) كنز العمال: ج6/ص154، وقال أيضاً: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) عيون أخبار الرضا: ج1/ص72. ولا ننسى تلك الشهادة العظيمة لسيد الكونين (ص) بحق أمير المؤمنين (ع): (علي مع الحق، والحق مع علي، يدور معه حيثما دار) الفصول المختارة: الشريف المرتضى: ص135، فالحق يدور مع علي، قيامه حق، وجلوسه حق، وكل فعل من أفعاله حق...
إنه - حقاً - دستور للإنسانية يُحتذى به، وهناك الكثير من الأقوال لرسول الله (ص) في حق أمير المؤمنين (ع) لا سبيل لحصرها؛ فالإمام (ع) قد تزوج ريحانة الرسول (ص) فاطمة الزهراء (ع)، فأن الرسول (ص) لم يجد كفأ لها غير علي(ع)، ولم يجد كفأ لعلي غيرها، فقد تزوجها بأمر من الله تعالى.
إن الحديث عن فضائل الإمام (ع) التي خصه بها الله تعالى كثيرة، ولو أردنا الكلام عنها لضاقت الصحف بما رحبت، ولجفَّ مداد الأقلام، ولا نكتب إلا قطرة في بحر أمير المؤمنين (ع) المتلاطم بأمواج الكرامة والمعرفة... فالإمام (ع) قد كان سيد البلغاء وعنوان الفصاحة، فقد تجلت فصاحته بنهجه بالكلام الذي سطّره في كتاب (نهج البلاغة)، هذا الكتاب الذي أذهل العقول على مر التاريخ؛ لما يحمله من بلاغة لسانية لم يسبقها أحد غير كلام الله تعالى، فقد كُتبتْ عن هذا النهج مئات من الأطاريح الجامعية وبمختلف العناوين، ولم تنفد معجزات هذا الكتاب؛ لأنه ينطبق على كل زمن.
|