اغتيال تشارلي كيرك: بين الصدمة السياسية وتداعيات الانقسام الأميركي

يشكّل اغتيال الناشط السياسي الأميركي المحافظ تشارلي كيرك لحظة مفصلية في التاريخ السياسي الحديث للولايات المتحدة، ففي العاشر من أيلول/سبتمبر 2025، تلقّى كيرك رصاصة قاتلة في الرقبة أثناء إلقائه كلمة أمام ثلاثة آلاف شخص في جامعة يوتا فالي، لم تكن الحادثة مجرد جريمة جنائية، بل مثّلت حدثاً صادماً، كونه وقع على الهواء وأمام جمهور غفير، مما جعله رمزاً لانفجار حالة الاحتقان السياسي الداخلي.

كيرك برز كأحد أبرز الوجوه المحافظة الأميركية، مؤسس منظمة Turning Point USA، وصوت مؤثر بين الشباب الجمهوري، عُرف بارتباطه الوثيق بالرئيس السابق دونالد ترامب، ودفاعه عن القيم اليمينية التقليدية في مواجهة ما وصفه بـ"الهيمنة الليبرالية".

التحقيقات الأولية أشارت إلى أن المشتبه به، الشاب تايلر روبنسون (22 عاماً)، أطلق النار من سطح مبنى مجاور مستخدماً بندقية صيد عسكرية قديمة الطراز من نوع ماوسر 30-06. عُثر على السلاح لاحقاً ملفوفاً بمنشفة في غابة قريبة، الأدلة الجنائية وكاميرات المراقبة عززت فرضية تورطه، فيما لا تزال دوافعه قيد التحليل، مع ترجيح وجود بُعد سياسي واضح.

التداعيات السياسية

1. الجمهوريون: استثمر الحزب الجمهوري الحدث للتأكيد على أن اليمين يتعرض لاستهداف ممنهج، اما ترامب وصف كيرك بـ"شهيد الحقيقة"، وشبّه اغتياله بأحداث تاريخية مثل اغتيال جون كينيدي، لكن في سياق استقطاب حزبي حاد.


2. الديمقراطيون: أدانوا الحادث واعتبروه "فعلاً جباناً"، لكنهم رفضوا ربطه باليسار كتيار، مشددين على أن الجريمة فردية، فقد دعا الرئيس بايدن إلى تهدئة الخطاب السياسي محذراً من أن "الكراهية السياسية تهدد بتقويض الديمقراطية".


3. الرأي العام: الشارع الأميركي انقسم بين مسيرات ضخمة لتأبين كيرك، وبين مخاوف من ردود فعل عنيفة قد تُدخل البلاد في دوامة انتقام سياسي، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات.



البُعد الدولي

الإدانات الدولية لم تتأخر، إذ اعتبرت عواصم أوروبية ولاتينية أن ما جرى يفضح هشاشة التجربة الديمقراطية الأميركية، وأن خطاب الاستقطاب في الداخل الأميركي بات يتجاوز الحدود الطبيعية للعملية السياسية.

اغتيال كيرك قد يكون نقطة تحوّل في المشهد الأميركي، ليس فقط على مستوى تعزيز الحماية الأمنية للشخصيات العامة، بل أيضاً في إعادة تعريف العلاقة بين السياسة والإعلام والخطاب الجماهيري، ومن المرجح أن يُستثمر الحادث لصالح التيار اليميني الذي سيُقدّم كيرك بوصفه ضحية الاستقطاب، مما قد يرفع أسهمه في المعركة الانتخابية المقبلة.

ما جرى مع تشارلي كيرك لا يمكن عزله عن سياق الانقسام الأميركي الحاد، فهو اغتيال سياسي بكل معنى الكلمة، قد تكون نتائجه أبعد من شخص كيرك نفسه، لتلامس مستقبل الديمقراطية الأميركية، وربما صورة الولايات المتحدة في العالم.