يُشكِّل الخطاب الطائفي السِّياسي في العراق مُرتكزا اسَاسياً في تحشيـد الجمهور ، بعيدا عن البرامج الانتخابية وطرح الخُطط التنمويــة ، ولذا فإن الحملات الانتخابية تنتعِشُ وتبدأ من خلال التَّحريض الطائفي العلني والمبطّن على وجه العموم ، وتنحدِر الى مُستوى قبلي عشائري في داخل الطائفة نفسها لصناعة الكراهيــــة وتشكيـــل صورة نمطية للعقل الجمعي وإخضاع الجمهور الانتخابي لنسَق مُوحَّد حسب رغبة القوى السياسية المتحكِّمة بثلاثيـــة "المال والاعلام والسلاح" ،وكما عبَّر بيرينز عن السيطرة على الجماهير وصياغتها من خلال هندسة القبول ، وعدم الاستغراق في اثبات جودة ومزايا الطرح او البرنامج ، فــــ برمجــــة الجمهور وإعادة صياغته مع ما يتفق مع مصالح النخبــة السياسية وان تزرع في حَقل وتحصد في حقل آخر ، يُصِر الجمهور على اضفاء مصداقية للكذب على ما يتلقونه من تصريحات مُبرمجــَة تستهدِف النـــاخِب وبيئته السياسية واستثمار العاطفة، وتبدأ التصريحات السياسية في البرامج الفضائية والتجمعات الجماهيرية على شكل كارتات يتم ابرازها في الوقت المناسب ، ولا يخلو الخطاب عادة من اتهامات العمالة والخطر والمؤامرة ، فتتصاعد لغة التخوين من اجل التعبئة الشعبية على اسس مذهبية وقومية وشعارات يتصف اغلبها بالكذب والتزييف ، سوى تحريك عواطف الناس واشعارهم بالعجز والمصير المحتوم خلاف هذه الطبقة السلطوية المعروفة بفسادها ومساومتها،فيساهم الخطاب الطائفي في إحياء العسكرة الشعبية وكذلك الانقسام الشعبي بعيدا عن اي برنامج انتخابي اصلاحي ،بل الهدف الحقيق هو السعي للاستحواذ على السلطة ،من خلال تهديم كل قيم المجتمع والتلاعب بقناعاته وتعزيز شعور "نحن وهم على النقيض" من خلال تكثيف الخطاب الطائفي واستخدام كافة الوسائل المتاحة في المهرجانات والسوشيل ميديا والفضائيات لتوفير قاعدة ولاء موسمية وهنا تستهدف الماكنة السلطوية والحزبية التجمعات الشعبوية التي لها حضور دائم في المساحات الحزبية للبحث عن منافع آنية او وجودها يُعبر عن استمالة وميل اتجاه السلطة بأي شكل كانت !
وبذلك يبقى هذا السلوك مؤثرا وصانعا للقرار التشريعي ، ما دام يساهم بشكل مباشر في تحريك الرأي العام من خلال الضخ الاعلامي والتصريحات السياسية فهو يشكل حاجز كونكريتي امام اي حركة اصلاحية او نجاح مشروع وطني يستهدف الاصلاح السياسي وحماية الحق الوطني من التلاعب والمتاجرة بيد الطائفيين وتجار الحروب .
|