• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مواجهة التطرف الفكري عبر تفعيل دور الأمن الفكري  .
                          • الكاتب : عبير سليم الحلبي  .

مواجهة التطرف الفكري عبر تفعيل دور الأمن الفكري 

  إنّ مسألة التطرف الفكري هي مسألة قديمة بقدم التاريخ، ولعلها واكبت الأنبياء والمرسلين الذين أُرسلوا بالشرائع السماوية، فكانت محط اعتراض المخالفين والمناهضين للفكر والنظام الجديد الذي يريده الله تعالى أن يعيد إليهم حالة الاستقرار والأمان، والتواصل مع الخالق، والعمل على الإصلاح العقائدي والأخلاقي والاجتماعي في إطار تلك التشريعات. واستمرت هذه الحالة حتى يومنا هذا، بل إنها تطورت وأصبحت على مستوى أكبر لما يشهده العالم من تطور تكنولوجي وتقني، استطاع أن يواكب هذا الأمر، ولعل هذا التقدم هو من أدوات ذلك التطرف، حسب أوجه الاستعمال، وهنا لابد لنا من وقفة مع تعريف لماهية التطرف الفكري؛ لكي نتوصل من خلاله إلى معرفة المشكلة التي تواجه مجتمعنا، ولعلنا نوفق إلى إيجاد حلول لهذا الأمر.

يعرف التطرف لغةً: الوقوف في الطرف، والطرَف بالتحريك: جانب الشيء، ويستعمل في الأجسام والأوقات وغيرها.
التطرف اصطلاحاً: مجاوزة الاعتدال، فكلّ شيء له وسط وطرفان، فإذا جاوز الإنسان وسط الشيء إلى حدّ طرفيه قيل له: تطرفَ في الشيء، أي: جاوزَ حدّ الاعتدال ولم يتوسط، وكذلك فإنّ التطرف يصدق على التسيّب، كما يصدق على الغلو، وينتظم في سلكه الإفراط، ومجاوزة الحد، والتفريط والتقصير على حدّ سواء؛ لأنّ في كل منهما جنوحاً إلى الطرف، وبعداً عن الجادة الوسط.
فالتقصير في التكاليف الشرعية والتفريط فيها تطرف، كما أنّ الغلو والتشدّد فيها تطرف؛ لأنّ الإسلام دين الوسط والوسطية، وإلى هذا ينبه القرآن الكريم في قوله تعالى: «وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا» (سورة الاسراء: 29)، وقوله تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا  إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» (سورة الأعراف: 31).
 كما يُعرف الفكر لغةً: وهو إعمال الخاطر في الشيء، والتفكر هو التأمل، ويُقال فكّر في الأمر تفكيراً، أي: أعمل العقل فيه.
ويُعرف التفكير اصطلاحا بأنّه: عمل عقلي عام يشمل التصور والتذكر والتخيّل والحكم والتأمّل، ويُطلق على كل نشاط عقلي.
وهنا نتوصل إلى العلاقة بين التطرف والفكر، حيث يُحدِث مغالات وتسويف في التصور والتذكر والتخيّل والحكم والتأمّل الذي يكون في العقل، وينتج عنه (إصدار أحكام مغالطة للواقع)، من خلال تبني أفكار وآراء متشددة وغير متسامحة تتعارض مع القيم العامة للمجتمع، وتدعو إلى التغيير العنيف أو الانعزال الفكري، فغالباً ما يرتبط التطرف الفكري بالتعصب لرأي أو عقيدة معينة إلى درجة رفض الرأي الآخر، واعتباره تهديداً، مما يؤدي الى انتشار الكراهية أو العنف ضد الآخرين.
 أمّا خطورة التطرف الفكري: فإنها تكمن في وجودها لدى الشباب الذين يعدون ثروة المجتمع وأمله، وإن كان في بعض الأحيان يتسم سلوكهم بالتسرع وعدم التروي وقلة الخبرة، لذا فإنه يعدّ مرضاً اجتماعياً كما هي الأمراض الجسمية، يصيب المرض فيها الجسم السليم عن طريق العدوى.
 وهنا لابد لنا من المعالجات الفكرية التي تقف ضد التطرف الفكري، وتُعنى بـ:
1- الحفاظ على المبادئ الأخلاقية، والمكونات الثقافية الأصيلة في مواجهة التيارات الثقافية الدخيلة.
2- الاجتهاد في تحقيق السكينة والاستقرار والاطمئنان القلبي، واخفاء مشاعر الخوف على مستوى الفرد والجماعة في جميع المجالات النفسية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية. 
3- الاهتمام بالفئة الشبابية وقيادتها إلى الأفكار الإيجابية، والتفاعل الاجتماعي لصيانة عقولهم من أية انحرافات فكرية أو عقدية مخالفة لما نصّت عليه تعاليم الإسلام الحنيف وأنظمة المجتمع وتقاليده.
4- الدعوة إلى الوسطية والاعتدال وتكرار هذا الأمر من خلال استثمار وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام.
 إنّ القيادة الفكرية مسألة ضرورية تحتاج إلى أدوات عدة وأفكار كثيرة؛ لاستثمار الطاقات الفتية والشبابية من أجل إفشاء روح المحبة والسلام، لذلك وجب على المتصدين لهذا الأمر الإحاطة بكل الوسائل التي تدفع الفكر من التطرف الى الوسطية؛ لتحقيق مسألة الأمن الفكري، ولعله لا يخصّ فئة محددة بالمجتمع، وإنما شخصنا فئة الشباب؛ لكونهم العنصر الأكثر حيوية بالمجتمع.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=207807
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 09 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 16