في خطوة تهدف الى نشر رسالة الإسلام الحقيقية، نظم دار الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، بالتعاون مع قسم الدراسات التاريخية في بيت الحكمة، ندوة علمية بعنوان (نبيّنا - صلّى الله عليه وآله - الصورة والسيرة: قراءات في كتابات المستشرقين الغربيين)، ضمن فعاليات ملتقى السيرة، في قاعة الإمام الحسن (عليه السلام)، داخل الصحن العباسي الشريف، وتم فيها مناقشة موضوع الاستشراق وأثره على صورة الإسلام في الغرب، حيث أكدت دار الرسول الأعظم التابعة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة في كلمة ألقاها الدكتور شعلان عبد علي حرصها على تعزيز أثر النبي (صلّى الله عليه وآله) في المجتمع عبر فعالياتها المتنوعة.
ويقول عبد علي: «إنّ ملتقى السيرة الفصلي الذي تقيمه الدار، هو أحد الأنشطة التي نستهدف فيها إثارة الحراك الفكري والعلمي في ملف من ملفات السيرة النبوية التي تحتاج إلى مراجعة وتدقيق على وفق منهج علمي رصين».
ويضيف أنّ الدار: «حرصت منذ تأسيسها على العناية بمختلف الفعاليات والأنشطة العلمية والثقافية التي تُعنى بسيرة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، ومنها مجلة الدار العلمية المحكمة النصف سنوية التي تُعنى بالسيرة وأدبيتها وتنشر الأبحاث بثلاث لغات (العربية والإنكليزية والفرنسية)، إلى جانب المؤتمرات والمسابقات العلمية والأدبية والثقافية».
ويبيّن أنّ الدار: «ستطلق في الأسبوع المقبل مؤتمرها العلمي الرابع بعنوان: (السيرة النبوية بين الثوابت القرآنية ومتغيرات المناهج العلمية)، إلى جانب المسابقات الدورية، ومنها أفضل عشر رسائل أكاديمية في السيرة، والبردة للشعر العمودي، وأحسن القصص، وغيرها من الفعاليات والأنشطة التي تحرص الدار على أن يشارك فيها جميع الباحثين المهتمين؛ من أجل تعزيز أثر النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وسيرته المباركة، في المجتمع الإنساني».
ومن جانبه، تحدّث رئيس دار الرسول الأعظم الأستاذ الدكتور عادل نذير، عن أهمية إعادة قراءة السيرة النبوية، وتقديمها بشكل نقي ومبارك؛ وذلك عن طريق: «تنظيم مسابقات وجوائز جامعية عن شخصية النبي الأكرم، كما عقدت سلسلة من الملتقيات التي يُحاضر فيها نخبة من العلماء والأساتذة». مبيّناً: «استضافت الندوة أساتذة من الجامعات العراقية مثل: الأستاذ الدكتور فلاح الأسدي، والأستاذ الدكتور ناصر عبد الرزاق من جامعة الموصل، والأستاذ الدكتور محمد عبد الواحد القيسي من جامعة بغداد». ويوضح: «ناقشت الندوة تطور أسلوب التعامل مع السيرة النبوية والقرآن الكريم والإسلام عموماً، وتم التأكيد على أهمية متابعة ما كتبه المستشرقون، والدفاع عن الإسلام في مواجهة الهجمات الغربية».
موضوعات الندوة
ناقشت الندوة ثلاث ورقاتٍ بحثية هي: (كتاب حياة محمد - صلّى الله عليه وآله - للقس جورج بوش الجدّ المتوفّى سنة (1859م) - قراءة نقدية تحليلية) للدكتور فلاح الأسدي، و(تجسيد الرسول الأعظم - صلّى الله عليه وآله - في كتابات الحروب الصليبيّة) للدكتور ناصر عبد الرزاق، و(صورة الرسول الأعظم - صلّى الله عليه وآله - في كتابات عصر التنوير - حالة إدوارد كيبون) للدكتور محمود القيسي.
وفي ذات السياق، تحدث الأستاذ الدكتور ناصر عبد الرزاق، عن «جذور الكراهية تجاه الإسلام التي نشأت في العصور الوسطى واستمرت حتى اليوم».
وأوضح ناصر أنّ هذه الكراهية: «تعود إلى ترسبات تاريخية بدأت مع يوحنا الدمشقي، وانتقلت إلى الغرب عبر العصور الوسطى، وزادت حدتها خلال الحروب الصليبية على أيدي شخصيات مثل: بطرس المبجل والقديس توما الأكويني».
وأشار الدكتور إلى أنّ الهدف من هذه الكراهية: «كان حشد عامة الناس للمشاركة في الحروب ضد المسلمين». مضيفا: «تم التطرق إلى أهمية دراسة الفكر الغربي لفهم كيفية التعامل معه، وتقديم خطاب مضاد يعكس صورة عادلة عن المسلمين».
كما تحدث الدكتور سامي الحاج عن جهود دار الرسول الأعظم في تنظيم ندوات تعنى بالموروث التاريخي وسيرة النبي الأكرم، مشيراً إلى أنّ: «الهدف الرئيس من هذه المشاريع البحثية هو تقديم السيرة بشكل نقي ومبارك من خلال دراسات علمية وفكرية». موضحاً أنّ دار الرسول الأعظم: «تهدف إلى فتح الطريق لدراسة الكتب الاستشراقية المهمة على مستوى دراسات الماجستير والدكتوراه، وحتى على مستوى الدراسات النقدية».
كما أوضح رئيس قسم الدراسات التاريخية في بيت الحكمة الدكتور حيدر التميمي: «أنّ المحور الأساسي في تقويم وإعادة قراءة السيرة هو القرآن الكريم، وأكد على أهمية دراسة مجموعة من الأفكار والرؤى التي حاولت قراءة السيرة النبوية في مختلف العصور والأزمان».
وفي السياق ذاته، يقول الأستاذ الدكتور داود سلمان خلف: «إنّ للندوات أهمية في حثّ الباحثين والأكاديميين والمشايخ على التفاعل مع الطروحات الفكرية والكتابة للدفاع عن الإسلام في مواجهة التحديات الكبيرة».
ومن جانب آخر، أشار أحد أعضاء دار الرسول السيد هادي الحلو إلى أنّ دار الرسول: «تعمل بجد لدعوة الباحثين واستقبال الأبحاث والمسابقات؛ بهدف إزالة الغبار الذي وضعه المستشرقون على سيرة النبي الكريم؛ وذلك من خلال مجلات ومسابقات شعرية وقصصية تسعى لتقديم صورة نقية عن النبي (عليه أفضل الصلاة والسلام)».
وفي ختام الندوة، تم تكريم الباحثين المشاركين فيها. وتأتي هذه الندوة والنشاطات ضمن الجهود المستمرة للعتبة العباسية في كشف الغبار عن صورة الإسلام، ونشر رسالة الحب والسلام في مواجهة التحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية.
|