• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من الدبلوماسية إلى المحسوبية: قراءة مقارنة بين إرث هوشيار زيباري وإدارة فؤاد حسين لوزارة الخارجية العراقية .
                          • الكاتب : د . سعيد بير مراد .

من الدبلوماسية إلى المحسوبية: قراءة مقارنة بين إرث هوشيار زيباري وإدارة فؤاد حسين لوزارة الخارجية العراقية

منذ عام 2003 شكّلت وزارة الخارجية العراقية إحدى الركائز الأساسية لإعادة بناء صورة العراق في المجتمع الدولي بعد عقود من العزلة والصراعات. وبينما كان يُنظر إلى الوزارة في عهد وزيرها السابق هوشيار زيباري كأنموذج للتوازن بين الكفاءة الدبلوماسية والتمثيل الوطني، يثير أداء الوزير الحالي فؤاد حسين جدلاً واسعاً حول مدى انحراف المؤسسة عن مسارها المهني.
هوشيار زيباري: صانع مدرسة دبلوماسية جديدة
أجمع العديد من الدبلوماسيين العراقيين الذين عملوا مع زيباري على أنّه اعتمد في سياساته على المهنية الصارمة في اختيار الكوادر. فالسفراء والممثلون الدبلوماسيون كانوا يُنتقون وفق معايير صارمة من الخبرة والكفاءة، بعيداً عن تأثيرات الأحزاب والولاءات السياسية. وقد مكّنه ذلك من بناء جهاز دبلوماسي يحظى بسمعة جيدة في العواصم العالمية، حتى لُقِّب من قبل بعض المراقبين بـ«طارق عزيز العراق الجديد» في إشارة إلى حنكة طارق عزيز الدبلوماسية في العقود السابقة. كان الهدف واضحاً: إعادة الاعتبار للدبلوماسية العراقية وتحويلها إلى أداة نفوذ ناعمة تعكس طموحات العراق في الاستقرار والتكامل الإقليمي والدولي.
فؤاد حسين: تفكيك البنية المهنية لصالح المحاصصة؟
مع تولي فؤاد حسين حقيبة الخارجية تغيّر المشهد جذرياً بحسب منتقدين. فقد أثارت قائمة السفراء الأخيرة التي صوّت عليها البرلمان وصادق عليها رئيس الجمهورية جدلاً واسعاً، بعد أن ضمّت أسماء وُصفت بأنها غير مؤهلة، وأخرى ارتبطت بسجلات مثيرة للجدل. يرى خبراء أنّ هذه القائمة مثّلت انعطافة منطقية لسياسة “المحاصصة” على حساب “الجدارة”، ما أضعف الثقة في قدرة الوزارة على القيام بدورها الاستراتيجي.
انتقادات أخرى طالت الإدارة الحالية تتعلق بتحويل التمثيل الدبلوماسي إلى نوع من المكافآت السياسية، وإعادة توزيع المناصب على أسس شخصية أو حزبية، وهو ما انعكس على صورة العراق في الخارج وعلى كفاءة الأداء في الداخل.
بين الماضي والحاضر: معركة على هوية الدبلوماسية العراقية
الفرق بين زيباري وحسين ليس مجرد اختلاف في الشخصيات، بل هو تعبير عن صراع أوسع بين مشروعين: الأول يسعى إلى بناء مؤسسة دولة على أسس مهنية قادرة على تمثيل العراق كدولة ذات سيادة، والثاني يعكس واقع المحاصصة السياسية بعد 2003 حيث تتغلب الولاءات على الكفاءات.
وتشير قراءة مقارنة للمرحلتين إلى أنّ الوزارة التي كانت في طريقها إلى الاستقرار والتطوير المهني في العقدين الماضيين، تواجه اليوم خطر الانزلاق إلى بيروقراطية متضخمة قائمة على الولاءات بدلاً من الإنجاز.
تداعيات مستقبلية على السياسة الخارجية العراقية
إذا استمر هذا المسار، فإنّ العراق قد يجد نفسه في وضع صعب على صعيد التمثيل الخارجي والعلاقات الثنائية، إذ ستضعف قدرته على التفاوض وجذب الاستثمارات والدفاع عن مصالحه في المحافل الدولية. الخبراء يحذّرون من أن فقدان الخبرة المؤسسية يعني عملياً خسارة رأس مال دبلوماسي تراكم على مدى سنوات طويلة.
خلاصة
التحولات داخل وزارة الخارجية العراقية تكشف حجم التحدي بين إعادة بناء الدولة الحديثة وبين الضغوط السياسية التي تهدد بتحويل مؤسساتها إلى أداة للمحسوبية. الفارق بين زيباري وحسين ليس مجرد جدلية شخصية بل هو علامة على مفترق طرق أمام الدبلوماسية العراقية: إما العودة إلى الاحترافية والمهنية، أو الانغماس في دوامة الولاءات التي ستقوّض ما تبقى من سمعة العراق الدولية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=207683
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 09 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 12