• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فدك شرارة لانطلاق موقف الزهراء السياسي .
                          • الكاتب : فاطمة السعيدي .

فدك شرارة لانطلاق موقف الزهراء السياسي

 بعد أن عرفت الزهراء عليها السلام بنفسها وموقعها من صاحب الرسالة الذي أخذت منه عقيدتها اتجهت بالخطاب إلى الحاضرين شارحة لهم فروض الدين معللة وجوبها  . وكما أسلفنا فهذا التوضيح للفروض وعلل وجوبها من ضمن السياسية لأن فيها.  اصلاح المجتمع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن ضمن ما وجاء في سياق توضيحها «وطاعتنا نظاما للملة، وإمامتنا أمانا من الفرقة ، والجهاد عزا للاسلام» بينت الزهراء عليها السلام في الجملتين السابقتين أن انتظام أمر  الدین و صلاح أمور المسلمين و اجتماعهم على الصلاح لا يمكن ولن يتحقق الا بطاعتهم و التسليم لامامتهم ، و قد صدق تاريخ المسلمين هذا المعنى أحسن تصديق. فاختل أمر المسلمين و وقع فيهم الاختلاف و الفرقة بعد أن تسارعوا إلى سقيفة بني ساعدة، و بادروا إلى تقمص الخلافة، وغيروا أمر الإمامة ، وبدلوا نعمة الله ً. فلن يصلح أمرهم حتى يظهر الله تعالى بقية أهل البيت و مهديهم و يمكنه في ارضه.   ، ثم عادت لتعرف بنفسها وأبيها مؤكدة جهاده وفضله عليهم لإنقاذهم من الجهل والظلمات مبينة العمل العظيم الذي قام به والخطر المحدق بهم الذي ازاله وتنتقل لتشرك ابن عمها  عليه السلام المنصب  للإمامة بعد الرسول بكل ذلك الفضل والأعمال التي قام بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وجهادهم لإزاحة الباطل وإنارة الظلمات فقد كانوا يحقون الحق ويزهقون الباطل فعلي ولي أمر من أولياء الله مجتهد في تطبيق تعاليم الإسلام لا يخاف أحد ولا يجامل أحد وهو مع تلك الصفات قريب من الرسول  
« فوسمتم غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة [ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين]  فهيهات منكم! وكيف بكم؟! وأنى تؤفكون؟ وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره لائحة، وأوامره واضحة، قد  خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون .؟، أم بغيره تحكمون؟! [بئس للظالمين بدلا] ،  [ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين] ، ثم  لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها، ويسلس قيادهاثم أخذتم تورون وقدتها، وتهيجون جمرتها، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي، وإطفاء أنوار الدين الجلي، وإهماد  سنن النبي الصفي ..»  في هذا المقطع تبين الزهراء كناية عن أخذهم ما ليس لهم فيه حق وهو غصب الخلافة والإمامة وميراث النبوة  وكل هذا حصل في عهد قريب ولم يمضي وقت على وفاة الرسول وادعوا واظهروا للناس كذباً وخديعة انهم اجتمعوا  في السقيفة دفعا للفتنة. لكن كان الغرض من الاجتماع  غصب الخلافة من أهلها وهو عين الفتنة ،  وصبروا حتى استقرت الخلافة المغصوبة عليهم شرعوا في تهييج الشرور والفتن  واتباع الشيطان وإبداع البدع وتغير السنن.  اقول إن الفتنة أشد من القتل كما عبر عنها القرآن فالوقوع بالفتنة والارتداد عن الإسلام شيء عظيم يسوغ للزهراء الخروج من خدرها والدفاع عن حقها وحق  زوجها المغصوب،وتذكرهم بمخالفة الرسول وعدم اتباع أوامره  سيؤدي إلى فتنة كبرى. فلا يتخذ خروج الزهراء مبرراً لخروج النساء والقاء الخطب في أوساط الرجال من دون ضرورة  داعية لذلك.
أعود إلى الخطبة ،  تنتقل الزهراء  في كلامها لتطالب بارثها مستغلة ذلك لتعرية أصحاب السلطة في ذلك الوقت ومبينة كيفية ضربهم.  للأحكام الشرعية عرض الحائط ومخالفتهم للكتاب الكريم مستدلة على ذلك بآيات عديدة)، ملمحة إلى أن الذي يغتصب أموال الناس وحقوقهم ماذا يفعل اذا صار في مركز من شأنه أن يجعله متحكماً بأمور الناس، وأن الذي لا يكون أميناً على أموال الناس وممتلكاتهم كيف يكون أميناً على دمائهم ومستقبلهم؟
  و التفتت إلى المسلمين موجهة إليهم أشد تقريع وأقسى تأنيب محمّلة إياهم تبعات الحالة السائدة وما آلت إليه الأمور والأوضاع ثم انكفأت إلى بيتها منهية بذلك الموقف الأول عبر إيصال مظلوميتها إلى أكبر عدد ممكن من المسلمين بالحجاج البليغ ، وكشف حقيقة الحكام وتعريتهم أمام المجتمع آنذاك. 
الموقف الثاني للزهراء  عليها السلام خروجها إلى دور المهاجرين و الأنصار تطلب النصرة كما جاء في الروايات «وطفت عليهم في بيوتهم وأمير المؤمنين عليه السلام يحملني ومعي الحسن والحسين ليلا ونهارا إلى منازلهم أذكرهم بالله وبرسوله ألا تظلمونا ولا تغصبونا حقنا الذي جعله الله لنا، فيجيبونا ليلا ويقعدون عن نصرتنا نهارا» 
والموقف الثالث خطبتها بنساء المهاجرين والأنصار ولابد أن يكون لهذه الخطبة أثر كبير لأن المرأة أساس إصلاح الأسرة وبها يصلح المجتمع ، وقد بينت الزهراء عليها السلام لنسائهم إن صلاح المجتمع باتباع وصية ابيها «وفي يوم دخلت نسوة من المهاجرين والأنصار على فاطمة بنت رسول الله يعدنها فقلن:السلام عليك يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف أصبحت؟ فقالت: أصبحت والله عائفة لديناكن قالية لرجالكم...ويحهم أنى زحزحوها عن أبي الحسن، ما نقموا والله منه إلا نكير سيفه ونكال وقعه، وتنمره في ذات الله، وتا الله لو تكافوا عليه عن زمام نبذه إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأتميله، ثم لسار بهم سيرة سجحا فإنه قواعد الرسالة ورواسي النبوة، ومهبط الروح الأمين، والطبيب بأمر الدين والدنيا والآخرة...أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوا ملء القعب دما عبيطا وذعافا مبيدا، هنالك يخسر المبطلون، ويعرف التالون، غب ما أسس الأولون...  » . 
الموقف الرابع الدعاء على من ظالمها ومقاطعه ( والله لأدعونَّ الله عليك... والله لا اكلمك ابدا) 
الموقف الخامس وصيتها لامير المؤمنين أن يدفنها سرا «  لا تصل علي أمة نقضت عهد الله وعهد أبي رسول الله صلى الله عليه وآله في أمير المؤمنين علي عليه السلام، وظلموني حقي، وأخذوا إرثي، وخرقوا صحيفتي التي كتبها لي أبي بملك فدك، وكذبوا شهودي...»   فعمل أمير المؤمنين عليه السلام بوصيتها ولم يعلم أحدا بها ، صنع الإمام علي عليه السلام في البقيع ليلة دفنت فاطمة عليها السلام أربعون قبرا جديدا   . بهذه الوصية جعلت ظالميها يلومون أنفسهم على ظلمهم لها عليها السلام كما أنها سجلت للأجيال القادمة مدى ظلم الأمة لبنت نبيهم  فلابد للأجيال أن تسأل كيف تموت بنت النبي التي لم يخلف فيهم ولدا غيرها ولم يصلوا عليها؟! ولم يكن لها قبر يعرف.
  لم تبق الزهراء عليها السلام بعد أبيها صلى الله عليه وآله إلا أياماً قليلةً مستديمةً الحزن والبكاء متلقية من المصائب والأذى والآلام ، والمتأمل في  خطاب أمير المؤمنين عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قبره بعدما دفن الزهراء يعرف عظم ما جرى عليها ومن هذا الخطاب قوله:
«وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها فأحفها السؤال واستخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين».




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=207668
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 09 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 12