أردت أن أجبر بخاطري، وأن أعفي حبيب بن مظاهر الأسدي من الحوار الافتراضي، لأنني لا أريده أن يتكلم عن نفسه، ولا بد لي من وسيط قريب إلى النفس، لهذا قررت أن أحاور ابنه القاسم بن حبيب بن مظاهر
- أراك حزينا؟
- أنا القاسم بن حبيب بن مظاهر الأسدي، أحزن حين ينسب أحدهم أبي كتابعي، بينما أبي رحمه الله تشرف بخدمة الرسول "صلى الله عليه وآله وسلم" وسمع منه أحاديث كثيرة وكان معززا مكرما بملازمة سيدي أمير المؤمنين "عليه السلام" والذي يحزنني أن البعض كتب اسمه في بعض المصادر (حتيت بن مظاهر الأسدي) وربما عن خطأ وتصحيف وقع فيه من النساخ، اسم أبي حبيب وهذا الاسم أعتز به.
يفرحني أن أرى أبي أحد شهداء الطف، مع سيد الشهداء الحسين "عليه السلام" كان عمره حين ذاك 75 عاما، في كربلاء، وهو من حملة علوم أمير المؤمنين "سلام الله عليه" حارب في الجمل وفي صفين وفي النهروان، وكان من شرطة الخميس، ثم لازم الحسن السبط "عليه السلام" ونزل الكوفة حتى التحق بالحسين "سلام الله عليه"
ـ من حقك أن تفتخر بمثل هذا الأب
ـ أشد ما أفتخر به أن أبي قائد ميسرة جيش الحسين "عليه السلام" عرض عليه الأمان فأبى وهو يقول (لا عذر لي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم) إن قتل الحسين ومنا عين تطرف
ـ السؤال الصعب الذي يعز علينا أن نسأله أننا لا نجد دورا لأبيك "رضوان الله عليه" على مسرح الأحداث في مصرع مسلم بن عقيل "سلام الله عليه"
ـ غياب أبي عن أحداث مصرع سيدي مسلم متصل بغياب عابس الشاكري ومسلم بن عوسجة وآخرون، قرر مولاي مسلم بن عقيل وهذا الذي لم تذكره المصادر أن يؤسس لمشروع تضحوي وليواجه القوم بنفسه، ويترك القيادات الشيعية تذهب إلى نصرة الحسين "عليه السلام" عزم أبي على الالتحاق مع ابن عمه مسلم بن عوسجة "رضوان الله عليه"، حتى وصل معسكر الحسين "عليه السلام"، عندما رأى قلة أنصار الحسين استأذنه لدعوة بني أسد للنصرة، واستجاب له بني أسد بقيادة عبد الله بن بشير الأسدي، ومعه مجموعة كبيرة من المقاتلين، إلا أن الخبر سرب لابن سعد، فأرسل لهم الأزرق في خمس مئة فارس عارضهم ليلا ومانعهم فلم يمتنعوا، فقاتلهم وقتل منهم جماعة.
يكفيني فخرا أن أبي على كبر سنه قتل اثنين وستين رجلا، وحملوا عليه جماعة، ونزل آبر التميمي ليحز رأسه، فهدَّ مقتله الحسين "سلام الله عليه" وقال عند الله احتسب نفسي وحماة أصحابي، أنا سأحدثك عن سر حزني سنوات عمري.
التميمي حين حز الراس قال الحصين أنا شريكك في قتله، فاشترط الحصين التظاهر بقتله وحمله لراس أبي ولآبر الجائزة.
أنا رأيت رأس أبي وقد علقه التميمي في الكوفة بلبان فرسه، فبقيت أتابع الفارس التميمي وأنا أبكي فارتاب مني وقال، مالك تتبعني؟
قلت له هذا الراس الذي معك هو رأس أبي، أعطني إياه حتى أدفنه، قال التميمي، لا يرضى الأمير أن يدفن، وأنا أريد جائزة الأمير على قتله، قلت له بكل جرأة صباي، الله لا يثيبك على قتله إلا أسوأ الثواب.
أما والله لقد قتلت خيرا منك، وأخذني البكاء، فلم أستطع محاورته، وعرفت في كل الأحوال هو لا يتنازل عن الرأس إلا بجائزة الأمير، غمامة استولت على حياتي أن يصبح آبر التميمي قاتل أبي أحد قادة جيش مصعب بن الزبير، ويرفع راية الإسلام زورا، أتوسل به اعطني راس أبي لادفنه، من يتقبل أن يباع راس أبيه، دخلت باجميرا معسكر مصعب ثم دخلت عليه فسطاطه وذبحته، ذبحت حقارته التي تصل لحد بيع الرؤوس، وكم كنت سعيدا لأنني أخذت بثأر أبي، ولا بأس سيظهر من يأخذ بثأر مولاي الحسين "عليه السلام"
|