• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَبنَاء الشَّوارع – بَيْن فَقْر حَقيقِي وَثَراء زَائِف .
                          • الكاتب : د . محمد خضير الانباري .

أَبنَاء الشَّوارع – بَيْن فَقْر حَقيقِي وَثَراء زَائِف

    وسطَ زحامِ الشوارعِ والمدنِ وعلى أرصفةِ الطرقات، وإشاراتُ المرور، تظهرَ لنا وجوه مختلفةً منْ الأطفالِ والنساء وكبارِ السنِ، يفترشونَ الأرض، يتوسلونَ بالمستطرقين، في كلماتِ الاستعطاف، يرددونَ ، كلماتٌ التوسل؛ التي حفظتها الذاكرةُ : ( المالَ مالَ الله، والصحيَ حبيبْ الله، أنا جائع، لدى أيتام، لا أستطيعُ شراءُ الدواء، لا أملكُ بدلُ الإيجار، وكثيرا منْ مرادفاتٍ هذهِ العبارات، معَ الدعاءِ والصلواتِ لمنْ يمنحهمْ المال). تختبئَ خلفَ هذا الستارِ أوْ المشهد، صورتانِ متناقضتان، وواقع يحتاجُ إلى وقفةٍ وتأملُ منْ المجتمع، ومنْ ذوي الشأن.

الصورة الأولى:

        يتمثل الفقر الحقيقيُ في هذهِ الصورةِ ، بمجموعةً منْ ضحايا المجتمع الحقيقيين، لمختلفِ الفئاتِ العمرية، دفعتهمْ الظروف الصعبة، وقساوةُ الحياة، إلى الشارع، بعدُ أن، أوصدتْ الأبوابُ في وجوههمْ، لأسبابِ عدة، تتمثلَ غالبتها، بـــــــ : تفككُ الأسر، غيابُ التعليم، البطالة، الإدمان، الأمراض، والحظُ السيئ.

    يعيشونَ على فتاتِ الطعام، لا يملكونَ سقفا يأويهمْ منْ حرارةِ الصيف، أو قساوة الشتاء يتوسلونَ المارة، يريدونَ أنْ يعيشوا. ولا يملكونَ خيارا آخر. يمكنَ إصلاحهم، أنْ تدخلتْ السلطاتُ المعنية، منظماتُ المجتمعِ المدنيِ، الخيرينَ منْ الميسورين، توافرتْ لهمْ الرعايةُ وبعضُ مستلزماتِ الحياةِ البسيطةِ،  منْ سكنٍ ومأوى، ولقمةِ عيشٍ تسدُ أفواههم.

الصورة الثانية:

     تتمثل هذه الصورة ، بالثراءُ المؤطر بالحيلةِ والتسولِ المنظمِ، وصناعِ الفقر المزيف، وهيَ الأخطرُ على المجتمع، في اتخاذ الشوارع وسيلةٌ للثراء الفاحش، في امتهانِ التسولِ، وعدها تجارةً رابحةً ، ليستْ حالةً إنسانيةً عابرة.

     يتنقلونَ بينُ الشوارع، وأماكنِ العبادة، يستأجرونَ الأطفالُ والنساءُ وذوي الإعاقاتِ والمرضى لهذهِ المهنة، يخبئونَ الهواتفُ الذكيةُ في جيوبهم، يملكونَ أرصدةٌ لا يحلمُ بها كثيرٌ منْ الناس.  

       إنَ هذهِ الفئة ، تشوهُ معنى الإنسانيةِ، والمحتاجِ الحقيقي، ويجعلونَ الآخرينَ ، يتنافرونَ منْ كلِ فقراءِ الصورةِ الأولى.

       لذلك، يتطلبَ التفريقُ بين أصحاب الصورتين. لا يمكنُ النظرُ بعينِ واحدة، فبعضهمْ ولدَ في الظلامِ، ويستحقُ أنْ ينقذ، وآخرونَ اختاروا الظلامُ وسكنوهُ طمعا.

        إن أردنا مجتمعا يسودهُ العدل، لتمتد الأيادي لأصحابِ الحاجةِ الحقيقية، ويحاسبُ المتصنعَ بثوبَ الفقرِ زورا، مستغلا المحتاجين، لتمريرِ جريمتهِ في النصب والاحتيال. ونميز بينهما خوفا منْ بقاءِ المحتاجِ الحقيقي، ضائعا في زحامِ المحتالين.

    إنَ التعميمَ ظلم وتجن، يجبَ أنْ تبقى السياساتُ الاجتماعيةُ على فهمِ الواقع، لا على الصورِ السطحيةِ السائدةِ في الشارع.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=207494
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 09 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 7