• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : رد التحية .
                          • الكاتب : فلاح السعدي .

رد التحية

 بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} (النساء: 86).
هذه الآية الكريمة تضع قاعدة ذهبية في التعامل الاجتماعي والأدب الرفيع، وهي من مكارم الأخلاق في الإسلام.
شرح الآية باختصار:
وتعني باختصار إذا قدّم لكم أحد الناس تحية مثل السلام عليكم، صباح الخير، أو أي كلمة طيبة،
فقابلوها بتحية أفضل منها، والمثال الأوضح هو أن يسلّم عليك أحدهم بقوله - السلام عليكم -، فتردّ عليه بالأفضل وهي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فزادت تحيتك على تحيته.
أو على الأقل، ردّوها بمثلها إن لم تتمكنوا من الزيادة أو لم تريدوها فالخيار لكم، أي أن ترد تحية السلام عليكم بمثلها وعليكم السلام.
الدروس والمبادئ المستفادة من هذه الآية:
1. مبدأ التكافل الاجتماعي: التحية هي أول خطوة في بناء العلاقات الطيبة بين الناس، وهي تزرع المحبة والتآلف في المجتمع، عن الإمام الرّضا (): ((مَنْ لَقِیَ فَقِیراً مُسْلِماً فَسَلَّمَ عَلَیْهِ خِلَافَ سَلَامِهِ عَلَی الْأَغْنِیَاءِ لَقِیَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ هُوَ عَلَیْهِ غَضْبَان)) .‌
2. مبدأ المجاملة والإنصاف: الآية تأمر بالإحسان (بالأفضل) أو بالعدل (الرد بالمثل). فلا يليق بالمؤمن أن يترك التحية بدون رد، أو أن يرد بإجابة أقل شأناً، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ((يكره للرجل أن يقول: حياك الله ثم يسكت حتى يتبعها بالسلام)) .
3. شمولية التحية: أشهر تطبيق لها هو ردّ السلام الإسلامي، إلا أن من المفسرين يرون أن الآية عامة تشمل أي نوع من أنواع التحية المشروعة والكلام الطيب، وكذلك لا فرق فيها بين الفئات والحالات بين الناس، فعن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير)) .
4. التذكير بالله: ختمت الآية بقوله {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} ليذكرنا أن الله محاسب على كل شيء، حتى على كيفية ردنا على الآخرين، مما يحفز المؤمن على تطبيق هذا الأدب، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ((إن الله عز وجل يحب إفشاء السلام))، وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((البادي بالسلام أولى بالله وبرسوله)) .
تطبيقات عملية في عصرنا:
• ردّ الرسائل: إذا كتب لك أحد "أتمنى لك يوماً سعيداً"، يمكنك أن ترد بـ" ولك أنت أيضاً، أتمنى لك يوماً مليئاً بالبركة والسعادة" (أحسن منها).
• في وسائل التواصل: إذا هنأك أحد بعيد ميلاد أو مناسبة، يفضل الرد بشكر ودعاء له بالمثل أو بأفضل.
• مع غير المسلمين: إذا حيّاك غير المسلم بتحية مباحة (مثل "صباح الخير" أو "Hello")، فإن الآية تأمرك بالرد بمثلها أو بأحسن منها، كما جاء في الحديث أن اليهود كانوا يسلّمون على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيرد عليهم، عن سماعة قال: ((سألت أبا عبد الله () عن اليهودي والنصراني والمشرك إذا سلموا على الرجل وهو جالس كيف ينبغي أن يرد عليهم؟ فقال: يقول: عليكم)) .
هذه الآية تعلمنا أن الإسلام دين الذوق الرفيع والتفاعل الإيجابي مع الآخرين، وأن المؤمن يجب أن يكون شخصاً يُحسن الاستقبال ويُحسن الرد، مما يجعله قدوة في الخلق الحسن.
____________________________________
. عیون أخبار الرضا، ج٢، ص٥٢.
. الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - ص ٦٤٦.
. الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - ص ٦٤٦.
. الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - ص ٦٤٥.
. الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - ص ٦٤٥.
. الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - ص ٦٤٩.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=207429
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 09 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 5