من منا لم يسمع بهذا الرجل الفذ ولم يغترف من مصنفاته القيمة، أستاذ أبي فراس الحمداني الشاعر الأصيل، ومربي أولاد سيف الدولة، ومن كبار علماء الدولة الحمدانية في حلب حاضرة العلماء والأدباء في العهد الحمداني.
إنه أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان الهمذاني، ينحدر من مدينة همذان حيث ولد فيها سنة (285 هـ)، ونشأ فيها مولعًا بطلب العلم، فرحل إلى بغداد سنة (314 هـ) ونهل من العلوم هناك.
رحلاته وشيوخه
تتلمذ ابن خالويه على يد كثير من العلماء في بغداد، منهم:
• محمد بن همام بن سهيل أبو علي الإسكافي (ت 356 هـ)
• عبد السلام الجبائي أبو هاشم (ت 321 هـ)
• أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي أبو العباس (ت 332 هـ)
• أبو طالب السمرقندي
• ابن الأنباري (ت 328 هـ)
• محمد بن مخلد العطار (ت 331 هـ)
• أبو سعيد السيرافي (ت 368 هـ)
• ابن مجاهد (ت 324 هـ)
• ابن دريد (ت 321 هـ)
• نفطويه (ت 323 هـ)
لم يستقر في بغداد، بل طاف في البلدان فزار اليمن والحجاز وبلاد الشام، إذ سكن ميافارقين وحمص وزار بيت المقدس. وعندما وصله خبر سيف الدولة الحمداني وإكرامه للعلماء وأهل الفضل رحل إلى حلب، حيث أكرمه بنو حمدان أيما إكرام.
دخل ابن خالويه يوما على سيف الدولة فلما مثل بين يديه قال له: اقعد ولم يقل اجلس، قال ابن خالويه: فعلمت بذلك اعتلاقه بأهداب الأدب، واطّلاعه على أسرار كلام العرب. (قلت: قال ابن خالويه هذا لانه يقال للقائم اقعد وللنائم والساجد اجلس)
تلاميذه
أخذ عنه عدد كبير من العلماء والأدباء، منهم:
• أبو فراس الحمداني (ت 357 هـ)
• ابن غلبون المصري (ت 380 هـ)
• ابن زكريا النهرواني (ت 390 هـ)
• ابن سعيد الفارقي (ت 391 هـ)
• محمد بن عبد الله أبو الحسن السلامي البغدادي (ت 394 هـ)
• أبو الحسين النصيبي (ت 406 هـ)
• وغيرهم كثير.
آراء العلماء فيه
• ذكره السيد ابن طاووس في الإقبال بسند أحد أدعية شهر شعبان، وقال: مدحه محمد بن النجار في التذييل وقال: "كان إماميا أوحد أفراد الدهر في كل قسم من أقسام العلم والأدب، وكان إليه الرحلة من الآفاق، وسكن بحلب وكان آل حمدان يكرمونه."
• ذكره النجاشي فقال: "الحسين بن خالويه أبو عبد الله النحوي: سكن حلب ومات بها، وكان عارفًا بمذهبنا مع علمه بعلوم العربية واللغة والشعر."
• ذكره السيد الخوئي في معجم رجال الحديث ونقل كلام النجاشي وابن طاووس فيه.
• ذكره السيد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة ونقل كلام المتقدمين في حقه مع مدح له، وقال: إن هناك ابن خالويه آخر هو علي بن محمد بن يوسف بن مهجور أبو الحسن الفارسي، وكان معاصرًا للحسين بن خالويه.
• قال ابن أبي طي: "كان إماميا عالما بالمذهب، وقد ذكر في كتاب ليس ما يدل على ذلك."
• وفي وفيات الأعيان لابن خلكان: لابن خالويه كتاب كبير في الأدب سماه كتاب ليس، وهو يدل على اطلاع عظيم، فإن مبنى الكتاب من أوله إلى آخره على أنه "ليس في كلام العرب كذا وليس كذا". وله كتاب لطيف سماه الآل، وذكر في أوله أن الآل ينقسم إلى خمسة وعشرين قسما، وما أقصر فيه، وذكر فيه الأئمة الاثني عشر وتواريخ مواليدهم ووفياتهم وأمهاتهم. والذي دعاه إلى ذكرهم أنه قال في جملة أقسام الآل: "وآل محمد بنو هاشم."
• ذكره آغا بزرك الطهراني في الذريعة بقوله: "كتاب الجمل في النحو لابن خالويه النحوي الشيعي ساكن حلب وصاحب كتاب الآل المذكور في (ج ١ ـ ص ٣٧) والمتوفى في (٣٧٠ هـ). ترجمه ابن النديم في (ص ١٢٤) واليافعي في مرآة الجنان والسيوطي في بغية الوعاة."
°ذكره العلامة المجلسي في بحار الانوار بروايات متعددة منها
"وعن ابن خالويه من كتاب الال يرفعه إلى علي بن موسى الرضا (ع) عن آبائه ، عن علي (ع) قال : قال رسول الله (ص): إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد (ص)
"
ألقابه
كان ابن خالويه يُلقب بـ ذي النونين، لأنه كان يكتب في كتبه "الحسين بن خالويه" ويطول نون "الحسين" ونون "بن"، كما ورد في كتاب لسان الميزان.
شعره
إضافة إلى تبحره باللغة والنحو، فقد كان ابن خالويه شاعرًا لا يشق له غبار، ومن أبياته الرائعة:
إذا لم يكن صدر المجالس سيداً
فلا خير فيمن صدرته المجالس
وكم قائلٍ مالي رأيتك راجلاً
فقلت له من أجل أنك فارس
توجهه النحوي
على الرغم من قربه من مدرسة الكوفيين، إلا أنه اتخذ منهج الدمج بين المدرستين الكوفية والبصرية في النحو، وكانت له إسهامات نحوية كثيرة.
القرآن الكريم وابن خالويه
كان لابن خالويه مؤلفات عديدة في التفسير والقراءات والإعراب، مما يؤكد سعة اطلاعه.
وقد جاء في كتابه القراءات السبع وعللها:
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت 370 هـ): (حدثني أبو طالب السمرقندي قال: سرت إلى مجلس أبي جعفر الطبري وكان يومًا مطيرًا فرآني قد اغتممت فقال: والله لأعوضنك {لا أقسم بهذا البلد} يعني مكة {وأنت حل بهذا البلد} يعني محمدًا {ووالد} يعني عليا وفاطمة {وما ولد} يعني الحسن والحسين. قال: فقمت فقبلت رجله وانصرفت).
(إعراب القراءات السبع وعللها: 2/481)
مناظراته
كانت له مناظرات مع عدد من الأدباء والعلماء، منهم:
• أبو علي الفارسي
• أبو الطيب المتنبي
مؤلفاته
• إعراب ثلاثين سورة من القرآن
• كتاب ليس في كلام العرب
• كتاب الآل
• الجمل في كلام العرب
• أسماء الأسد
• الشجرة
• إعراب القراءات السبع وعللها
• شرح ديوان أبي فراس الحمداني
• رسالة في أسماء الريح
• مختصر في شواذ القرآن
• شرح مقصورة ابن دريد
• الألفات
وفاته
توفي العالم النحوي الحسين بن خالويه الهمذاني البغدادي الحلبي سنة 370 هـ.
لقد بقي ابن خالويه علما من اعلام العربية في سماء النحو واللغة والشعر والتفسير والقراءات وما زالت مؤلفاته شاخصة على عظيم منزلته ومكانته العلمية الكبيرة كما يؤكد عبقرية مدرسة حلب في عصر بني حمدان
فرحمه الله رحمة واسعة وجعل ما قدمه في ميزان حسناته
|