• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : كربلاء بدموع تركمانية: شاعر الرثاء كويلو براوجلي البياتي .
                          • الكاتب : محمد زيد ابوالقيس كهية .

كربلاء بدموع تركمانية: شاعر الرثاء كويلو براوجلي البياتي

 تمهيد

في شمال العراق، حيث تمتزج الأرض بروح الولاء الحسيني، ولد صوت شعري ظلّ وفيًّا لكربلاء ودمعتها. إنّه الشاعر التركماني كويلو براوجلي البياتي، الذي جعل من قريته الصغيرة براوجلي منطلقًا لقصائد هزّت قلوب المعزّين وألهبت مشاعر المنابر. بين دفتي اللغة التركمانية ومشاهد الطف الدامية، وجد كويلو لغته الخاصة، فصاغ عشرات القصائد الحسينية التي تحوّلت إلى أناشيد للروح، وأصداء حيّة تتردّد في الحسينيات والمجالس.

حياته ونشأته

اسمه الكامل سكران محمد علي نقي موسى البراوجلي البياتي. وُلد سنة 1385هـ (1966م) في قضاء طوزخورماتو – ناحية آمرلي – قرية براوجلي، حيث نشأ وترعرع، وأكمل فيها دراسته الابتدائية. أما دراسته المتوسطة فكانت في قرية البوحسن الكبير، ثم التحق بإعدادية الصناعة في قضاء الدور، وبعد ذلك انتقل إلى مدينة طوزخورماتو ليتخرج من إعدادية صناعة طوزخورماتو سنة 1987.

توجهه الشعري

منذ صباه كان مولعًا بالمطالعة الأدبية، يتابع الصفحات الثقافية في جريدة يورد العراقية التركمانية، ويقرأ في مجلة قارداشلق (الإخاء التركماني) الصادرة في بغداد. كما أحب شعر الرثاء الحسيني عند أعلام الأدب التركماني مثل: صراف تبريزي، راجي تبريزي، دلريش، دلسوز، صافي وغيرهم.
في بداياته كان رادودًا يقرأ المراثي، ثم انصرف إلى كتابة الشعر فقط، وخصّ قصائده بالحسين (ع) ورثاء أهل البيت (ع) بلغة تركمانية صافية. وقد تأثر كثيرًا بأستاذه القارئ والرادود المرحوم عدنان فاضل البياتي.
ألف أول قصيدة له في تسعينيات القرن الماضي، ليبدأ بذلك رحلة أدبية متفرّدة في الشعر الحسيني التركماني.
 

مميزات شعره

كتب الشاعر كويلو البياتي عشرات القصائد الحسينية التي خلدت مصائب العترة الطاهرة، وتميزت نصوصه بـ:
بساطة الأسلوب وسهولة الألفاظ.
رقة المعاني ووضوحها.
سبك سهل بعيد عن التعقيد.
قدرة عالية على تجسيد واقعة الطف بعبارات مؤثرة تمسّ القلب.
حضوره في المنابر الحسينية
لم يبق شعره حبيس الأوراق، بل تحوّل إلى صوت حاضر في المجالس والمنابر الحسينية، خصوصًا في شهر محرم الحرام. وقد صدحت بقصائده أصوات عدد كبير من الرواديد الحسينيين، منهم:
الرادود الحسيني القدير الراحل ملا موسى براوجلي
السيد عباس أصغر الموسوي
السيد برهان عسكر الموسوي
ملا فلاح حمد البياتي
ملا عباس حسن البياتي
محمد الكهية البياتي
حسين جمال البياتي
مرتضى نور الدين سمين البياتي
عباس عبدالله البياتي
حسين حسن علي البياتي
حسن عباس جاسم البياتي
أمير زين العابدين البياتي

مقاطع من شعره

خصّ شاعرنا قلمه لرثاء العترة الطاهرة. نختار هنا مقطعًا من قصيدة رثائية له في الشهيد عبدالله بن الحسن (ع) الذي استشهد في يوم عاشوراء:
گل باخما سن یاشیمه
باخ عشق اولان جان باشیمه
صبرو قراریم بیتیب
سن باخ اخان گوز یاشیمه
مانع اولما عمّه جان
قویما یانم آتاشیما
میداننان بیر سس گه لیر
او سه سه گیدیم قوی منی
وفي هذا المقطع المؤثر يصوّر كويلو حال الفتى عبدالله وهو يحاول النزول إلى ساحة المعركة، بينما عمته زينب (ع) تمنعه. فيؤكد الشاعر بلسان حاله:
"لا تنظري يا عمتي إلى صغر سني، ولكن انظري إلى العشق الحسيني في قلبي. لقد نفد صبري وأنا أسمع عمي وحيدًا وأذرف الدموع. لا تمنعيني يا عمتي، دعيني ألبي النداء وأشارك في الميدان."
كما نجد في قصيدة أخرى يخاطب الشاعر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد استشهاد الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه:
يا محمد داده گل كربلاده وار طوفان
باشسیز بدن نه ر قالوب نه کفن وار نه دفان
وفيها يصرخ: "يا رسول الله، انظر إلى ما حدث في كربلاء: أبدان بلا رؤوس، بلا كفن، ولا دفن!"

أثره الأدبي والاجتماعي

يمثل الشاعر كويلو البياتي امتدادًا حيًّا للهوية الثقافية التركمانية، إذ ساهم بكتاباته في حفظ اللغة والتراث الحسيني التركماني. وقد عمّق في نفوس مستمعيه معاني التضحية والبطولة المستلهمة من واقعة الطف. وما يزال حتى اليوم يكتب قصائد جديدة، مؤثرة، خاشعة، لتبقى كلماته شاهدًا على ارتباط التركمان بكربلاء.

خاتمة

ليس شعر كويلو البياتي مجرّد أبيات تُتلى، بل هو شهادة حيّة على أن كربلاء ما زالت تنبض في وجدان التركمان كما في وجدان كل أحرار العالم. لقد حمل بقلمه رسالة الحسين (ع) من قريته الوادعة إلى فضاء الإنسانية الرحب، مثبتًا أن الكلمة يمكن أن تكون دمعةً، ودمعةً يمكن أن تتحول إلى شعلة.
وما يزال هذا الشاعر الحسيني يجود بأنفاسه شعراً يخلّد الطف، أطال الله في عمره، وجعل قصائده في ميزان حسناته، لتبقى شاهدًا على أن كربلاء لا تموت ما دام في الأمة شعراء كهذا الصوت الحسيني التركماني الأصيل.

المصدر: مقابلة شخصية مع الشاعر كويلو براوجلي البياتي، أُجريت في 28 آب 2025، قرية براوجلي – قضاء طوزخورماتو. 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=207341
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 09 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 5