
عمّان-
في كتابه الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون"، الواقع في 110 صفحة من القطع المتوسط. يفاجئنا الشاعر محمد العزام بعنوان "اليوم صرت أبي" بما يشير إليه من مفارقة تطور العلاقة مع الأب من طور التمرد الذي نصمم فيه أن لا نشبه والدينا إلى تلك اللحظة التي نجدنا فيها نحبهم بكل شغف الذاكرة، ونشبههم بكل ما سكنَنا من بيئة وظروف، وربما جينات.
عشرون عامًا كنتُ أُقنعُني بأني لستُ مثلكَ
-ليس من شيمي التكبّرُ-
حينما حاولتُ أن أغدو سواكَ
يفرد محمد العزام قصائده شذرات قصيرة تحت ثلاثة عناوين: البيت صوتك يا أبي، ووردة لشرفتها العالية، والشعر مثل الحرب.
الأب ويجاوره تحت العنوان ذاته موضوعات: الأم، والجدة، والوطن، والحلم، والخسارات، فيما يبدو أنه يقول لقد نَموت، وتجذرت، وكبرت، حلمت وخسرت في ظل أبي، ثم شكلني الظل على لحن منعرجاته.
يورق الحب على الشرفة العالية، غنيًا بالصور المستوحاة من صخب الطبيعة وتجانساتها
"ولاسمكِ كونٌ من أغانٍ أحبها
وفصل ربيعٍ
جاء يهديكِ مشمشهْ"
وهكذا تبدو المحبوبة كربّة الشعر التي تأمر الكلمات فتغرقها غزلًا حينًا وحزنًا حينًا، وبينما يوظف الشاعر كل المجازات الممكنة ليصف فتنتها واشتعال الحب يطلب منها أن تكون مباشرة في الحب وأقل مجازًا.
أحب الكلام المباشر في الحبِ..
عشقٌ كثيرٌ
مجازٌ أقلْ!
الشعرمثل الحرب، والكون مجاز قصيدة؛ وإنه لمن الطريف أن ينظم الشاعر شعره ليحكي عن علاقته بالشعر ورؤيته له، كيف يحبه، وأين يجده، ويعيدنا إلى السؤال الكبير: هل المعاني مطروحة في الطريق؟ ومن أين يأتي الشعر؟
تتبع الشعر جارته السابعة؛ أسئلة الوجود المشاكسة، ومخاوف وآلام الموت، ضجيج من الحرب، ومواجع من غزة.
تتدفق العبارات الشعرية في المجموعة لترسم حفلًا موسيقيًا بقافية مطّردة ومقاطع موزونة، ريثما يؤنسك من حين لآخر عزف منفرد، يشد الانتباه إلى معنى متوارٍ أو شعور مزايل لتكتمل للمجموعة هويتها الموسيقية من شعر التفعيلة واسع الحيلة، والشعر العمودي المنضبط.
توقظ تعابير محمد العزام حواس وخيالات مختلفة في آن معًا، فهي عادة ما تشكّل توليفة من عوالم متباعدة تجمعها يد الشعور: "شُباكِ شِعري"، "الشيب منفضة لأعقاب السنين"، "البيت صوتك يا أبي"، " تهمي بساتينا"، " فَلليوم أبناؤه البيضُ"، " شغف الأقمار"، " غابُ الشمع" .. إلخ.
|