المدللة الصغيرة

 في لحظات الألم والمرض تتكشف المعادن الحقيقية للإنسان وتظهر المواقف التي تثبت أن الحب العائلي هو السند الأقوى في مواجهة أقسى الظروف. هذه الحكاية ليست عن بطلة خارقة من روايات الخيال، بل عن البنت الصغيرة المدللة التي مهما كبرت تبقى بعيون اهلها الصغيرة المدللة . عرفت برقتها وحساسيتها وسلام قلبها لتفاجئ الجميع بموقف يعطي معنى جديدا للقوة والحنان
خبر يهز القلوب
حين وصل خبر مرض والدتها إلى مسامعها لم يكن وقع الصدمة عليها عاديا. ارتجف قلبها الصغير، وارتسم الخوف والقلق في عينيها. فهي التي اعتادت أن ترى والدتها قوية كالحديد، صلبة أمام الشدائد. لكن هذه المرة، الأم الحديدية بدت ضعيفة أمام المرض، وكأنها تسلم سلاحها لقدر قاس. عندها، تحركت مشاعر الابنة الصغرى لتقرر أن تتحول من المدللة إلى السند
رغم حساسيتها المفرطة، لم تسمح لنفسها أن تغرق في الحزن أو الاستسلام. اتخذت قرارا صلبا، أن تحارب بجانب والدتها وأختها، أن تكون يدا حانية تسند قلب الأم وتخفف عنها وطأة الألم. لقد فهمت أن وجودها بجانبها ليس مجرد تفاصيل يومية، بل قوة عاطفية ومعنوية تمنح الوالدة طاقة جديدة في مواجهة المرض
سند على الجانبين
وكأن القدر رسم صورة بديعة، أختان تقفان بجوار أمهما، واحدة تسند اليمين، وأخرى تسند اليسار لتشكلا معا اليدين اللتين يحملان الأم، ليس بالجسد فقط، بل بالروح أيضا. في تلك اللحظة لم تعد الفتاة الصغرى مجرد الابنة الحساسة، بل صارت عمودا من أعمدة العائلة توازن الضعف بالحب والخوف بالشجاعة.
أما أنا، الأخت التي تراقب من بعيد، فاختلطت مشاعري بين الحزن والفرح. حزن عميق لأن والدتي تواجه هذه الشدة القاسية، وفرح يغمر قلبي وأنا أرى أختاي تصنعان عملاً بطوليا بتكاتفهما، تحولان الألم إلى قوة واليأس إلى أمل. مشهد لا يمكن وصفه إلا بأنه لوحة إنسانية عظيمة تثبت أن العائلة حين تجتمع تصبح حصنا منيعا في وجه كل ما يستهدفها
إلى الأخت الصغرى ما تفعلينه ليس بسيطا أبدا، بل هو فعل عظيم يغير مسار المعركة مع المرض، قوتك تكمن في رقتك وحساسيتك تحولت إلى سلاح حب يواجه الألم. قد لا تعلمين لكن والدتك تشعر بوجودك معها في كل نفس وأختك ترى فيك شريكة حقيقية في تخطي هذه الايام العصيبة. وإنني وأنا أراقبكما أشعر بالامتنان والفخر لأنكما تجعلانني مؤمنة بأن الأمل أكبر من المرض.
 انتن تمنحن أمنا طاقة ربما لا تستطيع الأدوية أن تعطيها. وأنتن تمنحنني أنا أيضا طمأنينة وأملا بأننا مهما كانت الظروف قاسية، سنبقى متكاتفين لا يهزمنا شيء . انها حكاية عائلة وحدت الألم فحولته إلى طاقة حب تصون الأم وتكتب فصلا جديدا في ملحمة الحياة.