• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مفردات الجمال.. .
                          • الكاتب : محمد الطالب .

مفردات الجمال..

  لكل عادة جذور نفسية، ولكل صورة نقيض على وجه العموم، ولو نقبت بأغوار ذاتك عن جذور الجمال بداخلك، لوجدت أسساً لحضارات من الجمال لم تكتشف إلى الآن.. والغريب في الأمر لا يوجد من يستطيع التنقيب عنها غيرك؛ لأن هذه الأسس ممتدة بعمق أرشيفك الأسري الموجود في باطن قناعاتك, إلا أن الصفات البيئية المكتسبة من ظواهر دخيلة خلقت بداخلك قناعات سلبية، تراكمت فوق تلك الأسس..!

 لا بأس..! فالجمال مازال موجوداً في داخلك، والقناعة ما هي إلا تبرير لحدث على انه ممكن أو غير ممكن, وما عليك - كخطوة أولى للتنقيب - إلا أن تدرك أن كل شيء ممكن حدوثه اذا توفرت أسبابه، وبتوفرها لا يوجد شيء مستحيل وهذا أمر إيجابي.. إذن، علينا أولا التأكد من قناعاتنا، ومن ثم تغيير السلبية منها الى إيجابية.
عرف مجتمعنا العراقي بحرصه على التقاليد والعادات النبيلة ذات الجمال التي كانت أساس العلاقات الجتماعية فيه, والتي توارثها السلف عن الخلف, فمن هذه العادات التي وثقت الروابط الاجتماعية: التحية، والفن الجميل رد التحية بأجمل منها، قال أنس: "كنت عند الحسين (عليه السلام)، فدخلت عليه جارية فحيّته بطاقة ريحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله، فقلتُ: تجيئك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها؟. قال: كذا أدّبنا الل، قال الله : (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا..)(1).
 إنها ثقافة التراحم والمحبة، فهذا الحسين(عليه السلام) صاحب المروءة والهمة العالية، يتعلم من القرآن بل هو القرآن الناطق، ويتأدب بتعاليم ربه وزيادة يستنبط موقفاً قرآنياً يطبقه على الفور.. كذلك الهدايا على سبيل المثل, وتاريخ الهدايا غير معَرف إلا أن مجتمعنا الاسلامي كان يتعامل بها؛ لما لها من وقع نفسي إيجابي، يجلب السرور والبهجة, فهي جزء من نظام إجتماعي قال تعالى: (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ {} فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُون). لو نلاحظ أن هاتين العادتين من مجمل العادات الموروثة في مجتمعنا والتي أضفت نكهة الحياة لما تحتويه من جمال، ولا ننسى انها عززت الروابط الاجتماعية، فهي مفتاح لحل الكثير من المشاكل الأسرية، وهي رد الفعل الذي يعكس الشعور بالجمال؛ تعبيراً عن الأخلاق، وإن نبينا الكريم (ص) كانت تهدى اليه الهدايا من الناس فيتقبل هديتهم. 
يطول الحديث عن الجمال، تلك الهبة التي وهبها الله تعالى لنا، فمن مِنا لا يُحب الجمال؟ من مِنا لا يتمنّى أن يكون بنظر غيره جميلاً؟ وما أجمل من شعورك بأنك جميل، فالجمال يوقظ الروح ويزيد الثقة بالنفس، والجمال نصيب المتأملين، ومن عرف ربه رأى كل ما في الحياة جميلاً.. فالله تعالى يحب الجمال، وأراد ان يكرم الانسان فجاء بالجمال.
وشروط الجمال كثيرة وأهمها الابتسامة وزينة العقل والفضيلة، فرب وجه حسن أخفى نفساً خبيثة، وكما قيل:
 ليس الجمال بأثواب تُزيننا ... إنّ الجمال جمال العِلم والأدبِ 
إذن، فلنبدأ بالابتسامة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حياة الإمام الحسين (عليه السلام) من بحار الأنوار: ج5/ ص6.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=207101
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 08 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 08 / 28