عندما تزور صديقا لك في بيته، ويسألك: أتشرب شاياً أم قهوة؟ هنا يستحيل أن يخطر ببالك أن تطلب عصيراً..! وهذا الأسلوب يسمى: اسلوب التأطير.. يجعل عقلك ينحصر في اختيارات محددة، فرضت عليك لا إرادياً، ومنعت عقلك من البحث عن جميع الاختيارات المتاحة..!.
البعض يمارس ذلك دون إدراك، والبعض يفعله بهندسة وذكاء..!! والقوة الحقيقية عندما نمارس هذا الاسلوب بقصد، أي عندما أجعلك تختار ما أريد أنا بدون أن تشعر أنت..! تقول أمّ لطفلها: ما رأيك، هل تذهب للفراش الساعة الثامنة أم التاسعة؟
الطفل سيختار التاسعة، وهو ما تريده الأم مسبقاً، دون أن يشعر أنه مجبر لفعل ذلك، بل يشعر أنه هو من قام بالاختيار..!.
ونفس الاسلوب يستخدم في السياسة والإعلام..!! ففي حادث تحطم طائرة تجسس أمريكية في الأجواء الصينية، وبعد توتر العلاقات بين البلدين، خرج الرئيس الأمريكي وقال: إن الإدارة الأمريكية تستنكر تأخر الصين في تسليم الطائرة الأمريكية.
وجاء الرد قاسيا من الحكومة الصينية، بأنهم سوف يقومون بتفتيش الطائرة للبحث عن أجهزة تنصت قبل تسليمها.. وهذه موافقة ضمنية على تسليم الطائرة..!!.
الحقيقة هنا هو أن القضية هي: "هل تسلم الصين الطائرة لأمريكا أم لا؟!" ولكن الخطاب الأمريكي جعل القضية هي التأخير وليس تسليم الطائرة..!.
في حرب العراق الأخيرة، كانت المعركة الفاصلة هي معركة المطار، فقامت وسائل الإعلام بتعبئة الطرفين على أن المعركة الحاسمة هي معركة المطار..! فأصبحت جميع وحدات القوات المسلحة العراقية تترقب هذه المعركة، وعندما سقط المطار شعر الجميع أن العراق كله سقط، وماتت الروح المعنوية للجنود العراقيين.. بالرغم أنه في ذلك الوقت لم يسقط سوى المطار..!
الآن تلعب وسائل الإعلام نفس اللعبة في مجتمعاتنا المنهكة بالجهل، وانعدام الوعي، وهذا فقط أسلوب واحد من عدد من الأساليب التي تجعلك لا ترى إلا ما أريد أنا.. وهو أسلوب قوي في قيادة الآخرين، والرأي العام من خلال وضع خيارات وهمية، تقيد تفكير الطرف الآخر.. وهكذا الإعلام دائماً، ما يضع الحدث في إطار يدعم به القضية التي يريدها .
انتبه لكل سؤال يقال لك... أو خبر.. ومعلومة تصلك، فإنه قد يسلبك عقلك وقرارك وقناعاتك، سوف يقيدك.. واعلم كلما زاد وعي الإنسان ومعرفته، استطاع أن يخرج من هذه الأطر والقيود التي يضعونها لنا.
وباختصار: من يضع الإطار.. فإنه يتحكم بالنتائج.
|