منظمة “أوبك ” OPEC ( منظمة الدول المصدرة للبترول ) هي المنظمة العالمية التي تضم الدول الأعضاء المصدرة للنفط على مستوى العالم ، أسست في بغداد بتاريخ 14 أيلول 1960 من قبل الأعضاء الخمسة الأوائل ( إيران والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية وفنزويلا ) ، وتهدف إلى تنسيق وتوحيد السياسات النفطية لدولها ( الأعضاء ) لضمان استقرار أسعار النفط العالمية وتحقيق مزايا عادلة للمستهلكين ، ومقرها الرئيسي في فيينا ، وتضم الآن 13 دولة عضوا ( الجزائر ، أنغولا ، الكونغو ، غينيا الاستوائية ، الغابون ، إيران ، العراق ، الكويت ، ليبيا ، نيجيريا ، المملكة العربية السعودية ، الإمارات العربية المتحدة ، وفنزويلا ) .
وخلال 56 عاما من عمرها ( السنوات 1960 – 2016 ) استطاعت تحقيق العديد من المزايا لصالحها ولصالح الدول المستوردة رغم التحديات العديدة التي واجهت العالم بسبب الحروب والأزمات المالية وما مرت به اقتصاديات العالم من تقلبات ، وقد وجدت إنها بحاجة لتحالف أقوى للسيطرة على انتاج النفط من حيث العرض والطلب لمواجهة انخفاض أسعار النفط نتيجة نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي ( عام 2011 ) ، إذ تأسست أوبك بلاس ( + ) يوم 30 تشرين الثاني 2016 كتحالف بين أوبك وعشرة منتجين آخرين للنفط . و تضم أوبك+ أعضاء أوبك ( ال13 ) بالإضافة إلى ( أذربيجان ، البحرين ، بروناي ، كازاخستان ، ماليزيا ، المكسيك، عُمان ، روسيا ، جنوب السودان ، السودان ، مصر ) . وقد سعى أوبك بلس لتوسيع تأثير الدول المنتجة للنفط من خلال خفض إنتاج النفط لتحسين أسعاره في الأسواق ، وتجتمع وحليفتها دوريا لتنظيم كمية النفط الخام التي ستطرح في الأسواق ، وهي تعلن باستمرار عن التزامها بهدفها وهو تنسيق وتوحيد السياسات النفطية بين الدول الأعضاء لتأمين التسعير المجزي للمنتجين والإمدادات للمستهلكين والعائد على رأس المال للمستثمرين ، وكانت اوبك تسيطر على 40% من إمدادات النفط العالمية و80% من الاحتياطي العالمي ، ومع "أوبك بلس" فهما تسيطران على 55% من الإمدادات عالميا و90% من الاحتياطي .
ولان الانتماء لهذا التحالف طوعيا وللدور المهم لبلادنا في مجال انتاج و مخزونات النفط فقد انضم العراق إليه ، وقد اثار هذا الموضوع جدالا ، ولا تزال وجهات نظر بخصوصه متعددة حول جدوى انضمام العراق لهذا التحالف وما سيحققه من منافع وتبعات ، واغلب الآراء المعارضة لانضمام العراق تطرح تساؤلات إزاء هذا القرار ، لان التحالف يحدد سقوف معينة للإنتاج وتلزم الدول للالتزام بحصصها المقررة دون زيادة ودون منح الاستثناء للعراق ، رغم ما يمر به من ظروف تتطلب زيادة الإنتاج لتعويض انخفاض الأسعار وتلبية الحاجة المتزايدة للإنفاق ، ومن وجهة نظر البعض :
- إن العراق ما كان عليه إن ينتمي إلى اوبك + لان منظمة اوبك لم تنصفه من حيث حصته من حجم الإنتاج الكلي في اوبك ، فعند العودة لتصدير النفط وزوال الحصار بعد 2003 لم تعطى حصة تفضيلية لتعوض حرمانه من التصدير بمليارات البراميل لأكثر من 10 سنوات والتي استفاد منها بقية الأعضاء ، كما تسمح له بمضاعفة التصدير لتوفير متطلبات التنمية والأعمار بعد الأعمال العسكرية التي رافقت لاحتلال وما نتج من خراب .
- كان الأجدر بالعراق أن يعمل العكس بان ينتهز فرصة التزام دول اوبك + بحصصهم المقررة وان لا ينتمي لها ليقوم بالإنتاج والتصدير على هواه حسب طاقاته و احتياجاته ، وفي أسواق واتفاقات يختارها حتى وان اضطر لمنح أسعار تفضيلية للمشترين .
- كان المفروض بالجهات المعنية في النفط (سومو ) وغيرها بالتنسيق مع الوزارات المعنية المقارنة بين الإيرادات التي تتحقق بطاقة التصدير القصوى بأسعار السوق ( المنخفضة ) وبين الإيرادات من اوبك + بتصدير محدد وأسعار ( عالية ) .
- إن انضمام العراق لأوبك + كان ضعيفا لأنه لم يضع شروط في مجال منحه حصص تفضيلية لمراعاة الظروف التي مر بها ومنها ظروف ما بعد الاحتلال وما حصل عام 2014 بسيطرة إرهاب داعش على ثلث مساحة العراق وما تبع ذلك من عمليات تحرير وإعمار استنزفت كثيرا من الأموال ، فظروف 2014اسهمت في تخفيض انتاج العراق ولكن دول اوبك لم تصدر قرارا بتعويض او اضافة حصة العراق .
ولان موضوع انتماء العراق لهذا التحالف لايزال موضوع جدل ونقاش ، و يبرز ذلك مع كل تخفيض للتحالف يلتزم العراق فيه بتخفيض حصته رغم احتياج الموازنة الاتحادية لمزيد من إيرادات النفط التي تشكل 90% من مجمل الإيرادات ، ونظرا لان هذا موضوع الانضمام لم نشهد نتائجه من خلال الدراسة والتحليل بشكل واسع وشمولي ، فمن المهم قيام الجهات المعنية في سومو وغيرها بتناوله من جوانب عديدة :
الأول : تقويم ما ترتب عن الانضمام للتحالف من ايجابيات وسلبيات مقرونا ببيانات عن حجم الإنتاج الفعلي للسنوات 2016 – 2025 وبيانات عن حجم الإنتاج ( المتوقع ) خلال هذه السنوات لو لم يكن العراق منضما للتحالف .
الثاني : تحليل نتائج تأثير انضمام العراق للتحالف على حجم الاستثمار والإنفاق مقارنة بحالة عدم الانضمام وفي الجزء الثاني ( دون الانضمام ) ، ولا يكون ذلك عشوائيا وإنما استنادا إلى الأسعار المعتمدة من الدول المنتجة التي لم تنضم او تلتزم بمحددات اوبك + .
الثالث : مقارنة بين ما تحقق للعراق في مجال التنمية والاستثمار للسنوات 2016 – 2025 مع السنوات السابقة للإنتاج التي لم تكن فيها اوبك + موجودة وبالتحديد 2006 – 2015 .
الرابع : تحديد الآثار التي ترتبت عن انخفاض الإنتاج والمردودات على اقتصاديات البلاد بشكل عام ومقدار الفرصة الضائعة (إن وجدت ) بهذا الخصوص .
وان الهدف من ما تقدم ، ليس لأغراض التوثيق التاريخي وإنما للمناقشة والقرار ، فهل من مصلحة العراق المضي بالانضمام أم الخروج من التحالف وأي البديلين او غيرهما الأفضل للبلاد ، آخذين بعين الاعتبار الاستمرار بتقييد حصة انتاج العراق وعدم منحه الاستثناء والتعويض عن السنوات السابقة ، وما ينتج عن الانخفاض والتذبذب بأسعار النفط وحاجة البلد لمزيد من الإيرادات بسبب النمو السكاني ( مليون سنويا بأكثر من 2% كل عام ) والحاجة للتنمية التي لم تكفي الموارد السابقة والحالية لاستكمالها لتلبية احتياج السكان ، ولأهمية هذا الموضوع نتمنى ولوجه من قبل الباحثين العراقيين من التعليم العالي وقطاعات الدولة ، ونعتقد بأنه يصلح لان يبحث تحليليا في رسائل الماجستير واطاريح الدكتوراه ، فالجواب على السؤال لا يزال مطروحا و يحتاج لتوضيح وتبرير للاستمرار او العدول لإتباع أفضل الخيارات .
|