• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وداع الأحبة.. .
                          • الكاتب : زيد علي كريم الكفلي .

وداع الأحبة..

  غادر ليترك خلفه غبار الحرب للمنتظرين بعده وبلا ندم، فصمّ اذنه ليتفادى عويل الرصاص، وهو يحوم حوله.. ما زال كما هو، يترك نفسه لينتشر على وقت الاحتضار وينتشي بالشهادة، فمن زاهد بالحياة الى شرف المقاومة ضد عتاد الأرض.

 لم يخرج إلا عندما رأى منكرا أراد تغييره، فخرج داعياً الى الله تعالى، خرج وقد امتلأت نفسه حماساً وعزماً، وكان بحق يطلب الرضا لمحمد وآله، ويطالب بكرامة الناس.. هنا سنروي تاريخ رجل استقر به المقام في وادي السلام، ذلك هو بطل من أبطال فتوى الدفاع المقدس الشهيد (محمد مجيد حميد محمد الصائغ).
ففي مدينة بابل.. كان محمد يعيش حياة طبيعية كسائر اقرانه، كان يكسب لقمة العيش من مهنته البسيطة (تأسيس الكهرباء للدور والمحلات)، وهو من مواليد (1990) اعزب.. درس في جامعة بابل – كلية الزراعة، وتخرج منها سنة 2012 م.
 التحق بصفوف الحشد الشعبي، بعد صدور فتوى الوجوب الكفائي، وانطوى تحت فصائله، رافضاً لكل اشكال الظلم والطغيان.
يتميز محمد بالذكاء والموهبة، يتميز بالأدب الجم والخلق الرفيع في تعامله مع ابويه واخوانه واخته، ويتميز بالصبر العالي والمجاهدة والشجاعة والجرأة، كريم النفس واليد، يتفانى في مساعدة الأصدقاء والمحبين، ويخدم الجميع بشهامة وطيب خاطر. 
حتى قال بحقه أخوه المدرس في ثانوية سبأ الأستاذ (كنان مجيد): محمد كان شخصية متفردة في صفاته، ويشهد له الاقربون والبعيدون، والحقيقة بلا مغالاة، كان الشهيد ذا شخصية متميزة، يتقد ذكاء وفطنة، وبعد النظر، رغم حداثة شبابه.
 تفوق في دراسته، وحصل على مراكز متفوقة في مسابقات الرسم في مراحله الدراسية، ونالت احدى لوحاته التراثية على المركز الاول لمحافظات العراق، مارس الرياضة وشارك في اعمال مسرحية مدرسية، وأخذ فيها (دور الحياة).
كان الصائغ محمد يتوق بشوق وحماسة لتلبية نداء المرجعية للدفاع عن المقدسات الطاهرة لآل البيت(عليهم السلام)، فكان من السباقين الى التطوع والتدريب، وشارك في أول الأمر في مهام الاسناد في الحشد المقدس، ثم ما لبث أن التحق بصنف الهندسة الذي وضعه في الصفوف المتقدمة للمجاهدين، ونال مرتبة متقدمة في دورة الهندسة المركز الثاني، لقبه اخوته المجاهدين بـ(المهندس) لذكائه وهمته العالية وفدائيته في الميدان.
 كما حرص على زيارات مراقد الأئمة الأطهار(عليهم السلام) في النجف وكربلاء والمراقد الشريفة، والتمسك بأخلاقهم وسيرتهم العطرة.. كان الشهيد(رحمه الله تعالى) ذا شخصية اجتماعية محبوبة بين اسرته واصدقائه وأقربائه ومحبيه وأبناء منطقته، ويهرع الى مساعدة الاخرين والمحتاجين من خلال مهنته، ويؤدي ذلك بفرح غامر، وبطيب خاطر.
 وشارك في ايصال المساعدات الى الاخوة النازحين المادية والعينية، وحرص على زيارة عوائل اخوته المجاهدين اثناء غيابهم، ويسأل عن احوالهم، ويلبي احتياجاتهم مع اخوته في الجهاد.
كان محمد يرى في رؤياه (انه يموت شهيدا)، وهذا ما يرويه لأصدقائه المقربين.. 
نال شرف الشهادة أثناء قيامه بواجبه المقدس، خلال تقدمه في جرف النصر، بتاريخ (20-9-2014)، وقد اجرى الشهيد مكالمة مع والدته في ظهيرة يوم استشهاده، ثم بعدها بقليل جاءهم نبأ استشهاده؛ بسبب انفجار عبوة ناسفة في طريقه اثناء قيامه بواجبه المقدس، اودت بروحه الطاهرة.
كانت وصيته عبارة عن رسالة وجهها الى اسرته كانت اشبه (بوداع الأحبة)، العائلة ويستحضر مشاعره اتجاهها، ويعطي لكل منهما منزلته الخاصة عنده. 
تمكن محمد من اداء رسالته العقائدية، حتى ترك استشهاده أثراً كبيراً في نفوس اهله ومحبيه، بقدر ما هم فرحون بمنزلته التي فاز بها.
وسيبقى العراق مرفوعاً الرأس ما دام فيه شجعان يدافعون عن دينهم وأرضهم وعرضهم.
نسأل الله تعالى أن يجعل شهداءنا مع أوليائه وأحبائه في جنات النعيم.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=206777
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 08 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 08 / 21