• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : صلح الحسن(عليه السلام) بداية الثورة الحسينية .
                          • الكاتب : علي علي .

صلح الحسن(عليه السلام) بداية الثورة الحسينية

 عاشوراء هي المحطة الأخيرة لثورة استمرت عقدين من الزمن, حيث كانت البداية في صلح الامام الحسن(عليه السلام), وهنا قد يولد تعارض؟! فكيف يكون الصلح إحدى مراحل الثورة؟ وحل ذلك يكمن في معرفة مفهوم الاصلاح الذي كان شعار الثورة الحسينية المباركة: (لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولكن خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي). 

 فالإصلاح يقوم على ثلاثة اسس, أولها: امتلاك المصلح للقيم الحقة, والثاني: كشف الواقع المنحرف، وآخرها استنهاض الامة بشتى الوسائل, لتقوم بدورها في مقاومة الانحراف الذي تعيشه, ولا يشك أحد أن أهل البيت(عليهم السلام) قد ورثوا ما جاء به الرسول الأعظم(ص) من علم, واخلاق, وطرق مثلى للسير بالأمة نحو تكاملها, ولكن انحراف الواقع الاسلامي بعد وفاة رسول الله(ص), ادى الى اقصائهم عن مواقعهم التي اختارها الله تعالى لهم, حتى وصل الأمر الى أن تكون خلافة الرسول الكريم عبارة عن ملك بيد معاوية على شاكلة قيصر او كسرى, والذي كان داهية في استخدم سياسة التضليل, والتجهيل, والاسكات بالقوى الناعمة والخشنة.
كان معاوية رغم انحرافه الكبير لا يجاهر بمخالفة ظواهر الاسلام, من صلاة, وحج، ولم يكن ساذجاً بحيث يستثير المسلمين, وقد سعى الى بث الجهل في المجتمع, ليكون بمنأى عن محاسبتهم.
 كما أسكت خصومة بالمال تارة وبالسيف اخرى, فهو يريد بناء واقع في الحكم, وادارة الدولة, يقوم على اساس الملك الذي لا يخضع لأي ضابطة سوى ارادة الملك الاموي, فكسر هيمنة هذا الواقع المضلل، يتطلب من أي مصلح إجراءات تبين للأمة حقيقة حكامهم الفاسدين, ولأن الناس كانوا تحت سطوة تلك السياسات الشيطانية, فأي ثورة مع قلة الناصر لها, ستؤول على انها منازعة في رداء الملك. 
 ضمّنَ الإمامُ الحسن(عليه السلام) في صلحه شروطا, كان يعلم ان معاوية سيخالفها، ولكنه يريد أن يأخذ منه اقراراً أمام الامة - التي خدر وعيها - بأنه انحرف عن شرع الله تعالى, فالكفّ عن سبّ الامام علي(عليه السلام) الذي كان يعني سب رسول الله(ص)؛ لأنه أخوه وابن عمه, الى عدم ملاحقة أصحابه, بالإضافة الى رفضه أن يكون الحكم بالوراثة الى ولده يزيد, كلها شروط تبين للناس جميعاً أن معاوية لم يفِ بها منذ أيام الصلح الأولى. 
 بعد هلاك معاوية، لم تكن الأمة تحت سطوة التضليل الذي مارسه بدهائه, إلا أنها ابتليت بداء آخر, وهو موت الارادة والخنوع للواقع المنحرف, فقلوب الناس مع أي مخلص, ولكنها قد لا تنصره لعطب أصاب ارادتها, وهذا ما يبينه قول الفرزدق للإمام: (قلوبهم معك وسيوفهم عليك), فثورة الاصلاح وصلت الى مرحلة تزويد الناس بشحنات الحماس, ورفض الضيم بعد أن انكشفت لهم جميعاً حقيقة التضليل الاموي, وما لحق بهم من جرائه, وهذا ما يفسر لنا عدم حاجة الامام الحسين(عليه السلام) الى تبرير خروجه في كثير من المواقف, إلا بالقول: (شاء الله أن يراني قتيلاً)؛ لأن الحجة قد تمت على الجيمع, ولم يبقَ إلا احياء ارادتهم.
فمعركة عاشوراء ابتدأت مع صلح الامام الحسن(عليه السلام), وختمت بالدماء الطاهرة في كربلاء بعد أن قطعت أشواطاً, زودت فيها الامة بالوعي, والارادة, وتحمل مسؤولية الدفاع عن العقيدة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=206765
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 08 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 08 / 21