• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : أخبار وتقارير .
              • القسم الفرعي : أخبار وتقارير .
                    • الموضوع : العراق يواجه أخطر جفاف منذ قرن .

العراق يواجه أخطر جفاف منذ قرن

أزمة المياه في العراق بلغت هذا الصيف مستويات غير مسبوقة، بعدما تراجعت الإيرادات المائية إلى أقل من ثلث معدلاتها التاريخية وانخفض الخزين الاستراتيجي للسدود إلى حدود الخطر، ما انعكس بشكل مباشر على الزراعة ومياه الشرب.

واجه العراق منذ مطلع العقد الأخير أزمة مائية متفاقمة، إلا أن صيف هذا العام أظهر حجم الخطر بصورة غير مسبوقة، بعدما تراجعت الإيرادات المائية إلى أقل من 30 مليار متر مكعب مقارنةً بأكثر من 80 ملياراً في سبعينيات القرن الماضي، في وقت انخفض فيه الخزين الاستراتيجي للسدود والبحيرات إلى حدود 14 ملياراً فقط بعدما كان يناهز 60 ملياراً في فترات سابقة.

هذا التراجع الحاد انعكس بشكل مباشر على الزراعة التي تقلصت مساحتها إلى أقل من 250 ألف دونم في الموسم الصيفي 2025، بعد أن كانت تتجاوز المليون ونصف المليون قبل عقدين، ما وضع الأمن الغذائي الوطني أمام تحديات جدية.

في المقابل، حذرت الأمم المتحدة في تقاريرها من أن أكثر من سبعة ملايين عراقي باتوا مهددين بشكل مباشر بنقص المياه، كما اتسعت رقعة التصحر لتشمل 39% من أراضي البلاد.

وتعتمد البلاد بنسبة 70% على الموارد المائية الوافدة من الخارج، ما يجعلها رهينة سياسات دول الجوار إلى جانب تداعيات التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، لتصبح الأزمة المائية اليوم التحدي الأخطر للأمن الاقتصادي والاجتماعي في العراق.

وكانت وزارة الموارد المائية العراقية قد كشفت في وقت سابق أن هذا العام هو الأكثر جفافاً منذ عام 1933، موضحة أن تغذية نهري دجلة والفرات انخفضت إلى 27% فقط مقارنة بالعام الماضي.

إيرادات مائية غير كافية

أوضح المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال أن اعتماد العراق على الموارد المائية الخارجية يشكل 70% من إجمالي وارداته، كما لا تغطي الموارد المحلية سوى 30% فقط.

وأشار شمال، إلى أن التغيرات المناخية خلال العقود الأخيرة كان لها أثر بالغ على تدفق المياه نحو العراق، وأن العوامل التي قلبت المعادلة المائية بين اليوم وما قبل أربعة عقود تتمثل أساساً في السياسات المائية لدول الجوار.

وأعلن شمال بأن تركيا تحتفظ حالياً بخزين يناهز 90 مليار متر مكعب في سدودها على نهري دجلة والفرات، بينما كانت كميات أكبر من تلك المياه تصل إلى العراق سابقاً وتؤمن خزيناً جيداً.

ثم أكد أن التغير المناخي المتمثل بارتفاع درجات الحرارة وتراجع معدلات الأمطار، ضاعف أزمة الشح المائي في البلاد.

وحول تأثيرات القطاع الزراعي، لفت شمال إلى أن الهدر في المياه المستخدمة للزراعة يتجاوز 60%، كما لا تزيد كفاءة أنظمة الإرواء عن 40%، ورغم وجود جهود حكومية واسعة لدعم مشاريع الإرواء الحديث، إلا أن النتائج المتحققة حتى الآن لم تبلغ مستوى الطموح.

وأكد شمال أنه رغم الضغوط الكبيرة، تبقى مياه الشرب والاستخدامات الصحية مؤمنة بشكل مستمر، وأن هناك حالة من العجز المائي في العراق، ما يدعو إلى تحرك عاجل لتجاوز المشكلة.

العراق في مرحلة الخط الأحمر

عن تلك الأزمة يعلق الباحث الاقتصادي، علي عواد، قائلا إن أزمة المياه التي يعيشها العراق هذا الصيف وصلت إلى مستوى شديد الْخَطَر يهدد مختلف القطاعات الاقتصادية والحياة اليومية للمواطنين، بعدما بلغ مخزون البلاد المائي حدود “الخط الأحمر”.

وأوضح أن تداعيات الجفاف لم تعد مقتصرة على الزراعة التي تقلصت مساحتها بنحو 50%، بل امتدت لتطاول مياه الشرب نفسها، إذ أصبحت محطات الضخ عاجزة عن تلبية احتياجات الكثير من المناطق بسبب جفاف الأنهار أو تراجع مناسيبها بشكل كبير.

وأشار عواد في حديثه لـ”العربي الجديد”، إلى أن الإيرادات المائية للعراق تراجعت إلى ما يُعرف بالمنطقة الحمراء، محذراً من أن نصيب الفرد قد يهبط إلى 400 متر مكعب سنوياً بحلول عام 2030، في حين أن معيار منظمة الصحة العالمية يبلغ 1700 متر مكعب للفرد، ما يعني دخول البلاد في مرحلة “ندرة مائية حادة”.

وأضاف أن الأزمة باتت تمثل تهديداً شاملاً، إذ انعكست بشكل مباشر على حياة المواطنين وزادت معاناتهم اليومية، خصوصاً مع الانقطاعات المتكررة للكهرباء في ظل موجات الحرارة القاسية. تابع أن الأطفال وكبار السن هم الفئة الأكثر تضرراً،

لافتاً إلى أن استمرار الأزمة دون حلول عاجلة سيقود إلى مخاطر اجتماعية واقتصادية أوسع، من فقدان الأمن الغذائي وارتفاع معدلات البطالة، وصولاً إلى نزوح سكاني محتمل من بعض المناطق الأكثر تضرراً.

الأزمة تتفاقم

من جانبه، أكد المتخصص في الشأن المائي عادل المختار أنّ العراق يواجه واحدة من أخطر موجات الجفاف في تاريخه الحديث، محذراً من أن تداعياتها امتدت لتشكل تهديداً مباشراً لحياة الإنسان ومعيشته اليومية.

وقال المختار،  إن تراجع مناسيب المياه يظهر صورة قاتمة عن مستقبل البلاد وطبيعة الزراعة فيها، موضحاً أن ذلك ينذر بخسارة مساحات واسعة من الأراضي المزروعة وما يترتب عليها من أخطار جدية على الأمن الغذائي وزيادة الاعتماد على الاستيراد الخارجي.

وأضاف أن استمرار الأزمة الحالية دون حلول عملية سيؤدي إلى تفاقم البطالة في الأرياف، وظهور أزمات صحية بسبب شح المياه وتلوث المصادر المتبقية، داعياً الحكومة إلى إطلاق خطة وطنية عاجلة تقوم على ترشيد استخدام المياه وتوسيع مشاريع الري الحديثة.

ووفق المختار فإن أزمة الجفاف لم تعد مجرد مشكلة بيئية أو زراعية، بل تحولت إلى تهديد استراتيجي يطاول الأمن الغذائي والاجتماعي للعراق، في وقت تشير فيه تقارير دولية إلى أن البلاد أصبحت من بين أكثر الدول عرضة للجفاف والتصحر في المنطقة،

وشدد على ضرورة ترشيد استهلاك المياه عبر تقنيات الإرواء الحديثة، وتفعيل الدبلوماسية المائية مع دول الجوار، فضلاً عن إدارة الموارد الداخلية بفاعلية وتعاون مجتمعي واسع للحد من الهدر وتقليل مستويات المخاطر.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=206740
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 08 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 08 / 25