لقد قلناها مرارًا وتكرارًا: العمالة الأجنبية واللاجئون والمقيمون الغرباء في العراق هم قنابل موقوتة، تنتظر ساعة الصفر لتنفجر في وجوهنا، وتفتك بالسلم الأهلي والأمن الوطني... ؛ ومع كل تحذير، كنا نواجه الصمت أو التجاهل من الحكومات المتعاقبة، وكأن دماء العراقيين رخيصة، وكأن البلاد أرض سائبة لكل طامع وحاقد ومتربص...!!
ففي السنوات الأخيرة، أصبح العراق مسرحًا مفتوحًا لتدفق العمالة الأجنبية واللاجئين والمقيمين من جنسيات عربية وآسيوية وأفريقية ... ؛ في ظل ضعف الرقابة الحكومية، وتفشي الرشوة والفساد والمحسوبية , وتراخي الإجراءات الحدودية، وتعدد قنوات الدخول الشرعي وغير الشرعي... ؛ ورغم تنبيه الخبراء والمحللين الأمنيين إلى خطورة هذه الظاهرة، إلا أن الحكومات العراقية المنتخبة المتعاقبة تعاملت معها غالبًا بسطحية، متجاهلة أبعادها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية السلبية والمدمرة .
العمالة الأجنبية واللاجئون ليسوا – في جميع الأحوال – مصدر خطر، لكن التجربة العراقية القاسية أثبتت أن بين صفوفهم مجموعات تحمل أجندات خفية، بعضها مرتبط بشبكات إجرامية أو إرهابية، أو يعملون كعيون استخباراتية لدول وأطراف معادية... ؛ وهذه الفئات، حين تتسلل إلى عمق المجتمع، تتحول إلى خلايا نائمة تنتظر اللحظة المناسبة لتنفيذ عملياتها التخريبية، مهددة بذلك حياة المواطنين وأمن الدولة واستقرارها.
حادثة الأربعينية الأخيرة - لهذا العام - مثال صارخ على هذا الخطر... ؛ فقد كشف الأمن العراقي – وتحديدًا مفارز الحشد الشعبي – عن تسلل مجموعة من الإرهابيين السوريين والباكستانيين، وهم من المقيمين داخل العراق، بين صفوف الزائرين المتوجهين مشيًا على الأقدام... ؛ وقد كانت الخطة محكمة: اذ قرروا ارتداء ملابس الحشد الشعبي للتنقل بحرية في طريق المشاية، وحمل أسلحة ومتفجرات مخبأة، استعدادًا لتنفيذ مجزرة بحق الزوار... ؛ والتحقيقات أثبتت أن هؤلاء الإرهابيين على ارتباط بماضٍ دموي في سوريا، إذ وُجدت في هواتفهم صور ووثائق تثبت نشاطهم السابق في مناطق النزاع هناك... ؛ هذه ليست صدفة، وليست "حالة فردية"، بل هي نتيجة مباشرة لسياسة أبواب مفتوحة سمحت بدخول عشرات الآلاف من الغرباء دون تدقيق أمني جاد.
لقد كان قرار القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء بمنع دخول السوريين إلى العراق خلال فترة الزيارة الأربعينية خطوة أمنية صائبة، إذ ساهم في تضييق الخناق على الخلايا القادمة من الخارج... ؛ إلا أن هذه الخطوة، على أهميتها، تظل مؤقتة ومرتبطة بحدث موسمي، بينما المطلوب هو معالجة جذرية وحاسمة... ؛نعم الصواب الحقيقي هو الإغلاق التام والطرد الشامل... ؛ فالعراق اليوم لا يحتمل مجاملات إنسانية زائفة على حساب أمنه الوطني ، ولا يحتاج عمالة أجنبية في ظل بطالة ملايين الشباب العراقي، ولا يقبل أن تتحول أحياؤه ومدنه إلى بؤر مغلقة للجاليات الغريبة والاجنبية ، حيث يتشكل مجتمع داخل المجتمع، بثقافة ولغة وولاء غريب عن أرض الرافدين
إن حماية السلم الأهلي والأمن الوطني تقتضي منع أي تدفق غير مضبوط للأجانب والغرباء، وإغلاق الحدود أمام دخول العمالة واللاجئين من الدول ذات السجلات الإرهابية أو الهشة أمنيًا، مع ترحيل جميع الغرباء والدخلاء المقيمين بطرق مشبوهة أو دون أوراق رسمية... ؛ فالعراق، وهو يواجه تحديات داخلية هائلة، لا يحتمل إضافة عنصر خارجي قد يتحول إلى أداة لزعزعة استقراره.
إن إهمال هذا الملف يعني ترك أبواب البلاد مشرعة أمام قنابل موقوتة، لا يعرف أحد متى وأين ستنفجر، لكنها حتمًا ستستهدف الأغلبية الوطنية والهوية الجامعة للأمة العراقية... ؛ ومن هنا، فإن السيادة ليست شعارًا سياسيًا فارغًا، بل هي منظومة حماية متكاملة تبدأ من الحدود، وتمر عبر ضبط حركة المقيمين والوافدين، وتنتهي بسلامة المواطن وكرامته وأمنه على أرضه.
بيان تحذيري:
إلى الحكومة العراقية: إن دم العراقيين ليس سلعة للمساومة، وأمن الوطن ليس مجالًا للتجارب الفاشلة... ؛ و أي تساهل مع ملف الغرباء واللاجئين والعمالة الأجنبية سيُكتب في التاريخ كخيانة، وسيدفع ثمنه أبناء الجنوب والوسط وبغداد أولًا، ثم كل شبر من العراق.
وإلى الشعب العراقي: لا تنخدعوا بالشعارات الناعمة، ولا تتركوا أرضكم مرتعًا لكل دخيل وغريب ... ؛ طالبوا، واصرخوا، وواجهوا، فالوطن لا يحميه إلا أهله... ؛ اليوم نطرد الغرباء، أو غدًا نبحث عن وطن في خرائب الذاكرة ... ؛ ولنا في جرائم ومجازر ابناء الفئة الهجينة عبرة .
|