لم تمر ايام على شهادة الرسول الاعظم (ص) إلا وانقلب من كان حوله على اعقابهم ، وهذا ما تؤكده كل الادلة والنصوص المتفق عليها ، فالدليل القراني يقول: (أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) ، والدليل الحديثي والتأريخي يؤكد بعشرات النصوص المعروفة ان المنافقين ارتدوا وخالفوا اوامر الرسول الخاتم (ص) ، فقد ورد في اشهر الكتب المعروفة ان النبي (ص) ينادي يقوم القيامة : أصحابي ، فيقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى.
وفعلا لم يصبر المنافقون سوى ايام قلائل حتى بدأ مسلسل القتل لذرية النبوة ، وكانت البداية مع سبطه الثالث الذي سماه (ص) بالمحسن (ع) ، والذي كان يمثل ثُلث السادة في ذلك الزمان. فلقد امتدت يد الظالمين من اتباع الجبت والطاغوت على ريحانة الرسول (ع) ، وارتكبوا جرمهم العظيم بإسقاط جنينها الأخ الاصغر لسيدي شباب اهل الجنة (ع) في حادثة اليمة تمثل مقدمة لما سيحصل مع الحسين وطفله الرضيع في يوم الطف ، فكان المحسن (ع) آخر الاسباط الثلاثة للرسول الخاتم (ص) ولكنه أولهم في ركب الشهادة.
ولذلك كان نبينا في حياته يعتصر ألما كلما نظر الى الزهراء (ع) لعلمه بما سيحصل لها من بعده ، فكان يقول: وإنّي لَمّا رأَيتُها ، ذَكرتُ ما يُصنَع بِها بَعْدي ، كَأنّي بِها وَقَد دَخَلَ الذلّ بَيتَها ، وأنتهكَت حُرمَتها ، وغُصِبَ حَقُها ، ومُنعَت إرثَها ، وكُسرَ جَنبها ، (وَأَسقطَتْ جَنينها) ، وَهَي تُنادي : يا مُحمداه ، فَلا تُجاب ، وَتَستَغيث فَلا تُغاث ، فَلا تَزالُ بَعدي مَحزونَة مَكروبَة ، باكيَة.
|