• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : طقوس الطف الولائية .
                          • الكاتب : صباح محسن كاظم .

طقوس الطف الولائية

  لا ريب أن الخروج على الحاكم الظالم هو عين ما أراده الباري (عزّ وجل) وما ورد من عشرات النصوص القرآنية يكفي للاستدلال بمقاومة الظلم مثال على ذلك: (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ)؛ وما أكّده حبيبنا المصطفى محمد (ص): (من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ثم لم يغيّر عليه بقول ولا فعل كان حقيقاً على الله أن يدخله مدخله).
من هذا المنطلق الإلهي القرآني والنبوي نهض الإمام الحسين بن علي (ع) بثورته المقدسة لتبقى نبراساً وهاجاً، وشعلةً لن تنطفئ، وجذوة متقدة، وحرارة بقلوب عشاقه تتجدد ذكراها كل عام، بل بكل يوم (فكل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء) في ثنائية سرمدية وأزلية بين الخير والشر والحق والباطل ما انفك إلا بالصيرورة الدائمة لخروج الموعود ليملأها عدلاً بعد أن مُلئت ظلماً وجورا.
والملحمة المقدسة ليست ثورة عابرة أو خروج على مستبد وإزاحته أو مقاتلته وعدم مهادنته، بل هي ثورة متجددة في الوجدان والخيال الإنساني، فتجدها صورة شعرية للإباء والفداء، عندما يستلهمها الشاعر، وهي لوحة تشكيلية تعبّر عن ظمأ صبية بساحة الوغى، وخيام محترقة، وأصابع قطعت بلا ذنب، ومشهد مسرحي ميلودرامي يؤرشف ويمثل المأساة بنبل قائدها ودناءة مرتكبها، لتحكي للأجيال مشاهد من الترويع والألم الإنساني، وهي الدرس التأريخي للمفكر والباحث لإعادة إنتاج القيم والمثل؛ والكاتب يستلهم منها عناصر الثورة وحركة التأريخ...
 وما دام الصراع بين الخير والشر يتجدد بين الحكام والمحكوم، بين الطغاة والمستضعفين، فالضرورة تتطلب تفكيك ظاهرة الاستبداد والظلم المتجذر بنفوس الحكام الطغاة... والخروج والنهضة والثورة لا يتحملها إلا كبار النفوس المجبولة على مقارعة الباطل، والذين يذودون عن الحق ولو جادوا بأنفسهم، وهم مصممون على التضحية من أجل الحرية...
 ومنذ شهادة سيد الشهداء (ع) إلى يومنا المعاصر يمارس عشاق الشهادة طقوسهم المختلفة لإحياء تلك الثورة، وهم ينطلقون من الآية الشريفة (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ). وقد كتب عشرات من العلماء والباحثين والمحققين عن تلك الشعائر وجدليتها، كما في كتاب (جدل ومواقف في الشعائر الحسينية) لمجموعة من الباحثين صدر عن دار الهادي، وضحوا به الأداء والكيفية، وحلية بعض الشعائر وحرمة بعضها. 
وفي تقويم الشعائر الحسينية (6) في السلسلة الحسينية الصادر عن العتبة الحسينية المقدسة، ورد: (الفطرة السليمة هي التي تحث الإنسان على محاولة الإنقياد ونيل الرضا الإلهي والتسليم لأمره تعالى، فالعبادة نابعة من الذات الإنسانية السليمة، والشعائر الإلهية أحد مصاديق هذا التسليم لله تعالى والمودة لأهل البيت (ع) التي أمرنا الله بها: (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى).
 ومن الإصدارات المهمة جداً التي تناولت الشعائر الحسينية، ما كتبه المحقق والمؤلف الباحث د. سعد الحداد في كتابه (الشعائر الحسينية الأثر والأهمية) ذكر الباحث: (إنّ ما قيل بحق الحسين (ع) من الشعر لم تحفل به أي شخصية في تاريخ الإنسانية (مدحاً ورثاءً)، ولم تحظ واقعة في التاريخ مثلما حظيت به واقعة الطف من تسجيل دقيق، ما زالت أقلام الكتاب والمؤلفين والشعراء تسطّر بمدادها أصفى الصور وأنقاها وبمختلف اللغات واللهجات).
 ثم يعرج المحقق د. سعد الحداد على ما ورد عن آل البيت في البكاء على مصيبة الحسين (ع)، وفي آليات الشعائر الحسينية وتفعيلها يرد ويتصدى بعلمية على من يرد ويعدها بدعة: (إن الشعائر طاقة هائلة مختزنة في جوهرها القرآني، وسنّة فاعلة في عمقها الرسالي؛ فالتعظيم للذات المقدسة من خلال الأداء الواعي للشعائر يعزز الممارسة الإيمانية البعيدة عن الرياء والخداع، الذاكرة لله سبحانه وتعالى بالتمجيد والتهليل والتكبير والتسبيح، وبكل أسلوب لا يعارض العقل أو العرف).
 وقد أكد المؤلف على آليات نشر الوعي بنقاط مهمة ومفصلة بدعم الدراسات والمؤلفات، وتحقيق المخطوطات والمهرجانات البحثية والشعرية والأدبية والفنية، والاهتمام بالمسرح الحسيني، وتكريم المبدعين، وإقامة المعارض التشكيلية وغيرها...
 وعرج بنقاط مهمة على المنبر الحسيني، وإرساء القواعد لفن الخطابة، ثم ينتقل إلى الاهتمام بالمواكب الحسينية بانتخاب المشرفين ممن يلتزمون بالورع، ويركز المؤلف بكتابه في وريقاته الأخيرة على أهداف الشعائر الحسينية وأهميتها بنقاط مفصلة ومهمة، وهي تعد جوهر الشعائر من خلال إضاءة كل فقرة بمصاديق الآيات والحكمة من تلك الممارسات التي تربط الإنسان المسلم بتضحية الإمام الحسين (ع).
1-القرآن الكريم
2-بحار الانوار -المجلسي-ج44 ص382
3- ثورة عاشوراء شمس الشهادة - السيدعلي الخامنئي-ص153
4-بين المنبر والنهضة الحسينية -الشهيد مرتضى المطهري- ص455 
5-في رحاب عاشوراء ج1-محمد مهدي الآصفي ص 564
6-تقويم الشعائر الحسينية من وحي الثورة وفتاوي الإمام السيستاني بقلم حسن الهاشمي -ص65
7- الشعائر الحسينية الأثر والأهمية -الدكتور سعد الحداد -ص18
8-نفس المصدر ص29




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=206580
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 08 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 08 / 15