انعقد صباح اليوم التاسع من صفر الخير 1447 هـ / الرابع من آب 2025 م، المؤتمر الحادي عشر لمبلّغات زيارة الأربعين الكريمات، برعاية الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وبمشاركة قرابة (1100) مبلغة من مختلف المحافظات العراقية.

استُهل المؤتمر بتلاوة مباركة من آيات الذكر الحكيم، أعقبتها كلمة توجيهية لسماحة الأستاذ في الحوزة العلمية السيد رياض الحكيم (دامت بركاته)، تضمنت مجموعة من النقاط المهمة التي تمثل خارطة طريق للمبلّغات الكريمات في أداء دورهن الرسالي خلال الزيارة المباركة.

افتتح سماحته كلمته بالتأكيد على ضرورة استذكار المسؤولية الكبرى التي تتحملها الأخوات المبلّغات في مثل هذه المناسبات الإيمانية، داعيًا إلى تذكير الزائرات بأنهنّ في موضع استهداف مباشر، خاصة في مثل هذه الزيارات الجماهيرية. وأوضح أن هناك تركيزاً خارجياً وداخلياً على تضخيم التصرفات الفردية لبعض الزائرات بقصد تشويه صورة الزيارة، مما يستدعي الحذر والتنبيه من قبل المبلّغات.

وبيّن السيد الحكيم أنه من الضروري أن تخرج المبلغة عن نمط التبليغ التقليدي، وأن تتفاعل بواقعية مع المشاكل الاجتماعية المتنوعة التي تعاني منها الأسر، مشددًا على أهمية رصد الإشكاليات الشائعة والاستماع للزائرات، وعدم الاكتفاء بطرح عام لا يعالج جذور التحديات.

وأشار سماحته إلى وجود إشكالية كبيرة في واقع المرأة المعاصرة، تتجسد في تعدد المسؤوليات بين الدراسة، والعمل، والبيت، وهو ما يتطلب تسليط الضوء على دور المرأة المحوري في الأسرة، وضرورة إبراز هذا الدور كأصل ثابت في التكوين الاجتماعي.

وفي محور آخر من كلمته، أكد السيد الحكيم على أن البصيرة عنصر أساسي يجب تنميته لدى الزائرات، لا سيما أن المجتمع النسائي تغلب عليه العاطفة، وهو ما قد يؤدي إلى التفاعل غير الواعي مع بعض القضايا. وأضاف: “نحن لا ننكر دور العاطفة، لكنها وحدها لا تكفي، خصوصاً في التعامل مع المسائل الشرعية”. وبيّن أن الموالاة لأهل البيت (عليهم السلام) لا تقتصر على الشعور العاطفي، بل لا بد أن تكون مقرونة بالبصيرة والوعي والفهم الديني العميق.

وأوضح سماحته أن البصيرة تُثمر نتيجتين جوهريتين: الأولى أنها تحصّن الإنسان من الوقوع في الفتن، والثانية أنها تُعينه على الصبر والثبات أمام التحديات، وتمنحه القدرة على الصمود في مواجهة الضغوط والابتلاءات.

واستشهد السيد الحكيم بنماذج من التأريخ الإسلامي، حيث واجه أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحاب الأئمة (عليهم السلام) أقسى أنواع الابتلاءات، من السجون، والقتل، والمطاردة، مشيرًا إلى أن واقعنا الحالي يمثل نعمة عظيمة تستوجب الشكر والتقدير، لكوننا لم نواجه مثل تلك التحديات.

وشدّد سماحته على ضرورة أن تُذكِّر المبلغة الزائرات بالتضحيات الجسيمة التي سطّرها المؤمنون الأوائل، والتي مهّدت لهذه الزيارة الأربعينية المباركة أن تأخذ هذا الشكل الواسع، مؤكدًا أن غفلة الزائرة عن هذه التضحيات تُضعف ارتباطها الحقيقي بجوهر المسيرة.

وأضاف أن المرأة المؤمنة تُعد من أكثر الشرائح عرضةً للتغيير في هذا العصر، حيث تواجه تغيرات متسارعة في أنماط السلوك، واللباس، وطبيعة العلاقات الاجتماعية. لذا، دعا سماحته إلى أن تعمل المبلغة على تعزيز الثقة بالنفس، والاعتزاز بالحجاب والمذهب والإيمان، وتنمية العزيمة والاستقامة في مواجهة الضغوط الاجتماعية.

وختم السيد رياض الحكيم كلمته بالتأكيد على أهمية التوكل على الله تعالى وطلب العون منه، مبينًا أن التوفيق في العمل التبليغي مرهون بصدق النية، والدعاء، والمجاهدة. كما دعا المولى عز وجل أن يبارك في جهود القائمين على المشروع، ولا سيما الأخوات المبلّغات، لما لهنّ من دور كبير في الحفاظ على الهوية الدينية وتعزيز الوعي في المجتمع النسوي.

واُختتم المؤتمر بـ مجلسٍ حسينيٍ مبارك ارتقى منبره سماحة الشيخ محمد الخويلدي (دامت توفيقاته)، إحياءً لمصاب أهل البيت (عليهم السلام) وتجديداً للعهد مع مبادئ النهضة الحسينية الخالدة.

ويُذكر أن الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وللسنة الحادية عشرة على التوالي، تنشر مبلغاتها الكريمات على مختلف الطرق المؤدية إلى كربلاء الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث يضطلعن بدور إرشادي وتوعوي متميّز، من خلال الإجابة على أسئلة الزائرات، وتقديم النصح والتوجيه، والمساهمة الفاعلة في إحياء شعائر المسيرة الأربعينية المباركة