• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ولنا في [ أصحاب الحسين ع ] أسوة حسنة / ٨ سعيد بن عبدالله الحنفي .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

ولنا في [ أصحاب الحسين ع ] أسوة حسنة / ٨ سعيد بن عبدالله الحنفي



قال تعالى [ ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخۡشَوۡنَهُۥ وَلَا يَخۡشَوۡنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبٗا ] الأحزاب ٣٩

رساليون : تارةً نجد شخصاً ( أو جماعةً ) يحمل هدفاً معيّناً ، وتارةً نجد آخر صاحب رسالة وليس هدفا ، وبين الهدف والرسالة عموم وخصوص مطلق كما يُعبّر ، أي أن كلَّ رسالة هدف وليس كل هدف رسالة ..

وما يمكن أن نسجّله من فارق هو أن صاحب الرسالة يحمل مبدأ ويمسك بقضيّة ، أهدافه غير شخصية ويحمل همّ جماعة أو أمّة ، ثم أن صاحب الرسالة يهتمّ بنظافة الوسائل والأدوات المستخدمة والغاية عنده لا تبرر الوسيلة ، ولهذا تجده أكثر صرامة وأكثر مثالية في التطبيق ، والرسالي يرى نفسه حلقة ضمن سلسلة حلقات تتجه بانتظام نحو الأمام ، يؤمن الرسالي بالمرحلية ويعمل وفق مبدأ تعدد الأدوار ووحدة الهدف .. ان تكون صاحب رسالة بمعنى أنك تسير وفق خارطة وتعمل وفق تخطيط ، لا فوضى في المسير ولا عشوائية في الحركة ..

هكذا هم أصحاب أبي عبدالله عليه السلام ، رجال رساليون وشهداء فاتحون ، استطاعوا بقيادة سيّدهم وملهمهم ان يعبروا برسالة الإسلام وينقذوها في أخطر مراحلها وأعقد ظروفها وتحدّياتها ( على الإسلام السلام إذ قد ابتليت الأمة براع مثل يزيد ) ..

تعالوا معي الى شهيد الطفّ ( سعيد بن عبدالله الحنفي ) ولنتعلّم منه الروح الرسالية على أصولها ، استطاعت هذه الآيقونة الكربلائية أن تضع لها قدم صدق مع الحسين في رسالته ونهضته وذلك من خلال صلابة الموقف وقوة القرار والبصيرة في الأمر منذ اللحظة الأولى التي اختاره فيها أهل الكوفة رسولاً لهم الى أبي عبدالله الحسين عليه السلام ، ثم رسول الحسين اليهم ثم رسول مسلم بن عقيل الى الحسين عليه السلام .. وبقاءه مع الإمام حتى شهادته سلام الله عليه يوم عاشوراء ..

له كلمة خالدة تفصح عن شخصية هذا الرجل وأبعادها الرسالية الراسخة ، ففي ليلة العاشر من محرم .. خطب الإمام الحسين عليه السلام في أصحابه خطبته التي قال فيها [ وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا .. ) .. قام سعيد بن عبدالله الحنفي فقال للإمام ع [ والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا نبيه محمداً ص واله فيك ، والله لو علمت أني أقتل ثم أحيى ثم أحرق حياً ثم أذر يفعل بي ذلك سبعين مرة ، ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا ] .. فهو ينطلق من مبدأ وعقيدة تتمثل بواجب حفظ رسالة النبي برسالة خليفته ووصيّه الشرعي ، ثم انتقل الى شدة استعداده للتضحية في سبيل هذا الواجب ومهما كان الثمن ، ثم ختمها بالنتيجة والتي هي الكرامة الأبدية ..

ثم تعال معي بأي شهادة فاز سعيد الحنفي ، كان درعاً لأبي عبدالله عليه السلام عندما قام يصلي صلاة الخوف في عرصات كربلاء ، وقف يحميه بجسده من السهام والنبال ، فاستقبلها بوجهه وصدره ويديه حتى سقط في علياء الخلود وهو يردد [ اللهم العنهم لعن عاد وثمود ، اللهم ابلغ نبيك عني السلام ، وابلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فإني أردت ثوابك في نصرة نبيك ] ..

من يريد أن يكون حسينياً لا بدّ له أن يكون رسالياً ، عقيدةً وفكراً وعملا ، أن تكون خطواته ، تحركاته وسكناته وفق منهج قد اختاره مسبقا ، عاشوراء رسالة الحسين الى أمة جده صلى الله عليه وآله ، رسالته في الإصلاح ومحاربة الظلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل الغالي والنفيس من أجل الدين وشريعة سيد المرسلين ، وكل ما يتصل بعاشوراء لابد أن يحمل جانباً من جوانب رسالة أبي عبدالله وأن يكون أميناً في حملها ، فصاحب الموكب والباذل الطعام والمعزي والزائر الى الحسين ماشياً أو راكباً والكاتب والشاعر والرادود .. كل اولئك حملة رسالة عاشوراء .. فلنتفطن جميعا ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=206407
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 08 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 08 / 7