تحدثنا فيما سبق من خلال أدوار حياة الإمام الحسن المجتبى "عليه السلام" الثلاثة حيث عهد (جدِّه، وأبيه، وإمامته) عن الدرس الأول وهو (أثر البيئة والتربية)، والدرس الثاني وهو (أثر العلم والمعلم)
وننتقل إلى بيان الدرس الثالث في هذه الحلقة.
-١-
ثالثًا✍🏻: أثر التاريخ والواقع.
لقد اعتنى المشرِّع الإسلامي بأهمية الإفادة من تجارب الأمم السالفة وواقعهم، وأثر ذلك في الحياة العامة والخاصة.
وعندما ندرس ذلك في سيرة الإمام الحسن نرى أمورًا متعددة، ومن الحكمة التأمل فيها📖:
١- انحراف الأمة يوم السقيفة بعد رحيل النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله وسلم" برغم التأكيدات المتعددة منه على الإمامة والولاية، والتي كان آخرها قبل رحيله بشهرين تقريبًا في يوم الغدير.
٢- محاولات إبعاد أهل البيت "عليهم السلام" عن شؤون الحياة العامة والمناصب التي يمكن العمل من خلالها، فقد أوكلت كثير منها للأعداء والأدعياء وغير المخلصين.
٣- كثرة الحروب والمؤامرات التي قام بها أعداء أهل البيت، ومن أشهرها الحروب الثلاثة (الناكثين أصحاب الجمل، والقاسطين أصحاب صفين، والمارقين أصحاب النهروان)، ومعاناة الأمة من ذلك.
٤- الابتلاء بالعدو المنافق الذي اتخذ من الإسلام لباسًا لمصالحه العدائية، وشعارًا للثارات الجاهلية، وهو معاوية بن أبي سفيان.
-٢-
ومن الأمثلة المتعددة في الشريعة المقدسة التي تحث على الإفادة من التاريخ والواقع ما يأتي📖:
١- قصص الأنبياء في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: ((لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ))، وقال تعالى: ((فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)).
٢- وصايا لقمان الحكيم العشرة لابنه وهو يعظه بما ينفعه لأمور الدين والدنيا.
٣- الوصية العظيمة الخالدة من أمير المؤمنين لولده الإمام الحسن "عليهما السلام" وما فيها من آثار كبيرة.
-٣-
وعلى المجتمع أنْ يؤدي رسالته من خلال الأمور الخمسة الآتية✍🏻📖:
١-✍🏻 قراءة التاريخ قراءة تأملية وتحليلية؛ للإفادة من وقائعه للحاضر والمستقبل، حيث تشابه الأحداث في بعضها.
٢-✍🏻 عدم الاغترار بوعود الأعداء والمنافقين وعهودهم، حيث لا أمن ولا أمان لهم، كما رأيناه في الماضي والحاضر.
٣-✍🏻 إعداد المناهج الفكرية والتاريخية من خلال مراكز البحث والدراسات الحديثة.
٤-✍🏻 تعليم الجيل وتثقيفهم وتدريبهم على القراءة الواعية للتاريخ والواقع، وأنْ يكون لهم دور مهم في ذلك.
٥-✍🏻 أنْ تؤدي الحكومة دورها في بناء المؤسسات الاستراتيجية، وتهيئة الدراسات السياسية والعسكرية، وبناء القدرات الذاتية لأبناء الوطن.
أخيرًا✍🏻 .. إنَّ هذه القراءة المجملة للواقع التاريخي الذي أحاط بالإمام الحسن المجتبى "عليه السلام" جعلته يتخذ ذلك القرار التاريخي في الوقوف بوجه أعداء الدين عسكريًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا بما يحفظ كرامة المقدسات، وهذا يدعوننا للتفكير والتأسي بأهمية ذلك على وفق متطلبات الحياة المختلفة المعقدة.
خادم الثقلين
الأحد ٨ صفر ١٤٤٧هج
٣-٨-٢٠٢٥م
|